سلامة الأغذية وأنواع مصادر الخطر والتلوث
أحمد الياسين
عندما نتحدث عن سلامة الغذاء فإننا نعني الحصول على غذاء خال من مصادر التلوث ومن الأمراض المنقولة بواسطة الغذاء وليس بالضرورة أن يكون غذاء تكاملياً أو صحياً. كثيرة هي المصادر التي تشكل خطر على سلامة الغذاء إلا أننا نتمكن في حصرها إلى ثلاثة أنواع رئيسية لتكون أكثر شمولية وهي المخاطر الجرثومية والمخاطر الفيزيائية والمخاطر الكيميائية. وسنأتي عليها بشيء من التفصيل البسيط لأخذ فكرة عامة عن كل مصدر من مصادر الخطر.
المخاطر الجرثومية:
خلق الله سبحانه وتعالى الأحياء الدقيقة بالعدد الذي لا يدعي أي مخلوق معرفته، منها ما توصل العلماء إلى معرفتها ودراستها وحصر سلالاتها ومنها مالم نتعرف عليه حتى هذه اللحظة. ومنها ما هو نافع ويتواجد في أجسامنا ولا يمكننا الاستغناء عنه ومنها ما هو ضار وممرض ومميت، وهو ما جعل البشرية تبتكر طرقاً كلما تقدم بها العلم في محاربتها بالقضاء عليها تارة وبإيقاف نموها وتكاثرها تارة أخرى.
تعتبر المخاطر الميكروبية هي الأخطر والأكثر أهمية في عالم الغذاء وهي المسؤولة عن أغلب أنواع التسمم الغذائي. ويمكن تلخيص هذه المخاطر في عدة مجموعات منها البكتيريا والفطريات والفيروسات. وتعتبر كل مجموعة منها عالم بحد ذاته يطول فيه التفصيل والاسهاب. فلو أخذنا مثلاً البكتريا المسببة للتسمم الغذائي لوجدنا أن بعضها ممرض وبعضها مميت وقد تختلف أعراض الإصابة بها حسب عدة عوامل منها المرحلة العمرية وصحة المصاب العامة، كذلك تختلف البكتريا في درجات سميتها عن بعضها البعض وتختلف كذلك في تحملها للظروف البيئية المحيطة بها وأساليب القضاء عليها كالمعاملات الحرارية المختلفة.
المخاطر الكيميائية:
هناك العديد من المخاطر الكيميائية التي قد تلوث الغذاء يطول الاسهاب فيها والحديث عنها إلا أننا نستطيع حصرها في ثلاث مجموعات رئيسة هي الملوثات الكيميائية التي تتكون في الأغذية نتيجة لظروف معينة مثل التسمم بمادة الاكريلاميد التي تتكون نتيجة لتعرض النشويات لدرجات الحرارة العالية (120 درجة مئوية وأعلى). أما المجموعة الثانية فهي المواد الكيميائية المضافة عمداً للأغذية ومن امثلتها المواد الحافظة الصناعية كنتريت الصوديوم، وقد يحدث التسمم بها نتيجة استهلاكها أو إضافتها بكمية أعلى من الحدود المسموح بها من قبل الجهات الرقابية والتشريعات الدولية. وبالنسبة للمجموعة الثالثة فهي المواد الكيميائية المضافة للأغذية بشكل غير متعمد، وهنا تكون المواد الكيميائية موجودة في المادة الغذائية من غير التعمد في إضافتها بل قد تكون إضافتها في عمليات سابقة للتصنيع مثل رش المبيدات الحشرية على المحاصيل الزراعية بهدف حمايتها من الإصابات الحشرية التي تضر بالمحصول، وبالرغم أن هذه المبيدات مسموح باستخدامها إلا أن نسبة من متبقياتها قد تكون في المادة الغذائية إلى حين الاستهلاك. ومثال ذلك أيضاً المضادات الحيوية التي تستخدم لعلاج الحيوانات مثل الدواجن فقد يكون استخدامها لغرض الوقاية أو القضاء على مرض ما ليسمح لها بالاستهلاك بعد فترة تسمى التحريم وهي الفترة التي يمنع بها ذبح الحيوان لضمان خلوه من المضادات الحيوية أو الأدوية التي أعطيت له في فترة العلاج إلا أننا قد نجد في بعض الأحيان نسب من متبقيات المضاد المستخدم بالفحوصات المخبرية.
المخاطر الفيزيائية:
يقصد بالمخاطر الفيزيائية تلوث الغذاء بالمواد الغريبة عن المادة الغذائية نفسها ويحدث هذا عادة أثناء عمليات تداول الأغذية وإعدادها وحتى أثناء نمو المحاصيل وحصادها ومثال ذلك تلوث الغذاء بالغبار أو الحصى أو قطع الزجاج. كما وتندرج تحت المخاطر الفيزيائية تلك المنتجات التي حصل بها ضرراً ميكانيكياً مثل انبعاج العلب المعدنية أو تكسر العبوات الزجاجية المحتوية للمادة الغذائية ودخول أجزاء من مواد التعبئة أو التغليف بها. وهذا النوع من التلوث قد يؤدي إلى حالات مرضية شديدة مثل ابتلاع قطعة معدنية عن طريق الغذاء الملوث أو تلوث ميكروبي بسبب شعرة من انسان أو حيوان.
بشكل عام يمكن الحد من المخاطر والملوثات بإتباع إرشادات سلامة الأغذية ابتداء من شراء الأطعمة مروراً بمرحلة الإعداد والتجهيز إلى مرحلة الاستهلاك والتناول. كذلك يجب الاهتمام بطرق حفظ المواد الغذائية وعدم الإهمال فيها فكثيرة هي حالات التسمم الناتجة عن الممارسات الخاطئة لحفظ الأغذية كحفظ متبقيات الطعام خارج الثلاجة لفترات طويلة.