أحداث تاريخية بصمت تاريخ شهر رمضان
سارة الصحراوي – الدمام
لشهر رمضان الكريم مكانة خاصة في نفوس المسلمين في أرجاء بقاع العالم، لكون شعائر وأجواء هذا الشهر تبعث في المسلمين طاقة روحانية وتفاؤلا عظيما، جعلته على مر التاريخ مسرحا زمنيا لأحداث مهمة، بصمت تاريخ الأمة الإسلامية، إذ يحفل هذا التاريخ بأحداث ووقائع عظيمة، شكلت منعطفات بالغة الأهمية في مسار البشرية بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة. وفيما يلي سـنستعرض أهم هذه الأحداث التي خلدها التاريخ الإسلامي.
نزول القرآن:
يعتبر أول حدث بارز في تاريخ الأمة الإسلامية تزامن مع شهر رمضان، هو نزول القرآن الكريم وحيا على الرسول صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان“، ونزل تحديدا في ليلة القدر لقوله تعالى:“إنا أنزلناه في ليلة القدر“. واستنادا إلى أحاديث صحيحة، فإن نزول الوحي كان بالتحديد يوم الإثنين 21 من رمضان قبل طلوع الفجر الموافق لـ10 من أغسطس عام 610 ميلادية حين كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم 40 سنة، بعد أن أنزل الله عليه جبريل قائلا: “إقرأ” فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “ما أنا بقارئ”،وكرر عليه جبريل نفس الأمر ثلاث مرات، وكان لـلرسول صلى الله عليه وسلم دائما نفس الرد: “ما أنا بقارئ”، ثم قال له جبريل عليه السلام: “اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربّك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم“، فكانت هذه أول آيات كريمة نزلت من القرآن الكريم، ليصبح هذا أعظم حدث في تاريخ الأمة الإسلامية.
غزوة بدر الكبرى:
غزوة بدر الكبرى أو غزوة الفرقان، لها أيضا وقع كبير في ذاكرة المسلمين، لكونها شكلت منعطفا مهما في تاريخ مجدهم، وقدوقعت في الـ17 من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، وهيالغزوة التي جمعت المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم،وكفار قريش بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي. ما ميز هذه المعركة هو هزيمة المشركين الذي كان عددهم أزيد من تسعمائة وخمسين رجلا، على يد المسلمين الذين لم يتعدى عددهم ثلاث مائة وأربعة عشر رجلا، وهذا الانتصار مكن المسلمين من تحقيق مكاسب هامة من أموال وغنائم، إلى جانب رفع راية الإسلام وجعل المسلمين مُهابين من طرف قريش.
فتح مكة:
تمكن المسلمون كذلك من تسجيل حدث فريد في العشرين منرمضان من السنة الثامنة للهجرة، بعد فتحهم لمكة. فقد دخل المسلمون مكة غاضبين عندما انتهكت قريش عهدها معهم في صلح الحديبية، وإثر ذلك، قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتجهيز جيش مكون من عشرة آلاف مقاتل، والذين دخلوا مكة سلما دون قتال، مما قوّى شوكة المسلمين و قهر جيوش المشركين،حين كان لذاك الفتح السلمي أثر عظيم على الكثير من سكان مكة الذين اعتنق الكثير منهم دين الإسلام، إعجابا برحمة النبي وجيشه. ومن بين هؤلاء الذين اعتنقو الإسلام سيد قريش، وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجته هند بنت عتبة وغيرهم.
فتح الأندلس:
خلال شهر رمضان من سنة 92 للهجرة الموافق لـ 711 م، تمكن المسلمون من فتح الأندلس، وظلوا هناك قرابة ثمانية قرون، بدأت قصة فتح الأندلس حين جهّز موسى بن نصير جيشا يقوده طارق بن زياد، واتجهوا لفتح الأندلس سالكين مضيق جبل طارق الذي سُمي لاحقا باسم قائد الجيش، وعند بلوغهم للضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، ولكي لا يفكر الجنود في التراجع، أجهز طارق بن زياد على سفن جيشه بإحراقها كاملة، وقام بإلقاء خطبة بليغة فيهم لكي يقوي معنوياتهم ويرفع هممهم، وبفضل ذلك تم النصر وهزموا القوط في المرحلة الأولى، وبعد ذلك إشبيلية وطليطلة ليسيطروا لاحقا على ما يسمى حاليا بإسبانيا والبرتغال.
معركة حطين:
تعتبر معركة حطين من أعظم المعارك التي حدثت بين جيوش المسلمين والصليبيين المحتلين، في السادس والعشرين من شهر رمضان سنة 583 للهجرة الموافق ل 1187م. وتمت قيادة جيوش المسلمين من طرف السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، حيث وقعت هذه المعركة في قرية بأرض فلسطين المحتلة، تقع بين طبرية والناصرة وإسمها قرية حطين، وهناك حقق المسلمون انتصارا كبيرا على الصليبيين، حين استرجعوا بيت المقدس وحرروا أغلب الأراضي التي كانت من قبل محتلة من طرفالصليبيين، وبهذا أنهوا الوجود الصليبي في المشرق.
يعتبر التاريخ الإسلامي حافلا بالعديد من الأحداث المهمة والإنتصارات التي تَوجت مسار المسلمين منذ ظهور الإسلام إلى يومنا هذا، ومعظم هذه الأحداث والوقائع والانتصارات قد حدثت في شهر رمضان المبارك.