أقلام

الإنفاق في الزمن الصعب

لسنا بحاجة الى أن ندلل أو نبرهن على خطورة هذه المرحلة التي تعيشها الأمة في ظل هذه الأزمة التي اجتاحت العالم بأسره ( كورونا ) مما جعل العالم يدخل في واقع ومنعطف خطير وغير معهود فلم نر من قبل مدنا بأكملها قد أغلقت ولا حركات النقل قد توقفت والحركة عامة قد شلت وكأنك ترى الحياة قد تعطلت ، وهذا ما جعل الاقتصاد العالمي يصاب بمصيبة ورزية لم يتخيلها ولم يتصورها أمهر وأبرز خبراء التحاليل الاقتصادية فقد تحدثت التقارير عن خسائر فادحة وأرقام خيالية ومذهلة أصابت الدول والشركات المختلفة وهذا ما سيؤدي بلا شك الى تغيير جذري في خارطة العالم بأسره
ولكن مما يؤسف له حقا أن الكثير من الأسر عموما والمتوسطة الدخل خصوصا في عالمنا العربي وغيره لم تدرك خطورة هذا الموقف وهذا التحول حتى هذه اللحظة وكأن الذي يحدث لا يعنيها أصلا أو هو بعيد عنها بالرغم من أنها أكثر المتضررين في هذه الآزمة وهذه الجائحة شئنا أم أبينا وقد تسألني لماذا ؟ و اجيبك ذلك لعدة أمور أبرزها و أهمها لأنها لم تعرف شيئا اسمه الادخار لمواجهة الأزمات في الظروف الصعبة لأنها محدودة الدخل وليس لها ما تدخره ولهذا كان شعارها الذهبي ( أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ) فينبغي أن ندرك أن المبالغ النقدية التي يحتفظ بها كادخار للأيام السوداء تمثل سلاحا مهما في وجه الأزمات الصعبة والغير متوقعة ، لهذ أصبح من الضروري لكل ذي لب وعقل أن يجعل له خارطة طريق تنقذه من تبعات هذه المحنة أو تخفف عليه من آثارها السلبية ، ولذا قرعت الأجراس وارتفعت الأصوات المنادية بتغيير أنماط الحياة الاقتصادية والمعيشية حتى لا تصل بنا الآمور الى ما لا تحمد عواقبه وفي هذا السياق أشارت مديرة بنك دبي الإسلامي أمل عبدالعزيز الى أهمية الوعي في هذه المحنة وقالت : ان من الأمورالطبيعية أن تؤثر الأزمة على الأسرة، لذا يكون الوعي مهما لمعرفة كيفية مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، فالتوفير هو أول سبل الحماية المادية للأسرة ولتحقيق القدرة على التوفير يجب تقنين المصروفات ووضع ميزانيات محددة لكل شيء، وتخفيض الانفاق سواء في التسوق أو حتى التقليل من نفقات الكهرباء عن طريق اطفاء الاجهزة والانارة في حال عدم الحاجة إليها.
فليس من المنطق ولا العقل أن تبقى حياتنا تسير برتم ونسق ثابت لا يتغير في جميع الظروف والأحوال وكأننا نقول ( كلمة الرجل واحدة ) ولا يمكن ان تتغير بأي حال من الأحوال فنخرب بيوتنا بأيدينا !! وهنا يلزمنا أن نفكر بواقعية جادة بتقليل وتقليص المصاريف الترفيهية والثانوية هذا إن لم نتمكن من الاستغناء عنها مطلقا في هذه المرحلة ؟ والتركيز على الأمور الأساسية التي لا غنى عنها والالتزام بالقدر الكافي للحاجة، دون زيادة أو نقصان وذلك حفاظا للنعمة فالموائد التي كانت حافلة بأنواع الأطعمة والأشربة ولا تزال مما تشتهيها الأنفس وتتوق إليها فيؤكل منها ما يؤكل أما يبقى فهو نصيب للحيوانات أو لحاويات القمامة !! فهذا من شأنه أن ينزل غضب الله تعالى الذي يقول : {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ويقول: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}
وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر يا بن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمة فاحذره ومن أعطى الشكر لم يحرم الزيادة قال الله تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود.
وقال الصادق ” عليه السلام “: النعمة وحشية فاشكلوها بالشكر. ومن أبرز صور الشكر عدم تحقيرها وإهانتها بأي شكل من الأشكال
فما لم تتغير سياستنا الشرائية والأستهلاكية وأنماطنا الحياتية والمعيشية في ظل هذه الأزمات والتحديات الصعبة فإن مستقبلنا القريب ستكون نتائجهوبلا ريب ولا شك كارثية ومحزنة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ولنعلم ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى