مشاهدات من عزاء الراحل أبوصبيح
طالب المطاوعة
المشاهدة الأولى :
كان تعداد المعزين كبير وكثير جدا ، بحيث يمتد المسار بطول المدخل والتهوية وإلى خارج مجلس العزاء ( الحسينية ) ، مما يتسبب في تأخير وقت الوصول للعزاء على أهل الفقيد لوقت ليس بالقليل ، وذلك للأسباب المتعارف عليها :
1/سواء أكانت بحكم كبر المصيبة وحجم الألم.
2/ أو بسبب طبيعة السلام وكلمات التسلية وتخفيف المصاب على أخوته وذويه .
3/ أو بسبب السلام على بعض رجال الدين والوجهاء المصطفين بجانب أهله مواساة لهم .
ولقناعتنا التامة بأهمية التنظيم وتخفيف وقت الوقوف في مسارات طويلة عمدنا أن نقتصر بالتعزية على أهله وذويه فقط وان نأخذ رجال الدين والوجهاء للداخل.
وذهب بعضهم بطلب اقتصار التعزية بالمصافحة فقط باليد .
وأظن أن في ذلك خطأ، إذ يمكن أن يكون ذلك في مناسبات الفرح، أما في مناسبات الحزن والعزاء فمن الصعب جدا جدا أن توقف مشاعر الناس والمحبين و المفجوعين، بل في تلك الكلمات والحزن والبكاء جزء ولون من ألوان وأشكال التسلية والتخفيف على أهل المصاب، ولهذا طلبنا من أحبتنا أن لايطلبوا منهم الامتناع عن كلمات التعزية وأخذ أهله وأخوته بالأحضان والبكاء .
نعم جميل أن نراعي أن المجال لا يتسع أن نطيل ذلك البكاء وتلك الكلمات، ولكن نعي أنه لابد منها وهي المسلي الحقيقي .
وكان للاستجابة الجميلة والرائعة والكبيرة من المشايخ والوجهاء الأثر الفارق والواضح في تقليل وقت الوقوف على المعزين.
وكانت أول الاستجابات وبصدر رحب ومؤيد و مشجع لبقية الطلبة من جهة سماحة الشيخ حسين العايش والسيد محمد باقر الهاشم والشيخ توفيق العامر والشيخ حبيب الهديبي والشيخ أحمد السهلي والشيخ أحمد الدهنين ومن ثم تلاهم عند حضوره سماحة الشيخ علي الدهنين وبقية المشائخ والسادة كسماحة الشيخ عبدالله الياسين والسيد هاشم الشخص والشيخ محمد الشهاب وغيرهم الكثير حفظهم الله جميعا.
وكذلك حدث ذلك فيما يتعلق بباقي شخصيات المجتمع من وجهاء، بل بادر أكثر من شخصية بذاته لترك المجال واقتصاره على أهله، وأتذكر منهم الأخوين العزيزين الوجيه عبدالجبار بو مرة وأخيه فؤاد وفي ذهني أسماء كثيرة لا يسع المجال لذكرهم.
فكان لتفهمهم وتعاونهم الأثر البالغ والجميل.
الأمر الذي نتطلع أن يتفهمه الأحبة في معظم مجالس العزاء الكبيرة واقتصار استقبال العزاء على الأهل والأقارب والمقربين منه جدا جدا .
المشاهدة الثانية:
أن تفهّم القائمون على مجلس العزاء بأن للراحل محبين ومقربين وأصدقاء كثر .
ففسحوا المجال لمن يحب منهم بتقديم كلمات التعزية للتسلية على والده وأخوته سواء كانت مقرؤة أو مكتوبة .
فتوالت المشاركات بعدد كبير بلغت أكثر من 35 مشاركة على مدى أربعة أيام ثلاثة منها بالأحساء والرابعة بالدمام.
مما خففت الكثير على أهله وذويه وعلى محبيه بأن عبروا عما يختلج في أذهانهم ونفوسهم من مواقف وذكريات جميلة وطيبة، تُعرِّف بالشخصية وسيرته ومسيرته من إنجازات وعطاءات ومشاركات.
واستحسنت الفكرة بصورة كبيرة لدرجة أن أتاني أحد المعزين (لا أعرفه) وقال لي ياهذا أنا جئت لأعزي بوفاة المرحوم فوجدته يوم حياة له .
وقال آخر وهو أحد أقرب الناس للمرحوم أنا لم أعرفه عز المعرفة إلا من خلال تلك المشاعر وتلك الكلمات الجميلة.
وأتمنى عليك أن تبقي هذه الصورة و تستمر بها في باقي مجالس العزاء لباقي الشخصيات الاجتماعية والرسالية كي نأخذ منها الدروس والعبر .
وأظن ذلك يعود لأهل المتوفى وللقائمين على مجلس العزاء وقناعتهم بمثل هذا الأمر .
وللعلم عمل بمثل هذه الحالة في مجالس عزاء كبيرة أخرى في المنطقة وأعطت نفس النتيجة. لكنها هذه المرة أخذت تنظيم وترتيب ومشاركات أوسع وأكبر .