يا ضياء ليل البؤساء
سيد جواد المهري
يا غائبا عن الأنظار ياضياء ليل البؤساء
يا يوسف المهاجر من
وطن الآباء
يا مرهم الجراح خلال الأعوام
يا حبيبنا وبهجة قلوبنا
يا عالِم أسرارنا
يا شمس الوجود
يا بهجة روح العشاق
أين صارمك البتار؟ أين سيفك الذوالفقار؟
أخرجه من جِرابه واضربه على رأس أعدائك ضربة علوية فقد مضت مدة طويلة،
وذوالفقار بالغمد يعشق دماء المارقين والناكثين والقاسطين، وصعب أن يتحمل الاختفاء خلف غلاف التقية بعد طول السنين
أنزله على رؤوس المجرمين فالله سينتقم منهم بك ” إنا من المجرمين منتقمون ”.
يا شافي قلوب المحبين من جراح الفراق، الآن وقد اجتاح المجتمع البشري موجودٌ صغير مجهريّ مهلك لا يمكن رؤيته فأرعب الكبار
والصغار على حد سواء وها هو يقضي على الآلاف من البشر كل يوم دون رحمة، ومحبّوك ضاق بهم ذرعا واعتلج الغم بصدورهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولا مفر منه إلا أن ترفع أنت يديك المباركتين نحو السماء وتدعو ربك أن يزيل هذا الغم من على وجه البشرية،
ويطرد هذا الضيف المزعج إلى الأبد، فتنقشع إذ ذاك غيوم الهم من قلوب محبيك ومواليك.
مولاي: جميع العلماء
والعرفاء يحاولون الولوج إلى أبواب حكمتك العالية وعلمك الجم، جلسوا القرفصاء أمام باب منزلك وخضعوا صامتين للاستماع إلى علمك وحكمتك، منك لا من غيرك فقد ابتعدوا كثيرا عن قافلة الخلان حتى ينتفعوا بعلمك اللدني كما استفاد أقرانهم من علوم رسول الله وأهل بيته، فلا حديث بعد حديثك ولا كلام بعد كلامك.
إليكم وإلا لا تشدُّ الركائب * ومنكم وإلا لا تنال الرغائب
وعنكم وإلا فالحديث مزخرف * وفيكم وإلا فالمحدث كاذب
فكلامك يا سيدي أحلى من العسل، وكل عاشق مهجور فقد طريق الوصال وضاع في تيه الآمال، لا يمكنه ارتقاء مدارج الوصول إلا بالخنوع والخضوع أمام أبواب الرجاء.
ولا باب يُؤتى إلا بابك، ولن يرتوي العاشق المحبوب إلا إذا ارتشف كأس الخلود من يديك. حتى البلابل في جنات الربيع لا يغردن تغريدة العشق لولا رجاء وصالك. فلماذا أنت ناظر كما ننظر ومنتظر كما ننتظر حرقة قلب و نظرة أسى؟
نعم، أنت المضطر الحقيقي الذي طالما انتظر ساعة الانكشاف،
والانفراج ليقوم قياما ينتظره جميع الأنبياء
والأولياء طوال التاريخ، ويترقبون ساعة الظهور لحظة بلحظة حتى تأتي لتحيي بنفحة ملكوتية القلوب الذابلة والأرواح الهالكة، وتعيد الروح إلى الأفئدة الجريحة التي ذاقت مرارة سنوات الظلم العجاف.
ولو كانت أرواحنا قابلة لفديناها لنظرة منا إليك،
وقدمناها كالقرابين في ميدان التضحية مقابل بسمة رضاً منك.
فإن كنا مقصرين في ملازمتك فإن أرواحنا التي بين جنبينا نقدمها رخيصة لتراب مقدمك أيها الموعود المودود.
أقبل أيها الشمس المضيئة، فلا ربيع للحب بدون نفحة منك تعيد الروح إلى القلوب التواقة، ولا يمكن لبرعم العشق أن ينمو إلا بنظر منك إليه .أقبل والقِ نظرة علينا فإننا عشاق جمالك والمنتظرون للقائك.
