الشيخ البن سعد : هل نجد طعم الألم والتصدع بسبب الحرمان الروحي؟
رقية السمين: الدمام
“أيها المؤمنون، اليوم أول جمعة نجد فيها أنفسنا خارج بيوت الله، وقد حرمنا من الجماعة وخطبة الجمعة، وهذا الخطاب الذي نبثه لكم من بيوتنا نسميه بـ وقفة الجمعة”.
هذا ماجاء ضمن خطاب الجمعة الذي وجهه سماحة الشيخ عبد الجليل البن السعد، عبر بث اليوتيوب المباشر يوم أمس، داعياً فيه إلى تغذية البعد الروحي، وعدّه من أفضل الأعمال في ظل الظروف الراهنة، وذلك انطلاقا من قوله تعالى {.. لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا..}.
حيث صنف سماحته الناس في تعاملها مع الابتلاءات إلى شريحتين:
– الشريحة الواعية المتزنة الملمة بجانبيّ الحياة المادي والروحي.
– الشريحة اللاواعية التي تدرك جانبا واحداً وهو الحياة المادية.
وقد عبّر الشيخ البن سعد عن البلاء الشديد بأنه (حيلة من الحيل السماوية) التي تأتي بمثابة الإسعافات الأولية للجانب الروحي والعقلاني، الذي به تتحقق استقامة الإنسان وتوازنه، لافتاً لضرورة استثمار هذا البلاء.
وبين سماحته أن من طرق استثمار البلاء أن نستشعر الألم والحرقة جراء المنع من مناهل الفيوضات والرحمات الإلهية، التي كانت تفيض بها مجالس الذكر والمساجد إثر اجتياح هذا الوباء، وقال: “لقد حرمنا هذا الوباء من ماديات كثيرة، إلا أنه حرمنا من الاستفادة كذلك المعنوية والروحية من المساجد والمراقد”.
وفي ذات السياق أوصى سماحته :” في ظل أننا نرى أن بلاءنا مع كورونا عظيماً، علينا أن نستشعر كذلك البلاء في حرماننا من بيوتات الله ومراقد أهل البيت عليهم السلام، يجب أن يكون استشعارنا للحرمان المعنوي أعظم من شعورنا وبلائنا الذي كتفنا وحبسنا عن ممارسة حياتنا اليومية”.
وأثار الشيخ البن سعد سؤالين استفهاميين بقوله: “أي الجهتين حرماننا منها أصعب؟ وهل نجد طعم الألم والتصدع بسبب الحرمان الروحي؟” تزامناً مع ما يعيشه المجتمع من حرمان وانقطاع عن المساجد التي دعاها بالبوابة الملكوتية، وكما عبّر عن الجماعة بالعضوية الربانية، لافتاً إلى أن هذا الشعور بالألم مما يحب الله سبحانه وتعالى أن يراه على العبد.
وحذر سماحته من استغراق عموم الناس بالهلع والتخويف من نقص الماديات، المتوقع أن يفرزه الوضع الراهن، كما حذر من بث التنبؤات البائسة بالغلاء ونقص بعض السلع باعتباره من الأعمال التي تبدد وقت الإنسان وطاقته وتشيع البؤس بين الناس.
من جهة أخرى رفض الشيخ البن سعد ما يدور في تطبيقات التواصل الاجتماعي من استخفاف واستهزاء بهذا البلاء، الذي وقع على العالم بأجمعه، بقوله: “مقابلة البلاء الواقع بأسلوب الضحك المستشري في المجالس الإلكترونية والحية ليس بأحسن العمل ولا هو المطلوب منا في مثل هذه الأجواء، فضلا عن أنه يلتهم الوقت عبثا”.
فيما أكد سماحته على ضرورة الترويح عن النفس، ولكن بما يتماشى مع قيم الإنسان، والمبادئ السليمة، بقوله: “لا بأس بالقليل من الطرف الكلامية، بعيداً عن الهزل الصارخ والمبالغ فيه، وكأننا نقول لله تعالى بأن آياتك لا تخيفنا”.
وختاماً نبه الشيخ البن سعد في خطابه إلى أن هذا الظرف الذي تمر به البشرية منعطفاً تاريخياً من شأنه أن يجعل الروح أكثر تألقاً وشفافية.
وأوصى سماحته بكثرة الاستغفار بالصيغة الرجبية، ولزوم الرشد والعقلانية، باتباع الأنظمة الوقائية والتعليمات الطبية، كونها واجباً مزدوجاً على الصعيد الشرعي والاجتماعي.