الموسى: الاهتمام بكبارِ السن بالزيارةِ والتواصلِ يوجد التكافلِ والترابط المجتمعيِّ
مالك هادي:الأحساء
“جاءَ الإسلامُ ليُعزِّزَ مبادِئَ التعاونِ والتكافلِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، فجاءَ لينشُرَ أجواءَ الرحمةِ والاحترامِ والعطفِ بينَ الناسِ، جاءَ الإسلامُ ليعززَ روحَ الإحسانِ في العلاقاتِ الداخليةِ بينَ أبناءِ المجتمعِ الإسلاميِّ “بهذا اشار سماحة الشيخ عباس الموسى في حديث الجمعة تحت عنوان مراحل حياة الإنسان في مسجد الإمام الكاظم بالعمران في الأحساء .
وذكر الشيخ عباس الموسى أن أجواءَ الرحمة والاحترام والعطف هي التي تتمكَّنُ مِن امتصاصِ كلِّ السلبياتِ وتجاوزِ كلِّ العقباتِ، التي تحولُ دونَ المزيدِ مِنَ التلاحمِ والتكافلِ بينَ أبناءِ المجتمعِ، وبها تتشكلُ خريطةٌ اجتماعيةٌ متكاملةٌ، كلُّ دائرةٍ تُسنِدُ الأخرى، وكلُّ فردٍ يَسعى نحوَ دعمِ الآخرينَ، فإعانةُ الآخرينَ وفقَ هذا المنظورِ، هيَ بوابةُ إعانةِ الذاتِ.
وشدد سماحته على أن مِنْ أهمِّ عوامِلِ التلاحمِ بينَ أبناءِ المجتمعِ البرُّ والإحسانُ إلى كبارِ السنِّ، أولئِكَ الذينَ قدَّمُوا جلَّ حياتِهِمْ مِنْ أجلِنا، وأعطَوا كلَّ أوقاتِهِمْ منْ أجلِ راحتِنا، وجاهدُوا مِنْ أجلِ أنْ نتعلَّمَ وإنْ لمْ يوفَّقُوا لأنْ يتعلَّموا، ومِنْ أجلِ أنْ نكونَ بأفضلِ صحةٍ وبأفضلِ تربيةٍ وبأفضلِ معيشةٍ ، فقال : اليومَ وصلُوا إلى مرحلةٍ يعجزونَ عنِ العملِ، بلْ ويعجزونَ عنِ الحركةِ، لأنهُ كما تعلمونَ يصاحِبُ المرءَ مرحلةَ الكِبَرِ ضعفٌ عامٌّ، بحيثُ تَظهَرُ بعضُ التغيراتِ على جسمِ الإنسانِ في حالةِ تقدُّمِهِ في السنِّ، وكذلكَ ضعفٌ في الذاكرةِ والنسيانِ، وبروزُ هذهِ التغيراتِ يتطلبُ الرعايةَ الخاصةَ بِهِمْ ، وقدْ تضافَرَتِ الرواياتُ بأنَّ الخيرَ معَ الأكابِرِ، فقدْ وردَ عنْ رسولِ اللهِ (ص): (الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ)، ووردَ عنِ الإمامِ الصادقِ (ع): (الشَّيْخُ فِي أَهْلِهِ كَالنَّبِيِّ فِي أُمَّتِهِ( .
وأكد الموسى بأن كبارُ السنِّ يحتاجونَ إلى الاهتمامِ والرعايةِ والعطفِ عليهِمْ، و لا يعني ذلك أنْ ينشغِلَ الإنسانُ عنْ والدَيْهِ مهما كانَ، فحين تتزوجَ لا يعني أنْ الغفلة عنْ رعايةِ الوالدين ، وأنْ تكونَ موظفًا أوْ كادِحًا لأولادِكَ لا يعني أنْ الغفلة عنهما ، وقال : إنَّنا بحاجةٍ أيُّها الأحبةُ إلى أنْ ننظُرَ إلى الآخرينَ نظْرَتَنا إلى أنفُسِنا، وأنْ نتعامَلَ معَ الآخرينَ كما نحبُّ أنْ يُتعامَلَ مَعَنا.
واشارة إلى سنة إلهية قال الشيخ الموسى : إذا احترَمْنا الكبيرَ، ورعَيْنا حقوقَهُ، يسَّرَ اللهُ تعالى لنا في كِبَرِنا مَنْ يرعى حقوقَنا، جزاءً مِنْ جنسِ إحسانِنا، وسيأتي علينا يومٌ نكونُ فيهِ كُبراءَ مُسنِّينَ، ضعيفِي البدنِ والحواسِّ، في احتياجٍ إلى مَنْ حولَنا؛ أنْ يرعَوْا حقَّنا، وإنْ كنَّا مضيِّعينَ حقوقَهُمْ في شبابِنا، فسيضيعُ الشبابُ حقوقَنا في كِبَرِنا، ورَدَ عنْ رسولِ اللهِ (ص): (مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً إِلَّا قَضَى اللَّهُ لَهُ عِنْدَ شَيْبَتِهِ مَنْ يُكْرِمُهُ)، لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، وفي مقابلِ ذلكَ: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى﴾ [الروم: 10]؛ فإنَّ جزاءَ الإحسانِ الإحسانُ، والإساءةُ جزاؤُها الإساءةُ؛ ولِذا جاءَ في حديثِ النبيِّ (ص): (مِنْ إِكْرَامِ جَلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ(
وقدم سماحته جملة من التوصيات حول الاهتمام بالمسنين ، فقال : على مستوى الأسرةِ الواحدةِ مِنَ الجميلِ أنْ تُعطِي مِنْ وقتِها في كلِّ يومٍ لتجلِسَ معَ كبارِ سنِّها، وكذلِكَ على مستوى العائلةِ والقبيلةِ الواحدةِ مِنَ المهمِّ أنْ تخصِّصَ لها في الأسبوعِ جلسةً معَ كبارِ العائلةِ فإنهمْ يأنسونَ ويستبشرونَ بقدومِ الشبابِ والصغارِ مِنَ العائلةِ للاطمئنانِ على صحتِهِمْ ويشعرونَ بأنهُمْ محلُّ اهتمامٍ وتقديرٍ، وكذلِكَ على مستوى المجتمعِ مِنَ الضروريِّ أنْ يهتَمَّ بكبارِ السنِّ ويجعلَ لهمْ نصيبًا مِنَ الزيارةِ والتواصلِ لإيجادِ التكافلِ والترابطِ المجتمعيِّ، ونحنُ عمليًّا قُمنا معَ مجموعةٍ منَ الأحبةِ المؤمنينَ وخلالَ أكثرَ مِنْ شهرينِ وبشكلٍ أسبوعيٍّ بزيارةِ كبارِ السنِّ في هذِهِ القريةِ، وندعُو إلى تكوينِ مجاميعَ متعددةٍ وتكرارِ العملِ والمنافسةِ في ذلِكَ، وتعمِيمِهِ على قُرانا المباركةِ الأُخرى.
وفي ختام حديثه أكد الموسى على أن مِنْ أهمِّ مظاهِرِ رعايةِ المسنينَ رعايةُ الوالدَيْنِ والاهتمامِ بهِمْ وتلبيةُ حاجاتِهِمْ وخصوصا الآباء من جانب الأبناء الأولاد.