أقلام

علماء النفس في جامعة غوته يبحثون في ذاكرة الانطباعات المرئية قصيرة الأجل

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

عندما ننظر إلى نفس الشيء (الجسم) بنظرات تتابعية (متلاحقة) سريعة، نظرتنا الثانية له تعكس دائما صورة محرفة قليلا لهذا الشيء.

مسترشدة بخصائص الشيء المتنوعة كإتجاه حركته ولونه وموضعه المكاني، فإن ذاكرتنا قصيرة الأجل ترتكب أخطاءا منهجية، وعلى ما يبدو، تساعدنا هذه الأخطاء في استقرار الانطباعات المتغيرة باستمرار لبيئتنا، تم اكتشاف ذلك من قبل باحثين في معهد علم النفس الطبي بجامعة غوته Goethe، ونشرت النتائج في مجلة نتشر كومينيكشين.

‎تعلمنا ذلك كأطفال: حتى نعبر الشارع بأسلوب مثالي، علينا أولا أن ننظر إلى اليسار، ثم إلى اليمين، وأخيرا مرة أخرى إلى اليسار.

‎إذا رأينا سيارة وراكب دراجة يقتربان منا عندما كنا ننظر إلى اليسار أول مرة، هذه المعلومات يتم تخزينها في ذاكرتنا قصيرة الأجل، خلال النظرة الثانية جهة اليسار، ذاكرتنا قصيرة الأجل تفيد بأن الدراجة والسيارة موجودتان من قبل، وهما نفسهما، ولا يزالان بعيدين بما يكفي،
‎ونقوم بعبور الشارع بأمان

‎هذا، مع ذلك، ليس صحيحا على الإطلاق. ذاكرتنا قصيرة الأجل تخدعنا، عندما كنا نتظر إلى اليسار في المرة الثانية، أعيننا ترى شيئا مختلفا تماما: لم يعد للدراجة والسيارة نفس اللون بعد لأنهما الآن يمران بظل شجرة.

‎ولم يعودا في نفس الموقع، وربما حتى السيارة تتحرك ببطء أكثر، حقيقة أننا مع ذلك نميز الدراجة والسيارة على الفور يرجع إلى حقيقة أن ذاكرة أول نظرة تجاه اليسار تبدو أنها  أثرت على (كانت لصالح)  النظرة الثانية
‎الباحثون في جامعة غوته، بقيادة السايكلوجي كريستوف بليدوفسكي Bledowski وطالبة الدكتوراه كورا فيشر، أعادا بناء الحالة المرورية- بشكل تجريدي للغاية – في المختبر: قيل للطلاب المشاركين أن يتذكروا اتجاه حركة النقاط الخضراء أو الحمراء التي تتحرك عبر الشاشة.

‎خلال كل تجربة، رأى الشخص المشارك في التجربة حقلَي  نقاط متحركة بتتابع (تلاحق) قصير، وكان عليهم  أن يبلغوا  لاحقا عن اتجاه حركة أحد حقلي النقاط هذه.

‎في الاختبارات الإضافية، تم عرض حقلي النقاط تزامنيا بجانب بعضهما البعض. أكمل جميع الأشخاص المختبرين العديد من التجارب اللاحقة،
‎كان باحثون من فرانكفورت مهتمين جدًا بالأخطاء التي يرتكبها الأشخاص المشتركون في التجربة، وكيف تم ربط هذه الأخطاء بشكل منهجي في تجارب متلاحقة (متتابعة).

‎لو، على سبيل المثال، تحركت النقاط المرصودة في اتجاه زاوية مقدارها  10 درجات وفي التجربة التالية باتجاه زاوية مقدارها 20 درجة، معظم الأشخاص  أفادوا أنها تحركت بزاوية مقدارها من 16 إلى 18 درجة للتجربة الثانية.

‎ومع ذلك، لو زاوية صفر (0) درجة كانت هي الزاوية الصحيحة في التجربة التالية، المشتركون في التجربة أبلغوا عن زارية مقدارها من 2 إلى 4 درجات للتجربة الثانية، وبالتالي، فإن اتجاه التجربة السابقة قد حرف ادراك التجربة التي  تلتها – “ليس كثيرا، ولكن بشكل منهجي”، كما يقول كريستوف بليدوفسكي.

‎قام هو وفريقه بتوسيع الدراسات السابقة من خلال التحقيق في تأثير المعلومات السياقية لمجالات النقاط، كاللون والموضع المكاني (يمينًا أو يسارًا) وتسلسل ظهوره (الأول أو الثاني).

‎يشرح بليدوفسكي  “بهذه الطريقة، نقترب تقريبًا من الظروف الحقيقية، حيث نحصل فيها على أنواع مختلفة من المعلومات المرئية من الأشياء”، هذه المعلومات السياقية، وخاصة المكان والتسلسل (تسلسل الظهور)، تساهم بشكل كبير في حرف الإدراك اللاحق في الذاكرة قصيرة الأجل.

‎تقول المؤلفة الأولى  كورا فيشر Cora Fischer: “تساعد المعلومات السياقية على التمييز بين الأشياء المختلفة وبالتالي تساعدنا على دمج معلومات الشيء نفسه بمرور الزمن”.

‎ماذا يعني هذا لحالة المرور عندنا ؟ يقول بليدوفسكي  “في البداية، لا يبدو الأمر جيدا لو كانت ذاكرتنا قصيرة الأجل تعكس شيئا مختلفا عما نراه ماديا، ولكن لو كانت ذاكرتنا قصيرة الأجل غير قادرة على القيام بذلك، كنا سنرى حالة حركة مرور جديدة تماما عندما نظرنا إلى اليسار في المرة الثانية.

‎سيكون هذا مربكا تماما، لأن سيارة مختلفة وراكب دراجة مختلفا كانا ليظهرا فجأة، “الضبابية” الطفيفة في إدراكنا التي سببتها الذاكرة تؤدي بنا في نهاية المطاف إلى إدراك بيئتنا.

‎التي يتغير مظهرها باستمرار بسبب التغيرات في الحركة وفي الضوء، على أنها مستقرة / ثابتة، في هذه العملية، فإن الإدراك الحالي للسيارة، على سبيل المثال، قد تأثر فقط بالإدراك السابق للسيارة، ولكن لم يتأثر بإدراك راكب الدراجة “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى