الطفل بين التخويف والعقاب

رباب حسين النمر
قبل زمن الكهرباء، حيث كان الظلام يخيّم على الأحياء الطينية ومزارع النخيل في العالم العربي، وينبعث السكون من رحم الليل مع أصوات الرياح وهي تعبر بين السعيفات. إن هذه الأجواء المعتمة والهادئة تعد فضاء مناسبًا لنمو الخيالات وتمددها وتوسعها ولا سيما في بيئة تغذي جانب الخوف باختراعها لكائنات خرافية عجائبية بشعة ومرعبة تجمع في تركيبها بين كائنات عدة متنافرة وتقوم بالفتك والقتل وتمارس العنف والإرعاب، كانت الأمهات والجدات يتخذن من هذه الكائنات سلاحًا لتربية أطفالهن، وضبط مواعيد خروجهم من المنزل حماية لهم من الأخطار ولا سيما من حرارة القيظ أو زمهرير الشتاء، أو من الغرق في المجاري المائية، أو من الأغراب ورفاق السوء. هناك شخصيات خرافية نسائية وأخرى رجالية اخترعتها الذاكرة الشعبية العربية وكانت تظهر على امتداد الخارطة العربية بالمسميات نفسها تقريبًا، أو بمسميات قريبة من بعضها. يقول جعفر الديري معلقًا على الحكايات الشعبية: “ليست الحكاية الشعبية، مجرَّد حكاية يزجي بها كبار السن أوقاتهم، ويتابعها الناس بشغف وأذهان تتخيَّل الشخصِيات والأحداث، فتضحك حينًا وتبكي أحيانًا أخرى، إنَّها أرض خصبة لمختلف الدراسات التحليلية، والمقارنة، والوصفية، وسواها من دراسات علمية يزداد الاهتمام بها كلَّ يوم، وتلقى رواجًا وتفاعلًا واسعًا من قبل الباحثين.
إنَّ موقع الحكاية في الأدب الشعبي، موقع القلب من جسم الإنسان، فهي أكثر موادِّه حيوية واكتنازًا باللآلئ القابلة للتشكُّل كما يشاء الدارسون، فعن طريقها يمكن تلمُّس طبيعة المجتمع نفسيًا واجتماعيًا وأخلاقيًا، وعن طريقها يمكن اكتشاف القيم والمبادئ التي تحكم سلوك الناس، وعن طريقها أيضًا يمكن التعرُّف على ميولهم وأهوائهم وتطلُّعاتهم.
كذلك تبرز أهميَّة الحكاية في مقدرتها على «إذكاء الخيال وتحريك السؤال»، كما تقول الفيلسوفة البلغارية الفرنسية جوليا كریستیفا، حيث «تأخذنا إلى حافَّة الوجود، وتدعو مشاهدها المتخيلة، القارئ أو السامع، إلى أن يصبح مسافرًا مملوءًا بالدهشة، بما فيها من مشاهد عجيبة». من الشخصيات النسائية المرعبة التب ابتكرها الخيال الشعبي : أم السعف والليف، وهي شخصية ابتكرتها الذاكرة الشعبية الخليجية لتخويف الأطفال ولمنعهم أن يخرجوا من المنزل في فترات الليل المتأخرة. ووصفوا أم السعف والليف بأنها امرأة عجوز لها شعر أشعث، قبيحة المنظر، تظهر في الليل وتتكلم بكلام غير مفهوم، وهي تخرج من بين الخرائب والبيوت المهجورة أو من بين المزارع البعيدة، وكانت تتجول بين الأحياء. وتسكن أم السعف والليف فوق قمم أشجار النخيل، وعند هبوب الرياح الشديدة وهطول الأمطار الغزيرة واهتزاز جريد النخيل بقوة كان الأهالي يخوفون أطفالهم بأم السعف والليف وبأنها سوف تخرج من بين الأغصان لتخطف الأطفال، وهكذا لا يجرؤ أحد من الأطفال أن يخرج من المنزل . والواقع أن شخصية أم السعف والليف كانت مستمدة من النخلة لطول جذعها وبعثرة سعيفاتها، ولأنها تصدر أصواتًا مخيفة بفعل تحريك الهواء لسعيفاتها ولا سيما في ليالي الشتاء الباردة حيث تكثر العواصف والرياح والأمطار وأصوات الرعد ولوامع البرق. وربما يظن الأطفال أن أم السعف والليف ساحرة قد تخطفهم وتزهق أرواحهم. ومن الشخصيات النسائية المرعبة (حمارة القايلة) القايلة هي وقت القيلولة حيث الظهيرة مع شدة الحر وهي مدة تستمر ساعتين أو ثلاث ساعات يوميًا، أما الحمارة فهي أنثى الحمار، والمقصود بها: كائن مخيف ومرعب شبيه بالغول والسعلاة، أو السعلوة. وتوصف حمارة القايلة بأن لها جسد إنسان ووجه وأطراف حمار. كان الأهالي يخوفون أولادهم من “حمارة القايلة” التي تأكل الأطفال. والبعض يطلق عليها اسم (أم حمار)ومعناها حمار وقت الظهيرة، وهي أسطورة شعبية ظهرت في المجتمعات العربية، تقال لمن يكثر السير والتجوال في وقت الظهيرة، ومن لا ينام في قيلولة الصيف ولا سيما الأطفال. هذه الأسطورة شبيهة جدًا بالغول والغولة الذين يملكون رأس إنسان وأرجل حمار وجسم آدمي، ويقال إنه وحش مخيف يأكل الأولاد الصغار الذين يخرجون في وقت الظهيرة، وقد تناقلت الجدات قصصها وحذروا أطفالهم من الخروج وقت الظهيرة لشدة حرارة الصيف. وهي شخصية شيطانية أنثوية، شكلها غريب ومخيف، فجسمها مليء بالشعر كأنها قرد، ولكن لديها قدرة على التحول في شكل امرأة جميلة حسنة الشكل طويلة القد، ومرتبة الهندام، تغري الرجال ثم تفتك بهم وتقتلهم. وفي روايات أخرى أنها إذا أعجبت برجل ما تخطفه تحت النهر وتتزوجه وتنجب منه أطفالًا وتعيده بعد سنين. وقد استوحى سكان الخليج من حمارة القايلة لعبة تجمع بين الأسطورة والخرافة، وفي الكويت عرف كائن ذكر يشبه حمارة القايلة وهو (بعير بو خريطة) ، وهو الجمل حيث توجد داخل فمه (خريطة) أو كيس لحفظ الطعام لذا يقال بعير بو خريطة نسبة لهذه الخريطة، وقد كان أهالي منطقة (الكويس) وهي أحد مناطق النخيل يخوفون أطفالهم بالجمل حتى لا يخرجوا من المنزل وقت الظهيرة. وقد أخذ الأطفال والصبيان يقلدون ما يسمعون حيث يتصورون (حمار القايلة – وبعير بو خريطة) ويقوم أحدهم بتمثيل دوره بقصد اللعب والتسلية. وكانت الأمهات يخوفن أطفالهن الذين يمتنعون عن تناول طعام العشاء بامرأة خرافية هي “الخبابة” أو “الجرارة” وهي امرأة ذات ملامح مرعبة ترتدي عباءة سوداء طويلة الذيل تضع الحجارة في بطون الأطفال الذين لا يتناولون طعام العشاء ثم تخيط بطونهم.
من الشخصيات الرجالية التي اخترعتها الذاكرة الشعبية لتخويف الأطفال (دعيدع)
فقد كان الآباء والأمَّهات يخشون على أبنائهم من الخروج ليلًا، فربَّما اختطفهم من لا يخافون الله، أو أوقعوا أنفسهم في المشاكل، لذلك نجدهم يحذّرونهم من الخروج ليلًا، كي لا يقعوا فريسة لدعيدع. وهو مخلوق مائي، يعيش في أعماق العين، وهو عفريت شرير وقاتل لا يطرف له جفن، ينزل العين، التي هو فيها، يسحبه إليه ويخنقه، إنَّه نذل حقير فحتّى جثَّة القتيل يبخل بها على أهله، ويحتفظ بها حتى تذوب في المَاء،
وفي بعض المناطق يسمون دعيدع «بو درياه»، ويعني بالفارسية «أبو البحر».
