أقلام

إيحاءات قرآنية (٩)

سيد أمير العلي

تصدّي غير الكفوئين، ووصولهم بشتّى الطرق غير الصحيحة إلى مواقع القرار، واحد من أهمّ أسباب هدر ثروات المجتمعات والأمم، وبقائها رهينة الأزمات المتكرّرة. وهذا السبب بدوره له أسباب، من أهمّها انكفاء المؤهّلين والجديرين بالتصدّي؛ لزهدهم أحياناً، ولفساد الواقع الذي يمنعهم من الدخول في عمليات صنع القرار أحياناً أخرى.

هذه مشكلة قد يعرفها الجميع، ويعرف أيضاً بأنّ المناصب لا ينبغي أن تخضع للمحسوبيات، أو ترتهن لأمزجة زعمائها، بل يجب أن يكون لعنصري الأمانة والخبرة القول الحاسم فيها. لكنّ الجميع قد يعوّل في سبيل حلّ مشكلة المشاكل هذه على طرق متعدّدة، فلا يجد لها أثراً، وليس ذلك راجعاً بالضرورة لعدم وجودة القدرة في كلّ تلك الطرق على إنتاج الحلول، وإخراج المجتمع من أزماته، بل لإغفال العنصر الذي يضمن وجوده تطبيقها الصحيح، ويؤدّي فقدانه إلى عجزها عن التأثير.

هذا العنصر هو الرقابة الذاتية، أو التقوى بالتعبير القرآني، التي تمنع الإنسان من أن يستلم زمام أيّ منصب ما لم يجد في نفسه الأهليّة. وهو ما نجده متوفّراً ومؤثّراً في قصّة نبيّ الله يوسف عليه السلام، فبعد أن نجح في امتحان إدارة نفسه، ولم يخضع للظروف الحسّاسة التي شهدها، تجلّت أمانته وصدقه، ثمّ أعلن عن توفّره على مؤهّلات المنصب الذي شخّص ضرورة تصدّيه له، وبالفعل قدّم للتاريخ تجربة ناجحة ومميّزة.

(قَالَ ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلْأَرْضِ؛ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
سورة يوسف؛ ٥٥.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى