أقلام

يسألونك كأنك حفي بها

من الجيد أن نتدارس كمجتمع مهارات حياتية ترتفع وتسمو بنا جميعا نحو تواصل فعال وتفاهم مشترك أكبر،واحتضان فضاءات فعالة ومنتجة عند وردود أي معلومات موثقة المصادر لحدث جديد أو وباء أو حزمة قرارات رسمية. ومن الجيد أن نحيط علما بأن من مهارات المراوغة التي يمتهنها المزعجون
والمشاكسون والمتثاقفون و الفضوليين غير الباحثين عن الحقيقة
والباحثون عن الشهرة المصطنعة، مهارة الأمطار المتعمد للأسئلة بشكل سخيف مهلهل ويهدف فيما يهدف اليه: تذويب الموضوع الأصلي محل الحوار أو التشتيت
والشوشرة، وحرف النقاش عن أصل الفكرة أو التربص بناقلها شرا
وإحراجا. وإذا خوطبوا أهل المشاكسة وإخوتهم من المزعجين بضرورة توجيه السؤال الصحيح
والرصين نحو صلب الموضوع إن كان موجودا لديهم. ردوا تارة بأساليب تمويهية تهكمية: السؤال مفتاح المعرفة ،
وتارة بأقنعة حقوقية تحت شعار: السؤال حق من الحقوق أو السؤال غير محرم أو اسألوا حتى يقال عنكم مجانين ليتذاكوا على محاورهم.
نعم السؤال باب المعرفة، ولكن هذا لا يعني أن كل سؤال يستحق أن يكون أو يصنف بانه سؤال يستدعي الوقوف عنده، ولا كل استفسار محل استفسار يجب التعليق عليه. يتضح لدينا بان هناك تلذذ يثير علامات الاستفهام عن محفزات صاحب الأسئلة المشتتة أو المهلهلة
والحوارات الجانبية المذيبة لصلب الموضوع محل الطرح.

في أيام جائحة كورونا الأولى، كانت كمية المعلومات الرصينة المتدفقة بسيطة. اجتهد البعض من اهل الثقافة الرصينة وأورد البعض من الناس مقتطفات إخبارية من وكالات أنباء عالمية بهدف زيادة وعي الناس أولا بأول
والتشجيع على تحصين أبناء مجتمعه ووطنه من الإصابة بفيروس كوفيد ١٩. يتفاجأ ذلك الشخص الناقل للخبر والمورد للمصدر، يتفاجأ بعدد الأسئلة والمشاكسات التي تمطره عن الوباء
وبالذات السؤال عن تاريخ انجلاء الوباء وعن مصدر الوباء. على ضوء الجائحة، لطفا دعونا نتذكر سويا لكل منا طاقة استيعابية لما تتجه إليه الأحداث وتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية،
ومن الحكمة بمكان إنه إذا أورد شخصا ما نبأ علمي أو تقرير مترجم وموثق المصدر ، أن لا نشاكس ناقل النبأ المدعوم برابط المصدر بالاسئلة الغيبية وكأن الشخص الذي أورد الخبر هو مطلع على الغيب أو ادعى إنتاج مصل له.

بعض تلك الأسئلة الجوفاء والصماء تصغر صورة صاحبها وما بناه في نفوس المحيطين به عن نفسه بسبب عدم قيامه بفروض القراءة قبل طرحه للسؤال/ للأسئلة. فضلا عن أن هناك أساليب وطرق ناضجة في طرح السؤال للمعني به أيضا السؤال الذي يطرحه أي أحد منا يعكس صورة عن عمق قرأتنا وإلمامنا وتمحيصنا للمعلومة قبل النقاش في الموضوع مع الآخرين.

هناك مثل شعبي مشهور ومفاده: لف أصبعك
وكل شخص سيصف لك دواء ! هذا المثل يصدق مع الناس الذين يتحدثون دون علم ولا دراية ولا تمحيص في أمور منها الجائحة.

والعاقل يعرف حقيقة ما هو عليه فلا يماري في الحدث بالخوض في تفاصيل التفاصيل، وإنما يبادر في استنطاق الفائدة المعنية واستنطاق حلول عملية واقعية أو تمحيص اقتراحات لحلول مع من لديهم المام تام بالموضوع ذو العلاقة بالمعضلة أو الأزمة.
و لنتذكر أيضا أن بعض الأسئلة موجهة للناس الغلط وعليه مصداق الآية (ولا تستفت فيهم منهم أحدا) اية ٢٢ سورة الكهف، نلمسه في ارض الواقع.

كما أن هناك أدبيات في تحصيل العلم أو حضور المجالس أو إيراد تعليقات في قروب أو حضور محاضرة، كذلك هناك أدبيات في طرح السؤال و منها :
– تحديد نقطة السؤال
– صياغة السؤال بطريقة واضحة لا لبس فيها
– عدم التسفيه بالنقاش أو الحط منه من خلال أسئلة هابطة أو مهلهلة.

ما يقتل روح المشاركات العلمية أو مبادرات نقل الأخبار الموثقة من مصادرها في كثير من الأحيان في بعض المجتمعات أو القروبات هو الهياط ورشق الناقل بكم من الأسئلة الغيبية لتعريضه لنوع من الإحراج. كان الاولى من أولئك النوع من الناس رفع أسئلتهم للمصدر أو مركز البحوث أو العالم الباحث ومطالبته بالأجوبة. وإن كان أحد يملك معلومات أدق منه ينازل صاحب البحث (beat the reference)، ففي هذا النوع من الجدال العلمي إن وقع إثراء ونمو وإيجاد حلول. وعندما يتم طرح السؤال الناضج في مكانه السليم فان لكل سؤال يتولد سؤال(The question behind the question).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى