هل حان وقت الظهور ؟ (قراءة في علامات الظهور)
قال الله تعالى :(ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين)
إن قضية الامام المهدي عليه السلام قضية العالم بأسره لكون الجميع يرنو إلى العدل ويتوق إلى إرساء مبادئ السلام في الكرة الارضية بأجمعها، ولهذا تعرضت طائفة من آية القرآن الكريم ومن الروايات إلى قضية الإمام المهدي عليه السلام وإذا رجعنا إلى التفسير الروائي الوارد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام سنجد طائفة من الروايات أولت اهتماما بخروج الإمام بمعنى يرجع المعنى الدقيق لهذا الآيات القرآنية إلى ما يتعلق بقضية إمامنا المهدي .
كلنا نعرف أن القرآن الكريم له ظاهر وله باطن بل وله اكثر من معنى, فالآيات القرآنية التي تحدثت عنها الروايات وأنها في الإمام المهدي هي آيات تحمل على أكثر من معنى, أحد المعاني لهذه الايات القرآنية يتعلق ببسط العدل وإرساء السلام وانتشال الانسانية جمعاء من الظلم، ولهذا فسرت هذه الآيات أو أرجعت تأويل هذه الآيات إلى قضية الامام المهدي عليه السلام .
المحور الأول: عن قسمين من هذه العلامات :
1. علامات عامة : ونقصد بعموم هذه العلامات أن هذه العلامات يمكن أن تتحقق ،ويمكن أن لا تتحقق، وبعبارة أخرى عبر عنها في الروايات بالقضاء الموقوف يعني القضاء الغير محتوم ليس بالضرورة أن تتحقق هذه العلامات .
2. العلامات التي اكدت الروايات على أنها لا بد أن تتحقق وهي من القضاء المحتوم.
المحور الثاني: وقت خروج الامام المهدي وهل يمكن لنا أن نجزم بأن العصر الكذائي هو عصر خروح الامام المهدي كعصرنا الذي نعيش فيه مثلا؟ وهل نستطيع جازمين أن نؤكد على أن هذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر الإمام المهدي بمعنى توقيت خروج الامام المهدي في عصرنا الراهن؟
المحور الثالث: أن الامام المهدي عليه السلام هل قضيته تساوق وتساوي العلامات التي جاءت وأكدت الروايات على أنه من القضاء المحتوم، بمعنى أن قضيته ضروروية لا بد أن تتحقق كما تتحقق تلكم العلامات التي أكدت عليها الروايات أو أن هناك فارق جوهري وأساسي بين العلامات التي قيل أنها من القضاء المحتوم وبين خروج الإمام المهدي كما سنذكر أن بعض الروايات تشير الى هذا الفارق الجوهري والأساس في قضية خروج الامام عليه السلام.
1. رواية وردت عن الامام الباقر عليه السلام لما سئل: متى يخرج قائمكم؟ قال عليه السلام: إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور وردت شهادات العدل، واستخف الناس بالدماء، وارتكب الزنا، و أكل الربا، واتقي الاشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن ذي النفس الزكية، وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته فعند ذلك خروج قائمنا.
هذه رواية تستعرض قسمين من العلامات كما قلنا العلامة الموقوفة والعلامات المحتومة، فمثلا قضية تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء يشير إلى السحاق واللواط والعياذ بالله والذي هو من الذنوب الكبائر والتي أشارت الروايات أنه يهتز العرش بهذه الذنوب من عظمها، أيضا قبول شهادة الزور ورد شهادة العدل والاستخفاف بالدماء وارتكاب الزنا واكل الربا واتقاء الاشرار مخافة السنتهم يشير إلى وجود مكينة إعلامية يستطيعون أن يأثروا سلبا على الأخيار، فهذه علامات ممكن أن تتحقق وممكن أن لا تتحقق.
القسم الثاني: العلامات التي لا بد أن تتحقق وهي من المحتوم، منها ماجاء في رواية وردت عن الامام الصادق عليه السلام قال: من المحتوم الذي لابد أن يكون من قبل قيام القائم خروج السفياني وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية والمنادي من السماء.
علامة المنادي من السماء هي أن هناك منادي ينادي أن الحق مع علي وشيعته وهناك منادي آخر ينادي أن الحق مع السفياني وشيعته .
أيضا رواية أخرى يُسأل الامام الصادق عليه السلام: السفياني من المحتوم ؟ أجاب عليه السلام : نعم وقتل النفس الزكية من المحتوم والقائم من المحتوم وخسف بالبيداء من المحتوم وكف تطلع من السماء من المحتوم والصوت من السماء من المحتوم، فقلت: وأي شي يكون النداء؟ قال عليه السلام: منادي ينادي بإسم القائم وإسم أبيه. يعني ان الحق فيهم ومعهم.
نريد الآن أن نتعرف على وقت خروج الإمام المهدي وخصوصا أن عندنا بعض الروايات تشير إلى أن وقت خروج الإمام يكون هناك ما يدل على وجود بعض الأمراض والأوبئة التي تفتك بصحة الناس فتؤثر سلبا عليهم ويموت بعض الخلق من تلكم الأوبئة , وقد يطبق هذا على أزمنة مختلفة كما سنشير إلى ذلك.
هل يصح لنا أن نقول بأن زماننا الذي نعيشه هو زمان خروج المهدي؟ وهل يسوغ لنا ذلك؟
نلحظ أن طائفة من الروايات تؤكد بضرس قاطع أنه لا يجوز لنا أن نقول ذلك، بل إن هذا الامر موكول إلى الله عز وجل، لنلاحظ هذه الرواية عن الامام الصادق عليه السلام يرويها أبو بصير، قال: قلت له جعلت فداك متى خروج القائم عليه السلام؟ فقال: يا أبا محمد إن أهل بيت لا نؤقت وقد قال محمد صلى الله عليه وآله: كذب الوقاتون يا أبامحمد، إن قدام هذا الأمر خمس علامات أولهن النداء في شهر رمضان وخروج السفياني وخروج الخرساني وقتل ذو النفس الزكية وخسف بالبيداء.
راوية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام يسأله الراوي جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر متى هو فقال: كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجى المسلمون. يعني هؤلاء الناس الذين رسخ الايمان في قلوبهم ويكيلون الأمر إلى الله ويعرفون أن الله الحكيم العليم والذي بيده مجاري أمور الخلق هؤلاء سينجيهم الله من الفتن، ويصبحون من الصادقين المخلصين الذي ينظرون تحت راية الامام المهدي عليه السلام.
رواية أخرى عن الامام الباقر عليه السلام السائل الفضل بن يسار يسأل الامام الباقر : قال قلت له ألهذا الأمر وقت؟ فقال الامام عليه السلام: كذب الوقاتون كذب الوقاتون كذب الوقاتون، إن موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربه واعد بني اسرائيل ثلاثون يوما ولكن الله زادهم، وقد ذكر الله في القرآن (وواعدنا موسى ثلاثين يوما واتممناها بعشر) فلما زاد الله على الثلاثين عشرا قال قومه قد اخلفنا موسى فصنعوا ما صنعو فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث _يعني كما أمر موسى حدث قومه بثلاثين ليلة ثم الله شاء أن يبدو في ذلك _ فقولوا صدق الله تأجروا مرتين. بمعنى أن لا يسوغ لنا في أي حال من الأحوال أن نؤقت.
أما ما يرجع إلى مسألة وجود بلاء قبل خروج المهدي فإن هناك رواية أيضا تشير إلى ذلك وردت عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم فأما الموت الأحمر فالسيف وأما الموت الأبيض فالطاعون.
يعني أن هناك ما يتعلق بالدمار، ويبدو هناك نوع من أسلحة الدمار الشمال التي سوف تستخدم قبل خروج الإمام المهدي كالأسلحة الكيميائية أو الذرية أو غيرها ولو كانت في إطار محدود، ولكن بالتأكيد هناك موت ذريع قبل خروج المهدي يسمى في الروايات بالموت الأحمر وهناك موت أبيض تتحدث الروايات عنه بمعنى انتشار بعض الأوبئة التي ستفتك في قسم كبير من الجنس البشري لكن هذا لم يجعل من الأمور المحتومة، يعني من الأمور الموقوفة يمكن أن يتحقق ويمكن أن لا يتحقق.
في المطاف علينا أن نلتفت إلى مسألة جدُّ هامة بل في غاية الأهمية وهي: ما هو الفرق عندما نقول بعض العلامات هي من الأمور المحتومة وأمر الامام المهدي من الأمور المحتومة؟
بعض الرواة الذين يقدمون تساؤلات للأئمة عليهم السلام عندهم _كما نعبر _ ذهنية وإلتفاته وقادة فيستطيعون أن يبلورون ويصلون إلى الفهم الدقيق لما يريد المعصوم عليه السلام أن يوضحه، مثلا هذه الرواية وردت عن الامام الرضا عليه السلام وأنه جرى ذكر السفياني في محضر الامام الرضا عليه السلام وما جاء من أمره وأن أمر السفياني من المحتوم، السائل يقول: سئل الامام الرضا عليه السلام فقلت له هل يبدو الله في المحتوم ؟
يعني هذا المحتوم يمكن الله يتغير أو لا ؟ لاحظوا ماذا أجاب الامام الرضا عليه السلام قال: نعم يعني حتى المحتوم ممكن أن يتغير، يعني قالت الروايات أنه سيكون هناك خروح للسفياني وقتل للنفس الزكية هذه أمور محتومة لكن ممكن أن لاتتحقق لأن الله تبارك وتعالى هذا العالم ملكه وهو يتصرف فيه، فممكن أن يحصل بداء فبالتالي تلك العلامات المحتومة لا تتحقق لكن لاحظوا الشق الثاني من التساؤل. هذا السائل يقول للامام الرضا عليه السلام إذا كان الله يبدو في المحتوم وأمر الإمام المهدي من المحتوم يعني هو يساوق ويساوي هذه العلامات التي ذكرت فيمكن أن يحدث الله أمرا فيما يتعلق بالامام المهدي عليه السلام.
يقول هذا السائل قلنا له: فنخاف أن يبدوا لله في القائم، فقال عليه السلام، إن القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد. يعني أن هناك أمور حتمية والامام المهدي من الأمور الحتمية، لكن هناك فارق جوهري بين بعض الأمور الحتمية وبعضها الآخر، وأمر الامام المهدي من الأمور الحتمية لكنه هو وعد من الله تبارك وتعالى والله لا يخلف وعده.
فإذا من خلال الروايات التي استعرضنا طائفتين منها، وطائفة ثالثة تتحدث عن التوقيت، وطائفة رابعة تتحدث أن أمر الامام المهدي لابد أن يتحقق على نحو الجزم والحتم لأنه من الوعد الالهي والذي لا يمكن أن يتخلف، هذه طائفة من الروايات أحب أن أقول أن هناك قسم من الروايات يشير إلى أن أمر الامام المهدي يأتي بغتة كالساعة وبعض الناس يتعجب، فالامام يقول ان الله يصلح أمره في ليلة أو في يوم أو بين ليلة وضحاها، يعني أن هذه الأمور بيد الله وإذا شاء الله أن يرتب الأمور لإمامنا المهدي وهو عبد من عباد الله, فإنه يرتب تلك الأمور له فتصبح الارض ممهداً لخروجه فينشر العدل ويبسط السلام.