ماذا تود أن تكتب للأجيال عن عام ٢٠٢٠
أمير الصالح
بعد عدة عقود من الآن، كيف تود أن تروي وتصف جائحة كورونا للأجيال؟ وما هي الرسالة التي تود أن تنقلها عبر الأجيال؟ وليس كما يكتبها أهل الصحافة أو الوثائقيات المتلفزة!
شخصياً أكتب عبر هذا المنبر ما أود أن أقوله لأبناء الأجيال القادمة عن عام ٢٠٢٠ م:
أطال الله أعماركم، وأمدكم بالصحة والبركة والتوفيق والسلام عليكم أحبتي، حتما يمكنكم تصفح الوثائقيات التلفزيونية، وأرشيف الإذاعات والجرائد في أيامكم، وسترون تسجيلاً كاملاً لبعض جوانب أحداث عام ٢٠٢٠ ميلادية أيام الجائحة من خوف وهلع وتباعد وانهيار أسواق وإلغاء وظائف،
واختصاراً لوصف الحال، فقد الإنسان الأمان الصحي من إخوه الإنسان، واحتجب الناس عن مصافحة بعضهم البعض، وأقر التباعد الاجتماعي بمسافة مترين بين الشخص والآخر،
وفرضت عقوبات وقائية مالية رادعة لأي تجمع بعنوان الأفراح أو الأتراح أو المثاقفة أو العبادة أو المؤانسة، حتى أضحى من البر بالوالدين الاكتفاء بمهاتفتهم دون زيارتهم.
رسالتي لكم _أبناء الأجيال القادمة_ هي عندما تمرون على أحداث جائحة الكورونا عام ٢٠٢٠ م: تذكروا أنه من لم يهتم بأمور كوكبنا والبيئة والصحة العامة، ويسعى لخلق التأثير التوعوي الإيجابي المطلوب، فمن سوء الطالع لذلك الشخص الأناني أو المتهور أو (المهايط) ولمن حوله هو أنه سيتحطم أو يزداد منسوب تحطيمه لذاته وتحطيم من حوله صحياً أو نفسياً بعدم التزامه بالإجراءات الوقائية الصحية الاحترازية، وهذا يضعف المناعة الجماعية
والاجتماعية. إن هذه السلوكيات الأنانية من فرد ما ستجعل الأجواء غير صحية له ولمن حوله لفترة طويلة من الزمن.
من جهة أخرى، فإن الاشخاص الإيجابيين
وأصحاب السلوك المسؤول يسارعون بالتفاعل المسؤول مع الإرشادات الصحية العامة دون إغفال الهموم الإنسانية، كالحقوق العامة وحفظ حقوق الأقليات، والتوزيع العادل للثروات وتكافؤ الفرص،
وتجنب الصراع على المناصب في القطاعات المختلفة، وأهمية التحصيل العلمي، وشمول تغطية الرعاية الصحية للجميع، وتقديم الكفاءات في العمل على الانتماءات.
عند انتشار أي جائحة يعقبها فرض حجر منزلي وقائي ، فاطرحوا على أنفسكم الاسئلة التالية:
– بماذا يمكنني أن أستفيد من هذا الحظر؟ أو ماذا استفدت خلال تلك الفترة؟
– ماذا أود أن أصنع بعد رفع الحظر؟ أو ماذا أخطط للوصول إليه من إنجازات بعد العودة للحياة المعتادة؟
– تشخيص من هم الأكثر إلهاما من المحيطين بكم لتجاوز هذه الأوقات العصيبة، والالتفاف حول آرائهم، وتشخيص من هم الأكثر سلبية وتحصين النفس من سموم أفكارهم
– عادة في الأوقات العصيبة تتوقف المهاترات وتستنفر الجهود والطاقات للتغلب على تداعيات الكوارث؛ وإن من أشعل أو يحاول إشعال مشاغبات خلال الازمات الكبرى داخل البيت الاجتماعي الواحد أمر يستدعي دارسة حقيقة ما يصبو إليه هذا أو ذلك الإنسان من أهداف أو حب بروز أو صراع نفوذ أو استحواذ للفت الأنظار.
– الحديث المتعارف بأنه حديث نبوي شريف: اغتنم خمسا قبل خمس: اغتنم شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك … الحديث “. حديث مملوء بالحكمة والإرشاد، ويحث على اغتنام الفرص. ولعل من الحكمة والفطنة المتابعة لأي ملف أو قضايا تهم أي شخص أو مجتمع لتحصيل ما يمكن تحصيله قبل اندلاع أزمات قد تهيل التراب على ذلك الملف، وقضايا اخرى لبروز قضايا أكبر، وهذا من فنون انتزاع الممكن.
– الاحتفاء بكل شيء، والثناء على الله لنعمه الكثيرة في حياتنا اليومية المعتادة، فقد مرت بعض أيام الجائحة العصيبة حتى أضحى بلوغ دور العبادة دعاء يقال آناء الليل وأطراف النهار، والتنزه على الكورنيش شي من الأحلام، ومصافحة الإخوة يداً بيد شيئاً من الخيال، وكل ذلك بسبب خشية الناس من تفشي الفيروس.
فاغتنموا أحفاد أحفادي أيامكم، إن بلغت رسالتي هذه أيامكم ، خَلّوا الأجواء من الفيروسات بترسيخ أواصر الحب
والمودة وطيب الكلام والبعد عن التشنج
والاحتقان والاستفزاز،
وكسب الأصدقاء
والابتعاد عن المهاترات، وصنع المفيد وترك الضار من الناس والأعمال. انتهت رسالتي الموجهة لأحفاد أحفادنا بحمد الله عن عام ٢٠٢٠، ويمكن لكل قارئ أن يدون رسالته إليهم، فهم أحفاد أحفادنا، ولهم حق علينا وإن لم يخلقوا بعد، ولكنهم حتماً سيسمعون بما حل بنا،
ومن الجيد أن يسمعوا منا قبل أن يسمعوا ممن يوظف الحدث لغرض في نفسه.