أقلام

تعبت ومليت

نحن في أزمة انتشار فايروس كورونا كوفيد 19 التزمنا بالحجر الصحي بالبقاء بالمنزل للحد من انتشاره حسب الإرشادات الصحية والإجراءات الوقائية وقد اختلفت حياتنا الطبيعية وتقلصت الاجتماعات والمناسبات وتوقفت الحركة الاقتصادية والعملية على المستوى الشخصي والمحلي والدولي، وباء كورونا أجبرت الحكومات باتخاذ كافة الإجراءات المشددة لأجل سلامة الوطن والمواطنين، كلنا مسؤولون للحد من انتشار الوباء بالشرع والقانون والعقل والمنطق لحفظ النوع البشري وعدم إيذاء الآخرين ونقل العدوى لهم، وقد فرضت علينا حياة مختلفة عن حياتنا المعتادة مما تسببت لنا الضجر والملل والتعب مع طول مدتها، كنا سعداء بداية الحجر الصحي لأول أسبوعين بالجلوس في البيت مع عوائلنا وعدم الذهاب للعمل والراحة من ضغوط الحياة وتكلفتها ومشاغلها، فقد قام الكثير منا ببرامج جميلة وعطاء مميز على المستوى الشخصي أو الاجتماعي، وبعد زيادة أسابيع الحجر الصحي بدأت أجسامنا تمل وتتعب من الراحة والجلوس في البيت وعقولنا بدأ عليها الخمول ونفسيتنا بالضجر وأروحنا بالضيق، ما العمل لو استمرت أيام الحجر الصحي؟.

لا بد لنا من المرونة العقلية والجسدية وهي القدرة على التكيف مع المتغيرات بروح إيجابية، وهي فن إدارة الأزمات وقراءة الاحتمالات، وعلينا النظر من زوايا مختلفة، وكما يعلم الجميع بأن سر الحياة الناجحة هو أن تدرك بأن حياتنا هذه ما هي إلا عادة نكتسبها ومهارة نتقنها، في الوضع الراهن علينا اكتساب مهارات جديدة لكي نتكيف بالحياة الجديدة ونتعود عليها لفترة من الزمن حتى لا تتأثر صحتنا ونفسيتنا ونحافظ على حيويتنا وعطاءنا، إن الأخبار المتداولة في القنوات المتعددة تزرع في الإنسان الكآبة والتعب، يكفي قراءة خبر واحد أو مشاهدة الخبر لمرة واحدة أو اثنتين يكفي بأن تكون ملماً بأخبار العالم وبالخصوص تفاصيل الأزمة الصحية، إن الرسائل السلبية على نفسية الإنسان متعبة وتسبب له الضجر والتعب والتأفف من الحياة وجمالها، فالابتعاد عن هذه الأخبار بقدر ما تستطيع ومشاهدة البرامج السارة والمفيدة يعطيك انتعاش نحو الحياة والانطلاقة الجميلة لبداية يومك.

سأذكر لكم مثالاً وليس مقياساً على وضعنا الحالي فالأمثال تُضرب ولا تُقاس، عندما يتم القبض على أحد المخالفين للأنظمة والقوانين فيتم إيداعه بالسجن بعد الحكم عليه بفترة زمنية محددة لتأديبه وتأهيله وإنهاء حكمه، وعندما يدخل الجاني السجن لأول مرة يتفاجأ بحياة مختلفة تماما عن حياته الطبيعية التي اعتاد عليها، ينظر باستغراب إلى حركة الناس داخل السجن وحياتهم المتكيفة والشبه الطبيعية وابتسامتهم ونفسيتهم وسوالفهم وضحكاتهم وهو صامت لحين التعود على الوضع الجديد، بعدها يكون مجبورا بأن يتكيف على حياة جديدة مع أشخاص لهم سوابق ومخالفات قانونية، وبعد فترة زمنية يتناسى التعب والضجر ويأخذ الحياة بقوانينها الجديدة ويكسب مهارات وفنيات تجعله يتقبل الوضع الجديد، ولذا لو سألت السجين، كيف حالك ؟ وما هو وضعك؟ وهل أنت مرتاح؟ وهل تعودت على الوضع الجديد؟ فيجيبك بإيجابية وقوة وتفاؤل، فالمحن والمشاكل تعلم الإنسان تجارباً جديدة تقويه وتبرز طاقاته المدفونة.

سأذكر لكم بعض الفوائد والمهارات لكي تكسبوها وأنتم في بيوتكم مصداقا للقول المأثور: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، في الوقت الراهن نملكهما فعلينا الاستفادة منهما حتى لو كان البال مشغولا:
1/ عليك باكتشاف الذات ومعرفة إمكانياتك والجلوس مع النفس وإعادة ترتيب أولوياتك الشخصية.
2/ عليك بالثقافة الحرة والمتنوعة حسب قاعدة (80 تخصص/ 20 تنوع)، فالمثقف الحر لا يشبع.
3/ الأشياء الجميلة بداخلنا ليست في الأحداث، فانظر للأحداث بعينك الجميلة حتى ترى كل شيء جميلاً.
4/ شارك في قنوات التواصل الاجتماعي بالتحصيل العلمي والمعرفي بالمناقشة والحوار فإنه ثراء عقلي واكتساب خبرة في جوانب متعددة من الحياة.
5/ ضع هذه القاعدة وساما لك: (إدارة الوقت بما ينفعك هي إدارة حياتك بما تفيدك في الدنيا والآخرة).
. ونسأل الله أن يكشف عنا هذا البلاء في سائر البلاد وأن يحفظ الجميع من كل سوء.

وخزة: (المرأة كالشعلة إذا عرف الرجل كيف يمسكها أضاءت طريقه، وإذا أخطأ في مسكها حرقت يديه).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى