الشيخ الموسى.. في الحج عبر ودروس وتأملات
بشائر- الدمام
أكد الشيخ عباس الموسى أن تلبية الحج تعبير عن حاجات الإنسان الروحية الواعية، المتحركة في خط المسؤولية، والتي يعود بعدها الحاج إنسانا جديداً في أهدافه ومنطلقاته وخطواته، من خلال ما عاشه من دروس وعِبَرٍ ومواقِفَ وتأملاتٍ، في أجواء من الطهر والخير والمحبة والرحمة.
كان ذلك يوم الجمعة في مسجد الإمام الكاظم بـ قرية العمران في الحوطة.
وأبان بأن الحج حركة تغييرية للإنسان، وعبادة ذات مضمون عملي، يساعد على تغييرِ الواقع انطلاقاً من الوحي القرآني، الذي يعتبر الإنسان أساس التغيير.
وتفصيلاً، شدد الشيخ الموسى على أهمية الالتزام بمضامين (لبيك اللهم لبيك) فهي تعني أننا نلتزم في موقفنا هذا بالإسلام كله، في عباداته، وأخلاقه، وجهاده، واقتصاده. ومواجهة كل التحديات من الشيطان الداخلي في نفس الإنسان، والشيطان الخارجي في واقع الإنسان ومحيطه.
وأوضح الموسى أن من مضامين التلبية الخلوص لله تعالى، كأن المحرم لما تجرد من ثيابه ولبس الإحرام قد تجرد من كل شيء، وأقبل على الله تعالى، مخلصاً لبه وقلبه له.
وقال: “في الحياة عندما نريد أن نستجيب لنداء أو مبدأ أو قانون وضعه مفكر أو مشرّع فلا بد من أن يكون ذلك منطلقا من استجابتنا لله، وخاضعا لعلاقتنا به. كذلك علاقتنا بالحياة وبالناس يجب أن تنشأ من المنطلق ذاته. فالله تعالى وحده الذي نتوجه إليه بكل ما في قلوبنا من محبة وإخلاص وعبودية، ولا نتوجه إلى أي شخص معه”.
وتابع: (لبيك اللهم لبيك) فرصة متجددة للتغيير، في كل مراحل العمر، فإذا نوى الإنسان الحج كسر حاجزَ الخجل، ليقول: أنا على استعداد لمراجعة صحة عباداتي من وضوء وصلاة و.. ، وفي ذلك تلبية واستجابة لله.
وأضاف أن (لبيك اللهم لبيك) انفتاح على القيم والمبادئ الأخلاقية الإسلامية، حينما يرى المسلمون متجمعين في البلد الأمين، بلا سابق معرفة، يتشاركون المكان والهواء والماء، ويتعاونون، ويقدمون لبعضهم الطعام والشراب بلا تمايز، مترفعين عن الأنا.
وتساءل بهذا الصدد: ” ولكن ماذا بعد الحج؟ عندما نعود إلى بيوتنا وإلى أوطاننا؛ كيف نجسد التلبية في علاقتنا مع الأبوين، والإخوان والأرحام، هل نحمل لهم روح المحبة والمسؤولية، ونتواصل معهم ونساعدهم كما أراد الله منا؟”.
واستدرك الشيخ الموسى: لكن كيف نجسد التلبية في مواجهة أعداء الداخل والخارج؟ عندما نلاحظ الهجمة الفكرية ضد الإسلام وتعاليمه، ومحاولة تدمير مبادئ الشباب والفتيات، فإن التلبية تتطلب منا أن نقف لنقول: نحن مع الله، نستجيب له في كل قيمه الإلهية والروحية والعملية.
مشيراً إلى أن قوة الوعي هي أمضى سلاح نواجه به الأعداء، إذا زرعناه في عقول شبابنا وفتياتنا، حتى نكون قادرين على مواجهة التحديات المختلفة، ونستطيع أن نحصنهم من كل الأخطار، ونكون فعلا ممن لبى نداء الله على كل صعيد، الثقافي والعلمي والإيماني، لأن الحج عبادة ليس بمظهره فقط ولكن بمواقفه.
ونوه الشيخ الموسى إلى أن شياطين الاستغلال والسيطرة الفكرية تحتاج إلى رمي، كما نرمي الجمار التي تعبر عن الشيطان.
كما دعا الشيخ الموسى المؤمنين إلى التعرف على طبيعة الشيطان، ليبصروا جيدا موضع الشيطان في داخلهم، وفي حياتهم الاجتماعية، وبذلك تتسع رقعة الصراع مع الشيطان، لتضم مختلف المواجهات الفكرية والعلمية والاقتصادية وغيرها.
وختم حديثه بالقول: ” إن (لبيك اللهم لبيك) تعني أننا نعيش الصفاء الروحي، والنقاء الإيماني الذي يدعونا إلى أن ننفتح على إخواننا المؤمنين، أن نمد لهم جسور التواصل بمودة خالصة، أن ننظر إليهم كما ننظر إلى أنفسنا، ونحب لهم ما نحب لأنفسنا، أن نبذل لهم ما نستطيع من الخدمة، ونتعاون معهم فيما يرضي الله، ونتحسس آلامهم وصعوباتهم وأحزانهم، وأن نذوب الخلافات لنعيش روحا واحدة، ويدا واحدة على الأعداء.