الكوكب الجميل
وفاء بو خمسين
الأرض كوكبنا الأزرق الجميل الذي خلقه الله وأنشأه من العدم، وحفه بالعناية والحفظ، فها هي أرضنا كملكة تتبختر
وتسبح في هذا الفضاء الشاسع، فكل شيء مسخر لها من جنود مجندة تحميها من الأجرام الأخرى، والثقوب السوداء، وغيرها من عوامل الطبيعة المادية
والغيبية التي لا يعلمها إلا الله. أمور كونية مذهلة لا يستوعبها ولا يحيط بها العقل البشري. لقد حبانا الله بنعم لا تعد ولا تحصى من مقومات الحياة على سطحها: الماء والهواء والغابات، والكنوز والمعادن في باطنها وكلها خلقت لخدمة الانسان، هذا المخلوق الفريد الذي وُجد عليها ليعمرها، وكرم على سائر المخلوقات. نحن بني البشر نتشارك في العيش على هذه الأرض، والحفاظ عليها مسؤوليتنا سواء كنا أفراداً أو دولاً، فنحن على ظهر مركب واحد، إذا قام أحدهم بخرقه غرق الجميع، وهذا ما يحدث الآن، دول متسلطة ظنت أن لها الحق في اللعب بمقدرات الشعوب، وفرض أفكارها وسياساتها وتوحشهاعلى الجميع، ولذلك هي تفتعل شتى الحروب العسكرية والاقتصادية والثقافية على الاخرين بهدف السيطرة على مقدرات ثروات الدول الأخرى ونهبها.
خلال السنوات العشر الأخيرة يمكن للمتابع العادي معرفة الأمراض البيولوجية التي انتشرت وأولها: انفلونزا الطيور، ثم انفلونزا الخنازير، ثم كرونا الجـِمال، ثم كرونا كوفـيد 19 المستجد، أي بمعدل كل سنتين تقريباً يتم تسلط فيروسات على مناطق مختلفة من العالم لابتزازها ونهب ثرواتها. لقد انتفت الرحمة الإنسانية، ووصل حال البشرية لدرجة من الانحدار الأخلاقي والقيمي لا يتخيله عاقل. ومع الأسف لم تزد الإنجازات الحضارية والتكنلوجية حياة الإنسان إلا تعقيدا وبعدا عن فطرته البشرية وبساطتها فهو محتاج للرزق والأمان، والتواصل مع مجتمعه.
وأثبتت الأحداث الأخيرة والحجر الذي عم الدول كافة كم نحن البشر محتاجون للتعاون والتكاتف الإنساني بدرجة أولى.
ومن أمثلة الإنجازات البشرية القيمية: المؤسسات الدولية للأمم المتحدة سواء منها الحقوقية، والاغاثية أوغـيرها من المنظمات، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية فقد سقطت أمام هذه الكوارث التي حلت على دول العالم.
فهذه المنظمات الدولية أنشئت فقط لتدافع عن مصالح الدول الكبرى وبقائها، وتُشَرعِن ممارساتها ضد الإنسانية. هذه المنظمات بمثابة وعاظ السلاطين فهي تمجد الأقوياء وتغض الطرف عن تصرفاتهم وتصب جام غضبها وأوامرها وإدانتها على البلاد الضعيفة التي لا توجد فيها حريات، فهي تذلها بالتنازلات والشروط.
وأكبر دليل حي على ذلك هو فشل هذه المنظمات الذريع، وعجزها التام في وقف الحروب القائمة في أرجاء المعمورة، وتوحيد الجهود الدولية والوقوف صفا واحدا لمحاربة وباء كورونا الذي اجتاح العالم كافة.
إن غاية ما يطح إليه الانسان هو العيش بسلام وكرامة على هذا الكوكب و كل دولة لها الحق في أراضيها وثرواتها ومكتسباتها الثقافية وتنوعها العرقي.
وليس من حق أحد أن يكون قيما عليها.
الحل هو في الديمقراطية، وتمكين ذوي الكفاءات، وبذلك يتم القضاء على الفساد. بعدها سوف تترعرع العلوم، وسوف تقطف ثمار المعرفة، ويستفاد من أدواتها. هذه هي الوسيلة الوحيدة للنجاة، وإلا فسيبقى هذا السيف مسلطاً على دولنا، وتظهر لنا ما تسمى نفسها بالدول العظمى والشركات الكبرى المتعاونة معها كل فترة مشاكلا وحروبا وأوبئة وغيرها من الأشياء المفتعلة لابتزاز الدول وأكل خيراتها.
همسة: يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله: تنقسم الأمم الى فئتين: فئة تمتلك أدوات المعرفة تعمل ليلا ونهارا لاكتشاف العلوم فهو وسيلتها للنجاة. والفئة الأخرى تنتظر مصيرها المحتوم.