وله حكايتان متداولتان، الأولى: أنه كان يتسلَّل الى قوارب الصيادين بين صلاة العشاء وأذان الفجر، ويختطف البحّارة ويأكلهم، ثم يغرق قواربهم، مما يستوجب على البحّارة أن يكونوا دائمًا في جماعة يحرسون القارب، ومتى ما أحسُّوا بوجوده صاحوا بصوت مرتفع: «هاتوا المنشارة والجدوم»، فيهرب ويأمنون شرّه، والثانية يرويها الصيَّادون الذين يبحرون وسط البحر، يقولون إن بودرياه يظلُّ يصيح في الظلام الدامس، طالبًا النجدة، ولكنّهم لا يستجيبون لندائه، نظرًا لمعرفتهم بحكم الخبرة أنه يحاول سرقة طعامهم وشرابهم وهمًا أعز ما لديهم في عرض البحر، وأنهم إن أنقذوه سيكافئهم بتخريب سفنهم، ولم يكن أمامهم للتخلُّص من صوته المنكر سوى تلاوة القرآن الكريم والأوراد والأدعية.
وقد يظهر دعيدع في بعض المناطق على شكل حجر، يبتعد بمجرَّد الاقتراب منه، أو على شكل نار أو جسر، وكانوا يخوّفون الأولاد بها حتى لا يخرجون ليلًا. ويظهر في مناطق أخرى على هيئة إنسان نصفه نصف سمكة تجوب البحار ويسمع صياحها في الليل في البحر على هيئة غريق وعند الاقتراب لإنقاذها تتعمَّد إمساك المنقذ وتغرقه في البحر، وهي مشابهة لحورية البحر، وكنظير عربي لأساطير فتاة البحر وعروس البحر ورجل البحر الغربية ذات الأصول اليونانية القديمة.
دعيدع شخصية متخيَّلة، أملتها الظروف الصعبة التي كان يعيشها البحَّارة لعدَّة أشهر منقطعين عن أهلهم وأحبائهم في عرض البحر، فإنّ من شأن هذه الليالي الطويلة في السفينة، في منطقة نائية مظلمة سوى من ضوء القمر أن تخلق في نفوس البحارة والغاصة عن اللؤلؤ، عديدًا من الصور المعبرة عن شعورهم بالوحدة، والخشية من وقوعهم فريسة لمخلوقات يؤمنون إيمانًا جازمًا أنَّها موجودة بأمر الله تعالى. إنَّه قبيح المنظر، بشع، على هيئة قرد، ووجه قطَّة بأنياب لامعة، وآذان طويلة، قادر على أن يتلوَّن بالهيئة التي يريدها، أحيانًا يكون بطول نخلة معمِّرة، وأحيانًا يحجب الأفق باتساعه، وتارة يظهر على شكل نور يَخطَف الأبصَار، ويزيغها عن الطريق الواضح، وتارة لا يتبين له شكل وسط الضباب، سلوكيَّاته وتصرّفاته عابثة لا تقيم وزنًا لشيء، فهو يتلبُّس عبث الأطفال تارة، فيرمي «بسر» الرطب على البيوت، ويحاول إفزاع الناس بأية وسيلة ممكنة، وتارة يتلبُّس روح مجرم لا يتوانى عن القتل في سبيل إشباع رغباتِه، وقد يصل به الأمر إلى السَّاديَّة والتلذُّذ بأكل ضَحاياه، ولا يفرِّق بين كبار السن وبين الصغار، ولا فرق عنده بين رجل شرير وبين طيب حسن الأخلاق، بين امرأة محترمة وأخرى عابثة، فبالنسبة له جميع الناس صيد ثمين. إنَّه يمارس لهوه وعبثه وسط الظلام، وهو يخاف من الأضواء، ويخشى افتضاح أمره، ولا يكاد يسمع آيات الله تتلى حتّى يولِّي فزعًا، ويتخيَّر ضَحاياه من البسطاء، غير المتعلِّمين.
