الشيخ العايش في أمسية فقهية مع خريجي البترول وفقه المعاملات سيد اللقاء
مهدي المبروك: الدمام
استضافت مجموعة طلاب وخريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الأحسائيين ( KFUPM-H ) مساء يوم الاثنين الماضي سماحة الشيخ حسين العايش في جلسة حوارية فقهية افتراضية عبر برنامج (Zoom)
أفتتح المهندس نعيم المطوع اللقاء مُرحِّباً بالأعضاء المشاركين الذين بلغ عددهم خمسين متابع، ثم رحب بضيف اللقاء سماحة العلامة الشيخ حسين العايش، أستاذ الحوزة العلمية وعضو لجنة الاستهلال الدينية بالأحساء وإمام جامع الإمام علي -عليه السلام- بالمبرز.
وجه المهندس المطوع إلى الشيخ العايش خلال سبعين دقيقة، ستة عشر سؤالا من أبواب فقهية متعددة بين الصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج. وكانت الأسئلة معدة مسبقا من أعضاء المجموعة، وتركزت حول زكاة الفطرة وطريقة إخراجها خلال جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية. وتعمقت الأسئلة وصولا إلى مباني الفقهاء في إمضاء المعاملات المالية البنكية والحكومية. وفي ختام الجلسة تلقى الشيخ سؤالين مباشرين من المتابعين عبر البث المباشر. وهذا ملخص “بشائر” لأهم ما تعرض له سماحة الشيخ.
أستهل الشيخ العايش جوابه حول جواز إخراج زكاة الفطرة في بداية شهر رمضان قائلا: “وفق رأي السيدين الخوئي -رحمه الله- والسيستاني -حفظه الله-: يجوز إخراج زكاة الفطرة خلال شهر رمضان المبارك. أما وفق رأي السيدين الخميني -رحمه الله- والخامنئي -حفظه الله- : لا تجب زكاة الفطرة إلا بعد غروب الشمس من ليلة العيد” وأوضح أن المراد بإخراج زكاة الفطرة: “اقتطاع الإنسان مبلغ من أمواله وتقديمها للفقير بنية زكاة الفطرة وفق النصاب المذكور في الفقه”. وأردف قائلا: “لو كنت في بلد لا يوجد فيه فقراء أو لا تعرف أحدا من الفقراء، يمكن أن توكل أي شخص نيابة عنك في أي منطقة فيها فقراء فيُخرج المبلغ بوكالته عنك ويسلمها للفقير”.
وأكد العايش أن مسألة تشخيص جواز تحويل زكاة الفطرة عبر الحساب البنكي من عدمه هي من مختصات الفقيه الجامع للشرائط “ولا تبرأ ذمة المكلف إلا بالعمل وفق فتواه” وقال: “اعتقادك الشخصي بأن التحويل البنكي لا يختلف عن التسليم اليدوي لا يقدم ولا يؤخر”
واسترسل العايش قائلا: “وفقا لمبنى السيد السيستاني -حفظه الله- الحوالة البنكية لا يمكن أن تكون لعين الزكاة بل للأموال أي قيمة الزكاة وليس عينها” وهذا اشكال يمنع من التحويل البنكي. ومن ناحية أخرى أوضح العايش اشكالية أخرى حول تملك البنك للأموال فقال: “لو حوّل المكلف زكاة الفطرة عبر البنك إلى حساب الفقير -حتى مع التنسيق المسبق- لا تبرأ ذمته لعدم تحقق القبض” ولكن وفق رأي من يرى من المراجع أن البنك يملك والتحويل لقيمة الزكاة يكفي فهناك يمكن الاكتفاء بالتحويل البنكي مباشرة.
