أقلام
العباس بن علي (ع) رمز الأخوة
عبدالله اليوسف
الأخوة كلمة عظيمة وهي شعور عميق وانتماء قوي بين شخصين، وربما تكون الأخوة ليست من الأب أو الأم، لكنها شعور يجمع بين اثنين يربطهما رابط مقدس، وهو أخوة الإسلام والإيمان والعقيدة. وقد تجسد هذا الشعور كثيرا، وأقرته الشريعة الإسلامية، وكان مفخرة من مفاخر الإسلام، الذي آخى بين المهاجرين والأنصار، وبين الرسول (ص) وابن عمه علي ابن أبي طالب (ع).
وهنا كانت الأخوة عنوانا لكل رابط يحمل تلك المشاعر والأحاسيس، حيث يبذل كل منهما للآخر ما يملك، ويسخر كل حركة وهمسة ونظرة من أجله.
ومن هنا كانت بداية رحلة عاشوراء، وحركة النهضة، حيث اختار السبط أخا له من أبيه، ربطته به أم بحسن التربية والتعليم منذ الولادة، تربية تحث على الشجاعة والتضحية والبطولة، أم صنعت من هذا الوليد نموذجا من التكامل والانصهار مع إخوته وسادته، علاقة التلميذ بالأستاذ والجندي بقائده.
فكانت حياته تحت أمره، لا يشعره أنه أخوه فقط، بل إنه سيده على الدوام. وكانت حياة هذا البطل من بدايتها إلى نهايتها مسخرة لخدمة السبط، وتلبية لندائه. كل ذلك بان أثره في كربلاء المقدسة، فكان الناصر والمعين، والمدافع وصاحب الموقف، الذي خلد على مدى الأيام والأزمان، رمز الإيثار والتضحية، يضن على نفسه بقليل الماء حفاظا على تلك العلاقة الأخوية.
تلك النفس الكبيرة التي تربى عليها، وامتداد مشاعر الأخوة والمواساة في كل الموقف، تدمع عينيه دما لأنه لم يستطع إيصال الماء إلى أطفال أخيه.
ترجل الفارس عن فرسه بكفوف مقطوعة، وعين غرس بها سهم، ورأس مضروب بالحديد، وهنا تبرز الأخوة بنداء أدركني يا أخي! فيفرح ويتهلل وجه السبط لسماع نداء الأخوة، لكن سرعان ماعظم الجرح، ودمعت العين، لما حل بأخيه، فها هو يقف على جسده، ويضع يده على ظهره، معبرا إن فقدك قصم ظهري، وهدم عمود معسكري، و كسر رايتي، وآل شملي إلى الشتات، ويعود السبط مثكولا حزينا إلى أهله، وينتزع عمود خيمته، قائلا لهم ذهب أخي وعمادي وسندي.
إنه جرح كبير في قلب السبط الشهيد، حيث يفقد أحد أعمدته، ويظهر الانكسار في جيشه، فأين من يحمل الراية من بعده ..
ويبقى ذلك البطل خالدا في ضريحه، ومقاما شامخا يزار، ومشعل هداية وبابا للحوائج.
السلام عليك يا أبا الفضل! يارمز الإخاء والوفاء! رزقنا الله في الدنيا زيارتك، وفي الآخرة شفاعتك، والثبات على حبك وذكراك.
يقول الشاعر السيد أحمد العلوي:
إن عاشوراء وعي وثقافة
وهي من ماء أبي الفضل ارتشافة
كلما نمشي لكي نفهم بحرا
زادنا نحر أبي الفضل مسافة