ملتقى المرأة الثامن يتلمس إرادة الزهراء (ع)
بشائر – الدمام
بعنوان: ماذا نريد من الزهراء وماذا تريد الزهراء منا أقامت لجنة إحياء الولاية يوم الجمعة الماضي ١٧ جمادى الآخرة ملتقى المرأة الثامن بمزرعة النمر في سيهات.
نوقشت في الملتقى ثلاث أوراق لثلاث شخصيات حوزوية وأكاديمية، قدّمت مقارباتها للإجابة عن محور الملتقى (ماذا نريد من الزهراء وماذا تريد الزهراء منا).
في ورقتها (دور المرأة القيادي والإداري..) ناقشت الأستاذة زيبا عبد رب النبي -أكاديمية وأستاذة حوزوية ومترجمة من مملكة البحرين- مسألة القوامة وحدودها. وأنها بحسب الرؤية الإسلامية دور موكول إلى الرجل يجعله مسؤولا عن حماية أسرته ورعايتها، ما يكفل للمرأة أن تقوم بدورها على أكمل وجه. مستبعدة الفهم الخاطئ للقوامة الذي يفسرها كتسلط وسيطرة ذكورية.
وبيّنت أن الثقافة الإسلامية تعتبر إدارة الأسرة مسؤولية مشتركة بين الزوجين، وأن إدارة الرجل تأخذ شكل (قوامة)، في حين تأخذ إدارة المرأة شكلا مختلفا يتراوح بين (ظاهر، وخفي، وأخفى). وشرحت بأن بعض الجوانب في حياة الأسرة تديرها المرأة بشكل خفي، منها الجانب العاطفي، وإشاعة جو الألفة السكينة والسرور والحميمية داخل البيت. ومنها الجانب الاقتصادي الذي تديره المرأة بشكل خفي بحسن تدبيرها واقتصادها.
أما نمط الإدارة الأخفى فقالت أنه يجري في حالات خاصة، كما في دور آسيا بنت مزاحم في احتضان رسول السماء وحمايته من بطش فرعون تحت عنوان عاطفي ظاهرا. مشيرة إلى أن الأنماط الخفية في الإدارة يمكن أن توظف سلبيا وفي جانب الشر.
واختتمت أ. زيبا ورقتها بالإشارة إلى أن للمرأة دورا عظيما لا يتحمله الآخر، فيلزم المرأة الواثقة بنفسها أن تلجأ إلى الخفاء في إدارته، مستلهمة قدوتها ليلة القدر الخفية سلام الله عليها (ولكن أكنّوا عن اسم فاطمة)*.
العالمة الفاضلة أم عباس الطاهر النمر تعرضت في ورقتها المعنونة (حب الزهراء ضرورة كمالية لكل امرأة) إلى ضرورة سعي المرأة إلى صرف رأسمالها العاطفي والقلبي في موجود لا نظير له ولا كفو بحيث يضمن لها هذا التعلق سلامة قلبها يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.
وبينت الأستاذة الفاضلة أن للزهراء عليها السلام خصوصية ومرتبة وجودية عالية استحقت عليها أن تتعلق بها القلوب، فالقلوب تتعلق بالوجودات الأكمل والأسمى والأكثر تفردا.
وشرحت بأن تفرد الزهراء عليها السلام تفرد وجودي ذاتي وليس عارضا، فهي سلام الله عليها لا تستمد تفردها من كونها بنت رسول الله أو زوجة لأمير المؤمنين، أو أمّا للأئمة، فتلك امتيازات غير منحصرة فيها بل شاركتها فيها نساء أخريات.
ومرتكزة على رواية عن الإمام الصادق عليه السلام “لو لم يُخْلَقُ علي ما كان لفاطمة كفؤ” بيّنت الأستاذة أن الكفوية هنا ليست اعتبارية بل جوهرية واقعية. فلو كانت كفوية اعتبارية لكانت علة لكمال اعتباري. بل إن الكمالات الاعتبارية إنما تتفتح وتتجلى نتيجة للكمال الواقعي.
وفي سياق حديثها عن الخصوصية الثانية التي تستدعي محبة الزهراء أشارت الأستاذة إلى البعد الاجتماعي في شخصيتها سلام الله عليها، فمع كثرة ما عاصرت من حروب وصراعات في الواقع الإسلامي إلا أنها لم تبرز فيها ولم تبارز ولم تسجل فيها حضورا بمستوى حضورها في الإشهاد على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وأخذها الإقرار على المسلمين، في موقف لا مثيل له إلا إشهاد الله الخلق في عالم الذر على ربوبيته تعالى.
واختصرت الأستاذة الفاضلة إجابتها عن السؤال المحوري للملتقى بالقول: (نحن نريد من الزهراء أن نحبها، والحب يستدعي الطلب والمحركية، فأهم فرائض الحب بروزه في مقام العمل، فهو يفطم الإنسان عمّا عدى متعلقه، فالحب يعبئ قلبك ولا يترك فيه فراغا لشيء يناقض هذه المحبة. حب فاطمة فاطم عن النقص، وهذا البرنامج الحبي هو نمط حياة).
(إنصاف المرأة من الأنثى) كان عنوان ورقة الدكتورة طاهرة عبد الخالق -استشارية نفسية وأسرية من عمان- تعرضت فيها لمفاهيم الجندر والهوية الجنسية والمساواة بين الجنسين.
سلطت الضوء فيها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة (سيداو) وهي معاهدة دولية اعتمدت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة.
وذكرت أن مصطلح الجندر يشير لدى واضعي هذه الاتفاقية إلى التفرقة بين الذكر والأنثى على أساس الدور الاجتماعي لكل منهما، تأثرا بالقيم الاجتماعية والدينية والثقافية السائدة. فمصطلح الجندر يصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية. واستشهدت د. اللواتية بمقولة سيمون دي بوفوار -وهي من مؤسسي مصطلح الجندر- (إن الشخص لا يولد امرأة بل يصبح امرأة).
ثم تعرضت إلى ما يترتب على مفهوم الجندر من إشعال العداء بين الجنسين والزج بهما في صراع إثبات الذات.
وبينت أن اتفاقية سيداو التي خرجت من الأمم المتحدة قد تناقضت تناقضا مخجلا مع ميثاق الأمم المتحدةالذي نص على احترام كافة نظم الاعتقاد الديني في العالم.
وختمت الدكتورة ورقتها بتقديم موقف الإسلام من المساواة بين الجنسين. فقالت بأن الإسلام أقر مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى في القيمة الإنسانية، فاعتبرهما متساويين أمام الله عز وجل، في الخلقة وفي الحقوق والواجبات داخل الأسرة وخارجها. لكنها ليست المساواة الحرفية؛ فلا تشمل التكوين الحيوي البيولوجي، ولا تشمل الوظائف الطبيعية الفسيولوجية التي ينتج عنها اختلاف في التكاليف وتمايز في الأدوار والمسؤوليات الدنيوية لكل منهما.
الملتقى الذي يقام سنويا بمناسبة ولادة الصديقة فاطمة الزهراء (ع) استمر لخمس ساعات، بحضور حاشد، تخللته ورش تفاعلية، ومعرض للوحات الفنية، وزاوية للكتب. كما عرض فيه فيلم بعنوان (أفندية)، واختتم بقصيدة للشاعرة سكينة الموسى.