الطنطل
يذكر علي الوردي أن الطنطل هي شخصية وهمية اخترعها الإنجليز أثناء احتلالهم للعراق، فقد وجدوا في منطقة الأهوار جنوبي العراق كميات كبيرة من الفسفور الأحمر المشع مع عنصر الزئبق النفيس، فحاصروا المنطقة وطوقوها من كل الجهات وفكروا بطريقة لمنع الناس من الوصول اليها فبحثوا عن الأشخاص المعاقين من سكنة المناطق القريبة ممن ولدوا معاقين ومن لديهم طرف ما مبتور او عين مقلوعة أو أية عاهة بدنية وقاموا بمساومتهم بمبلغ من المال على أن يقولوا بأن هناك وحش يقلع العين ويبتر الأطراف واسمه بالإنجليزي ( Ten tail) ( ذو العشرة ذيول أو الظفائر) وانتشر الخبر باللهجة العامية (طنطل) وبذلك ارتعبت الناس وامتنعوا من الوصول إلى تلك المنطقة بحجة وجود هذا المخلوق الشرير المرعب ! وظل اسم الطنطل يرعبنا إلى هذا اليوم.
وصفات الطنطل أنه يمتلك القدرة على تغيير شكله من هيئة إلى أخرى، ولتعدد أشكاله وأقنعته فهو يوصف بأنَّه هيولى أي لا صورة له في ذاته وليس مُحددًا بسيماء، ولا يُحسُّ ولا يُلمس وليس ظاهرًا ولا مُستترًا إنَّما موجود في كل شيء، لذلك يصفه الخيال الشعبي بأنَّه طويل حيث رأسه يناطح السماء وقدماه على الأرض، ويوصف أيضًا بأنَّه قزم كريه وقبيح الشكل غالبًا ما يأتي في الليل ليجلس على منكبي الشخص ويحاول خنقه أثناء النوم. يعتقد بعض الباحثين أن جذور هذه الشخصية تعود إلى أسطورة حفيظ والتي تناقلتها الأجيال في جنوب العراق، حيث تقول: في قديم الزمان كانت هناك مملكتان كبيرتان في جنوب وادي الرافدين هما مملكتا ”العكر، أبو شذر وأخيهما احفيظ “ وقد ازدهرت الحياة فيهما، فبنوا المدن والمعابد المقوّسة والمزخرفة وأحاطوها بالأسيجة ”المسنايات “ حفاظا عليها من الفيضان واهتموا بزراعة بساتين النخيل والفاكهة حتى أصبحت ”جنة الله على الأرض “ ولكنهم تجبروا وكفروا وخرجوا عن طاعة الإله فغضب عليهم وقلب مدنهم بالزلزال وأغرقهم بال طوفان وأصبحت هذه المدن الآن رُكاماً أثريا والتي تسمى اليوم ”الأشن“ ثم أنزل الطناطل والجن لتحرسها ومن هذه الأشن ”العكر، أبو شذر، احفيظ، الواجف، وغيرها“ وهذه الأسطورة تشبه لحد ما ملحمة كلكامش وقصة الطوفان قبل خمسة آلاف سنة، ويؤيد ذلك الرحالة البريطاني كافن يونغ في كتابه”العودة إلى الأهوار، صفحة 40 “ حيث يقول: هناك قصص كثيرة تروى عن الطناطل حول نيران المساء ويقال أنها تحرس كنزًا غامضًا عن جزيرة أخفتها بالسحر عن عيون البشر. ويقصد بذلك الكنز الذهبي الذي يحرسه طنطل احفيظ في عمق الأهوار الوسطى. وتتخذ الطناطل أسماءها من أسماء الأهوار والأشن والكواهين مثل طنطل أبو اغريب، طنطل أم العبيد، طنطل أبو اسميچ، طنطل داور، طنطل صلين، ويشرف احفيظ على عشرات الطناطل في الأهوار وله السيطرة التامة عليها. ومن الكائنات الخرافية المخترعة التي حفظتها ذاكرة المزارعين وصيادي السمك واللؤلؤ السعلوة، أبو مغوي، سويجن، أبو الشماطيط (نسبة للثياب البالية، والتي تسمَّى في الخليج «شماطيط»)،
ونافلة القول: إن الخوف أمر فطري وغريزي لدى البشر على اختلاف مراحلهم العمرية، ومناطق سكنهم، وثقافاتهم ومستوى تعليمهم.
والخوف باعث على الشعور بالخطر وهو عامل رئيس للحفاظ على الحياة.
ومشاعر الخوف موجودة لدى الأطفال بشكلها البدائي أو غير المتطور، فالإحساس بالخوف له جذران رئسيان: جذر فطري وجذر مكتَسَب، وفي الكثير من المجتمعات يُستغَلُّ هذا الأمر من قِبل الأهل لمساعدتهم على التحكم بأبنائهم والسيطرة عليهم لتنفيذ رغباتهم. ولكن بقاء الحال من المحال.. انتهى عهد التخويف وانطوت صفحته من كتاب الوجود، ولم تعد أساليب تخويف الأطفال مسيطرة على المناهج التربوية السائدة،
لأنَّ تهديد الطفل أو تخويفه بالكائنات الخرافية المرعبة ذات الفتك والقتل والتنكيل والعنف لا تناسب مع مستوى الإدراك أو الوعي عند الطفل، ولا تراعي توازنه النفسي الذي لم ينضج بعد، مما يعيق نموَّه الروحي والنفسي، ويسبب له آثارًا سلبية وعُقدًا نفسية، من الممكن أن يعاني منها في كل مراحل حياته،
ولها تأثيرات ضارة ملموسة في سلوك الطفل من حدوث التبول غير الإرادي، أو اضطرابات في الشخصية، أو نوبات الذعر المتكررة، أو الخوف من الظلام، وضعف الثقة بالنفس، وعدم قدرته على الاستقلال، وبذلك لن تكون شخصيته قوية عندما يكبر. وكل هذه الأمور الخطيرة التي من الممكن أن تحدث للطفل سببها بعض التصرفات التي قد نراها تافهة أو غير هامة، ولكنَّها بالنسبة إلى نفسية الطفل الهشة وغير الناضجة أمر خطير جدًا.
فأساليب التخويف عند الأطفال، ستؤدي إلى شعور الطفل بانعدام الأمان حتى عندما يكون مع والديه، اللذين يجب أن يكونا مصدر الثقة والأمان.
كما تعزز هذه الأساليب شعور الذنب لدى الطفل، وشعوره بانعدام حب والديه، فتهديد الوالدين لطفلهما بالوحوش أو العفاريت أو الاتصال بالشرطة سيصيبه بخيبة أمل كبيرة وخذلان عظيم تجاهما لأنهما أقرب الناس إليه ولم يستطيعا تحمُّله وكانا قاسيين معه بهذه الصورة، ومع مرور الوقت يحاول الطفل نسيان هذه الأشياء، ولكنَّ آثارها النفسية تبقى عالقة في شخصيته ونفسيته.
ولذلك فإن الأسلوب السليم في التعاطي مع الأطفال بدل الترهيب والتخويف مع مخالفة الطفل للأوامر، تكون بالعقاب وليس التهديد بالضرب أو التخويف بالوحوش وبقية وسائل الترهيب التي تضر أكثر مما تنفع.
وينصح خبراء علم نفس الطفل أن يكون العقاب تدريجيًا، ومناسبًا للمرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، ويجب عدم الاكتفاء بالعقاب؛ بل يجب أن نشرح للطفل أسباب العقاب ونعرِّفه بأخطائه خطأ تلو الآخر وهذه أهم فكرة؛ وذلك لأنَّ العقاب دون بيان أسبابه سيكون دون قيمة وفائدة، فعندما لا يعلم الطفل سبب العقوبة، فإنَّه سيفهم أنَّه سيعاقب في جميع الأحوال سواء أطاع الأوامر أم لا.
وتوجد الكثير من الطرائق السليمة لعقاب الطفل لا تسبب أضرارًا على نفسيته أو شخصيته، مثل العتاب الذي يُعَدُّ عقابًا لينًا يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية مع الفتيات والفتيان صغار السن، ولدينا العقاب بالحرمان أو بالتجاهل الذي يُعَدُّ من أكثر الوسائل نجاحًا من بين طرائق العقاب؛ حيث إنَّه لا يسبب العُقد النفسية؛ بل يعلِّم طريقة التعامل الصحيحة والسليمة، على عكس ما تفعله الخرافات أو التخويف الذي يجعل الطفل يعيش في الخوف ويسبب له أزمات نفسية في المستقبل.