هل يجب أن أقتل الذبابة ؟
أبرار عبدالله
كنت أهم بالنزول للطابق السفلي من منزلي، شاهدت ذبابة تحوم حول نافذة “المنور”، هممت بقتلها ولكنني تراجعت، لم تؤذني وأخبرت نفسي أنها ستموت جوعًا لأنه لا يوجد أي فتات طعام في هذه البقعة من المنزل.
تركتها ثم عدت بعد عشر دقائق أنوي الصعود لجلب شيء ما، و للمفاجأة و جدتها..ميتة ! لم أعتقد بأن الأمر سوف يحدث بهذه السرعة!
تعجبت من رغبة العنف التي تمتلكنا كأسلوب دفاعي أو هجومي نستخدمه لدرء الضر عنا، تارة يكون المحرك الخوف وتارة أخرى يكون المحرك هو الإستضعاف أو الإستحقار لأي مخلوق نراه ضعيف أو نملك شعور بالتفوق نحوه.
الجبناء من يلجؤون للعنف كأسلوب حياة، نحن نخاف، وعندما نخاف نظهر الجانب الهمجي والعنيف كردة فعل أولية.
ردة الفعل الأولية لا يجب أن تكون أولية دائمًا، و إلا لا معنى للأخلاق أو الدين في تهذيبنا.
كثير من الأمور تتطلب بطءً وصبرًا شديدًا، محاولة القفز أو الاختصار لا تحدث إلا في الفضاء السايبري غالبًا.
أمور الحياة المعقدة كالولادة، رحلة علاجية، أو تشافٍ من الفقد أو الفشل تحتاج لوقت طويل لتجاوزها، الصبر و البطأ متطلب ليس فقط في مرحلة الذبول، بل في الإزدهار أيضًا.
النمو في التجارة أو تطوير مهارة ما؛ كالعزف مثلاً أو تعلم لغة جديدة.. كل هذه المنعطفات أو الرحلات، قد تستغرق مدة لا تقل عن العام.
لنعد إلى الذبابة الآن، و تخيلها طفلًا تحاول منعه من ارتكاب حماقة ما، يكررها بشكل مزعج، وأنت أمام خيارين: أن تصفعه، أو تحدثه؟
كخيار نظري، سوف نختار أن نحدثه، كخيار واقعي سوف تصرخ في وجهه، وفي حالات أخرى قد ينفعل البعض و يقوم بصفعه!
لنحول هذا الطفل إلى مراهق أو بالغ، حاولت معه العديد من الطرق وجميعها تقريبًا باءت بالفشل، عدا حلولًا قليلة لم تستطع أستخدامها، لأنك لا تجرؤ بعد على اتخاذها، إما لأنك تخاف من تلك المساحة المظلمة، أو بالغالب طريقها طويل جدًا يحتاج صبرًا ونتائجها غير مضمونة.
سوف أخبركم سرًا.. التريية وطرق التعلم من نمو وازدهار، تكمن في تلك الطرق الطويلة جدًا، والمظلمة، التي تجعل قلبك يجفل أو يبتهل!