مولاي متى ينجلي الأفق لتظهر لنا صورةٌ عشقناها قبل أن نراها؟
ومتى تنقشع أسارير الحزن المكنون في جنبات الصدور لتنظر إليك بلهفة المتيم.
قلبي يتماثل إلى التراقص في وجدان البكاء، والأمل يشدوني أن أغلق باب اليأس، فقد بدأ الأفق ينجلي عن نور ولي الله الأعظم روحي له الفداء وأمام الشمع المحزون سأمكث حتى ياذن لي ورد محياك الزاهر، أو أبقى حتى تنجلي العتمة عن وجه البدر.
الى مَ نطوف حول الكعبة رجاء لقاك وإلى مَ نلطم صدورنا رجاء سماع حديثك؟ نحن الضائعون – سيدي – لا نهتدي إلى سبيل يصلنا إليك إلا عبر وجودك فقد يسير بنا السير المنحرف نحو متاهات الظلمات، ولكننا نأمل أن يكون القصد الوصول إلى دروب الهداية المحمدية عبرك.
ولكن مهما طال بنا الزمان فإن القلب يبحث عن الهادي؛ عن صراط الله؛ عن المنجي؛ عن المنقذ.
فيا ترى ماذا نرد عليه؟ أجبنا أيها المرشد وأيها القائد وأيها الحجة وأيها الإمام وأيها الصراط.
أجل، كل الوعودأمام جنة لقائك ما هي إلا سراب يرفضه قلبي الصغير بالبكاء تارة وبالحسرة أخرى.
انظر مولاي إلى قلوبنا الحرّى التي أذبلها
وأذهب نضارتها فراق محياك الزاهر، وأكبادنا التي دب فيها اليباس
وفقدت نشاطها وبريقها بالبعد عنك.
أسقنا من شراب وصالك قطرة تغمرنا حبا وشوقا، فنحن متيّمون بك دون اختيار.
إن أُعطي الخضر ماء الحياة فلقاؤك ولو للحظة يعطينا حياة خالدة لا نصب بعدها ولا ظمأ ولا مخمصة، واليوم لا نترقّب قميص يوسف حتى يرد النور إلى أبصارنا التي أعماها طول فراقك! فنحن أمام يوسف الزهراء، وتكفينا نظرة منه، ورب العزة.
يا ولي الله الأعظم : لا ريب أن دعاءك – وأنت المضطر الحقيقي – أقرب الى الاستجابة من دعوات محبيك كلهم جميعا، ومن دعوات الأولياء والأصفياء وأوتاد الأرض! فلا تنس مولاي أن تدعو في أسحارك أن يقرب الله فرجك، ويشرق بلطفه
ومنّه شمس اليوم الموعود فإن مواليك ينتظرون تلك الساعة لحظة بلحظة وآناً بعد آن، بل وقد دبّ اليأس في قلوب الكثيرين ممن لا ترجو – بلا شك- يأسهم. متى ننسى مصائب
ومحَن مئات السنين من الفراق؟
ومتى يحين وقت الانتقام من أعداء الله
وأعدائك وأعداء محبيك الذين لم يفتؤوا يمصون دماء مواليك دون شفقة.
ونحن واثقون أنك قطعا ودون شك تدعوهم جميعا إلى الهداية فأنت تسير بسيرة جدك المصطفى، وأنت مثله رحيم شفيق بالعباد. فمن كان لائقا للهداية أطعمته من شهدها قبل أن تتخذ من آخر الدواء علاجا، حتى ينعم الجميع بالراحة واطمئنان البال
والعاقبة للمتقين .“ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ”. ولا شك أن من أراد الوصول إلى رضوان ربه فلا مناص من اتباعك ليصل إلى مبتغاه، وكم من العباد تواقون إلى الهداية وهم يتيهون في متاهات الضياع.
من أراد الله بدأ بكم
ومن قصده توجه بكم
والسلام .