ثلوثية الخدام.. يلقون قصائدهم في رحاب الزهراء
بمناسبة ذكرى ميلاد الصدّيقة البتول سلام الله عليها أقام أعضاء (ثلوثية خدّام الإمام الحسين) مساء الأربعاء أمسية شعرية بمجلس الحاج سعد الدوخي بالدمّام.
قدّم الفقرة القرآنية السيد مجتبى الشخص، وأدار الأمسية (الشاعر قصي المؤمن).
حضر الحفل لفيف من الموالين، وخَدَمة الحسين، وشعراء كبار من ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام؛ متمثلاً برئيسه الأستاذ الشاعر علي ملا طاهر البحراني والأستاذ الشاعر سيد هاشم الشخص والأستاذ الشاعر باسم العيثان وجمع من الرواديد وعشاق فاطمة (ع).
ألقى أولى القصائد الشاعر لؤي حبيب الهلال وكانت بعنوان (قصة الحبّ العتيق) ترنّمت بعشق الزهراء الأمّ التي تلهم بنيها معاني السمو والريادة والزهد واليقظة (هي قصتي عني وفاطمة العلا * ما عِشتُني إلا على أرزاقها // ووجدتُها أمًّا تَحِنُّ إذا هَوَت * نفسي إلى الدنيا وسِحرِ مذاقها).
القدّيسة التي يغترف الوجود من فيض طهارتها، وتلوذ الموجودات بفضائلها (ومدينة صارت بحجم مجرّةٍ * تستقبلُ الزُّوارَ في أحداقها // هي باب نور الله عزّ مثالها..).
ارتقى المنصّة بعده الشاعر المبدع حسن طاهر المعيبد وشارك بقصيدة باللهجة العراقية تحكي عن السخاء الفاطمي الذي يدين له الوجود كله، وعن عطائها سلام الله عليها الذي شمل الكائنات الأرضية والسماوية، وإيثارها على كل المستويات: من تقديم قوت يومها للمحتاج، وحتى تقديم ذريّتها قرابين لحفظ الدين: (توزّع ع الفقاره ولو خلص لشعير * تدز احسين بجفوفه كلب مطحونمن اهناه للعرش كل بقعة لمسة جود * بحيث المُنتهى لام الحسن مديون).
فقرة قراءة المولد الشريف كانت مع الرادود الحسيني مصطفى جواد، ولقيت تواشيحه تفاعلا من الجمهور شأن بقية قصائد الحفل.
“كسرة خلد” للشاعر الأديب علي النمر، تناولت حادثة الإطعام التي نزلت فيها سورة [هل أتى]. حيث يرصد الشاعر تلك اللحظة التي طرق فيها اليتيم باب بيت عليّ وفاطمة، ولأن الشاعر متقدّم زمنيا على الحادثة فهو على علم بجريان الأحداث. فنراقب -نحن المستمعون- اليتيم في خطوه نحو الباب، ونسمع الشاعر وهو يخبره عن (الرزق الذي ينتظره خلف ذلك الباب العظيم)، ويعِده بأن ما ينتظره ليس محض طعام يشبع جوعه فحسب، بل هي أرغفة سماوية عجيبة، بمقدور كسرة منها أن تخلّصه من يتمه وجوعه وتذيقه طعم الخلود! (اطرق فقد يغدو ليتمك والد..).
ويواصل الشاعر سفره إلى طبقة زمنية أسبق؛ إلى تلك اللحظة التي كانت فيها كفّ فاطمة تدير الرحى لتطحن الشعير وتعجنه وتخمّره وتخبزه. مستشعرا رقّة تلك اليد التي لا تطحن الحَبّ بل تذيبه بحنانها، لتُنضج تلك الأرغفة نفسها بحرارة الشوق (من قال أن الحَبَّ يؤلم طحنه * إن كان كف للبتولة دوّرا // سيذوب حبا قبل وقت طحينه * أنى لهذا الحَبّ أن يتصبّرا // وعلى صفيح الود يخبز نفسه * بالشوق ، أنضج محتواه وحمّرا // لله هذا الخبز كم من مرة * صام الجمال على مداه وأفطرا).
في المشهد الثالث من قصيدته يأخذنا الشاعر النمر إلى مكة حيث طفولة الزهراء (ع). تلك الطفلة التي أيتمتها الأيام؛ فكانت أمّا للوجود (تلك الصغيرة كان حجم بهاءها * يسع الحقيقة والخيال وأكثرا // كانت رحى الأيام ترسم يتمها * بالأم، أمًّا للوجود وكوثرا).
وألقى الشاعر الولائي القدير أبو تراب الأحسائي قصيدة باللهجة العراقية عابقة (برائحة المضايف وقهوة الشيوخ) القصيدة زخرت بالصور الجمالية المعبّرة عن كريم السجايا، والقداسة، والصلة الوثيقة بالسماء (يا هيبة الهيبة الذي لو هوا * من يمنتج مَرْ عله كمره انطفت // يمناج دللها الله لآخر وحي * ومن خزنة الله شما تريد اِغْرُفَت // فاطم- وحرفج نافذه اعله العرش * يل ماكو مثلج بالوحي اتغلّفت // يل ماكو مثلج وانتي فكرة صُبُح * نيتج اِبْهذا العالم اتصرّفت).
في الختام كرّم الشاعر القدير السيد هاشم الشخص وجمع من أعضاء الثلوثية العم سعد الدوخي لاحتضانه هذه الفعالية، كما تم تكريم الشعراء المشاركين.