هل شرطا أن تعرفه؟
علي الوباري
إن كتبت عن شخص وافته المنية، يُشاع تساؤل من العديدِ من الأفراد، هل سبق لك معرفته؟
واقعاً ليس لزاماً علينا أن نعرفه، فـ كل عظماء التاريخِ؛ مِنْ مُفكِرِينَ، ومخترعين، وصانعي أحداثٍ.
الذين ماتوا قبل مئات السنيين لم يسبق لنا أن عَرِفنَاهُمُ، ولَكِنَّا قرأنا عنهم، وسَمِعنَا عن إنجازاتهم الإيجابية والمؤثرة في مجتمعاتهم ودولهم وشعوبهم أو لـِ الناس قاطبةً.
وهذا وإن دلَّ، فهو يَدُلُ على أنّ رسالاتهم الإنسانية هي من فرضت علينا ذكر إنجازاتهم وتضحياتهم.
المعرفة الشخصية تاريخ وشعور شخصي يتأثر الفاقد بالمفقود من خلال الذكريات، ابتساماته، ضحكاته، أقواله، أفعاله ومواقفه الشخصية وسلوكه مع أقاربه وأصدقائه ومعارفه.
لكن هناك من الأقوال والأفعال والخدمات التي تُقدم للمجتمع من قبل أفراد رحلوا عنا، هي بـ مثابةِ الإرثِ المشترك للناس. لمسوه من الراحل وشعروا به من عاشوا معه ونقلوه عنه تعبيراً عن سمو أخلاقه ومواقفه النبيلة.
فأصبحت إرثاً عاماً يتناقله الناس عنه حتى يتعرفوا على سجاياه وخصاله لتكون دافعا ومحفزاً للناس في يومه وقصصاً للأجيال القادمة. الحد الأدنى من حقوق أي شخص ميتٍ كـ مثله، سامي الأخلاق ومسخراً إمكانياته في خدمة المجتمع؛ أن يُذكر ويصبح عطاؤه حقا عاماً للناس بتداوله.
ذكريات ومواقف الميت عمرٌ ثانٍ وجديد له، عندما يذكر الناس ما فعله وقدمه لمجتمعه، تأثر الناس بفقد شخص خلوق معطاء مضحي لمجتمعه ليس لـِ كونه فلان، فالموت لا يتوقف.
ولكن ذكر الأخلاق والمواقف والخدمات التي قدمها لمجتمعه بحياته هي التي تستحق الذكر له.
رحم الله كل أموات المؤمنين وأصحاب الأيدي البيضاء منهم.