شمس علي ..وقف خيري بنمط غير تقليدي
رباب النمر
الآمال والطموحات لا يحدها خيال، ولا يقف إزاءها سقف .
وحيث كانت عاشقة للسرد ، تذوب في كينونة القصة حبّا و تماهياً . رسمت أمنياتها بحجم حبها، وكلما أغمضت عينيها تراقص أمامها حلم مطوّق بزوايا الإبداع .
لم تمنحها الحياة فرصة لتحقيق أمنيتها المبدعة، واختطفتها أيدي المنيّة في ريعان الإبداع و ميعة الشباب .
لم تمت (شمس علي الحمد) حينما تجسدت أمنيتها، واقعاً متفرّدا، و مبادرة فذّة فولدت( جائزة شمس علي للإبداع) على يد جمعية الثقافة والفنون بالأحساء ، التي أعلنت نتائج مسابقتها في “القصة القصيرة جداً”
حلق عبرها سلطان عاطف العيسى إلى المركز الأول، و حطت نصوص ثويني محمد آل عليوي على المركز الثاني، ووصل محمد علي المهيني إلى المركز الثالث .
و حصل محمد علي القرني على جائزة شمس علي للإبداع المخصصة لفئة الشباب ، فقد أوقفت الراحلة جزءا من تركتها المالية لدعم الإبداع الشبابي في مجال القصة القصيرة، وهكذا كسرت التقليدية في مجال الوقف الخيري .
كانت شمس صحافية غير تقليدية( وطّدت مسيرتها بالمصداقية، وزاوجت بين تقنية تهجس بالحداثة، ومواضيع تنم عن موقف من الذات والعالم، و أديبة قاصة
قاومت استهلاك النصوص، وتحدّت النص التنبؤي، داعبت ذاكرة الحواس وجدلية الفكر والواقع، بلغة رشيقة، وقبضت على الهم الوجودي، واستطاعت دفعه إلى أفاق بعيدة في تماس مباشر مع النفس.
شمس التي غربت شمسها إثر معاناة طويلة مع المرض، لم تؤثّر في مشوارها الإنساني، بل زادته ألقًا وعطاءً ومحبة، إذ كانت “شجرة الضوء الوامض”، وفق وصف شريك حياتها القاص والإعلامي زكريا علي العباد ) وفق شهادة الأستاذة رقية الأحمد بحقها
وتضرب شمس علي للصحافيين؛ مثل الصحافي النزيه المبدع ذي المصداقية، فلم تكن شمس تتحرك وفق متطلبات العمل الصحافي الصرف الذي يلهث وراء السبق دون أن تستوقفها الأحداث، وتتأملها.
ولم يستفزها بريق الأضواء؛ لأن تتزلف لهذا أو تتقرب لذاك، ففيها من الثقة والشموخ وعزة النفس ما يكفي لتزهد في زيف الشهرة والظهور”، و “فيها من الصدق والوضوح ما يكفي لتحس بنبض رأيها وموقفها، وفيها من الصفاء ما لا يحتمل كدورة التحامل على أحد، إذ بقيت صامدة متحملة عناء همها ومرضها، تبتسم لتخفي وراء ابتسامتها ما لا يحتمل من وجع”، و “لم تشغلها الكتابة الصحافية والقصصية، ومتابعة المشهد الأدبي والثقافي، عن الثوابت الدينية الواعية التي نشأت ودرجت عليها”.
وكانت “شمس علي أنموذج للفتاة التي انفتحت على الحياة بمسؤولية واقتدار بوعي وبصيرة، تعاملت مع موهبتها كهبة إلهية تقتضي الشكر، الشكر في أن تكون كما يليق بجوهرها النفيس لا كما تقتضي متطلبات الحظوة لدى الآخر، أيّا كان وبأي ثمن بخس”. حسب إفادة الأستاذ الشاعر جاسم المشرف حول الراحلة .
يذكر أنَّ الأستاذة شمس علي الحمد، كانت صحافية وقاصة وأديبة، تكتب زاوية أسبوعية في المجلة الثقافية لصحيفة الجزيرة السعودية، وباب عادات وتقاليد في مجلة الخفجي.
والراحلة، ناشطة في المطالبة بحقوق الصحافيين السعوديين المتعاونين، عملت في جريدة الحياة اللندنية النسخة السعودية من عام 2007 إلى نهاية عام 2011م وفي صحيفة العربي الجديد اللندنية قبل انطلاق عددها الصفري وحتى أذار/مارس 2015م.
وكانت ضمن المشاركين في دورة “دور الإعلام في مناهضة العنف ضد المرأة”، على هامش فعاليات “ملتقى الأمان للمرأة”، الذي أقامته هيئة حقوق الإنسان السعودية في عام 1431هـ.
وشاركت في ملتقى الجوف الثقافي الأول المنعقد في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2008م .
و مثّلت المملكة في أمسية قصصية سعودية مغربية مشتركة أقيمت في المغرب عام 2013م، ولبت دعوة لوزارة الثقافة السعودية لحضور معرض الرياض الدولي للكتاب 2015، وأخرى لحضور أيام الشارقة المسرحية.
و هي كاتبة لعدد من القراءات النقدية والمسرحيات والمقالات الصحافية، وشاركت كقاصة في أمسيات أدبية عدة، وأقيمت لها أمسيات خاصة.
كما شاركت في ورشة عمل “القراءة ومجتمع المعرفة”، التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي عام 1434. وقامت خلال عملها الصحافي بتغطية العديد من الفعاليات والملتقيات، والندوات إضافة إلى الحوار الوطني كما أجرت العديد من الحوارات المهمة مع أدباء كبار ومسؤولين.
تركت الراحلة شمس إرثا سرديا تمثل في مجموعتيها القصصيتين : “طقس ونيران”، الصادرة عام 2008م عن نادي أدبي الشرقية ، و “المشي فوق رمال ساخنة”، الصادرة عام 2012م عن نادي أدبي حائل.
فازت شمس بالعديد من المسابقات الأدبية ، و حققت العديد من المراكز ، فقد
نالت المركز الأول في مسابقة نادي تبوك الأدبي عام 2007م، ، وفازت في مسابقة “بي بي سي إكسترا” بالمشاركة مع مجلة العربي الكويتية عن قصتها “طقس ونيران”.
وفازت مجموعتها الثانية “المشي فوق رمال ساخنة” بجائزة أبها عام 2008م. كما أدرجت واحدة من قصصها في أنطولوجيا القصة السعودية، ولها نصوص مشاركة في كتاب “نيسابا”، في جزئه الثاني.