واستدرك العايش الحل بالنسبة لمقلدي السيد السيستاني -حفظه الله- فأكد أنه بإمكانهم أن يتفقوا مع الجمعية التي يريدون أن يحولوا لها زكاة الفطرة بحيث يكون التحويل عبر حساب الجمعية المخصص فقط لزكاة الفطرة. وذلك بعد أن يأخذ المكلف وكالة من الفقير أو الحاكم الشرعي فيخرج قيمة زكاة الفطرة وفق النصاب المذكور في الفقه بنية الإقراض للفقير بحسب وكالته عنه، ثم يحتسبه من زكاة الفطرة ويحول المبلغ للجمعية. أو يُقرض الجمعية الخيرية مثلا، ثم يحول قيمة زكاة الفطرة لها فيقبض العاملين في الجمعية المبلغ وبحكم ما لديهم من وكالة شرعية عن الفقراء أو الحاكم الشرعي يستلمون المبلغ نيابة عن الفقير ثم يسلموها للمستحق.
وعقّب العايش موضحا: “هذه المسألة محل اختلاف بين الفقهاء كسائر الاختلافات الموجودة في المسائل الفقهية الفرعية. وهي نظير اختلاف أهل التخصصات فيما بينهم كالأطباء والمهندسين مثلا”
وتطرق العايش لموضوع الربا في إجابته على سؤال حول تحقق الربا في الأوراق النقدية اليوم فلفت النظر قائلا: “الربا على قسمين، ربا المعاملات في الأشياء الموزونة والمكيلة وربا القرض. أما ربا القرض فلا يختص بالذهب والفضة ولا بالنقود التي لها ما يعادلها في البنك المركزي، بل هو متحقق في أي نوع من أنواع القرض. وله أدلته الخاصة الدالة على حرمته وإن لم يرتبط مال القرض بالذهب والفضة”
وأشاد بإذن المرجع السيستاني -دام ظله- لمقلديه بأن أجاز سماحته إيصال ٢٥٪ من الحقوق الشرعية للجمعيات الخيرية أو الفقراء مباشرة دون الرجوع للوكيل أو الحاكم الشرعي. وأكد بأن فتوى السيد السيستاني -حفظه الله- الأخيرة، تنص على أن المديون عند حلول رأس سنته الخمسية، ودينه أكبر من الفائض عن مؤنة سنته، يسقط عنه شرعا وجوب الخمس.
واستهجن الشيخ العايش ما قد يتوهمه البعض من جواز سرقة الأموال مجهولة المالك لاسيما التي تكون من المال العام أو أموال البنوك وقال: “كون مال البنك مجهول المالك -وليس ملكية مشاعة- لا يسوغ السرقة منه لعدة وجوه منها، هذه السرقة هي تعدٍ على النظام، ومخالفة النظام حرام شرعا وحفظ النظام الذي يحفظ حياة الناس واجب شرعا”.
وأجاب الشيخ العايش بكل شفافية وواقعية حول رقابة المرجعية الدينية لوكلائها بالقول: “المرجعية تتعامل وفق الواقع المتاح -وهذا الواقع أدى خدمات عظيمة- فلا تستطيع أن تتعامل بأكثر من أن تشترط الوثاقة والعدالة في الوكيل” واسترسل في التوضيح قائلا: “الاختلاسات والنهب يحصل حتى مع بعض الدول الكبرى المتقدمة رغم كل إمكاناتها وصلاحياتها! فلا يمكمنا أن نتهم الأئمة أو المراجع بالتقصير” وأكد على وجود شيء من الأخطاء والهفوات ولكن “التطوير حسب الزمان والمكان مطلوب بحسب المقدار المتاح”
ختاما، تحدث العايش عن تحديد مصداق الفقير شرعا فقال: “الشارع المقدس يحدد الفقير شرعاً وفق ما يحدده العرف ويمكن الاعتماد على الإحصائيات الرسمية إذا كانت سليمة وأعدت وفق معايير محددة”
جدير بالذكر أن مجموعة (KFUPM-H) استضافت الشيخ العايش قبل أكثر من عشرين سنة خلال شهر رمضان الكريم في جلسة حوارية ناقشت معه علاقة طلاب الحوزة بطلاب الجامعة. ولمن يود مشاهدة اللقاء كاملا الضغط هُنا.