كيف يربط الدماغ بين الأحداث لتشكيل ذاكرة؟
ترجمة: عدنان احمد الحاجي
دراسة في جامعة كولومبيا علي الفئران تكشف عن عمليات ذهنية غير متوقعة منهمكة في هذه العملية
النتائج تعزز الجهود لربط دارات مركز الذاكرة في الدماغ بالأحداث المميزة والمنفصلة زمانيًا.
وتشير إلى مجالات بحثية جديدة عن اضطرابات الهلع وما بعد الصدمة، امرأة كانت تمشي سيرًا على الأقدام في الشارع سمعت دويًا، بعد لحظات قليلة اكتشفت أن صديقها، الذي كان يمشي قبلها، أُطلقت عليه النار.
بعد شهر، ذهبت المرأة إلى غرفة الطوارئ لتفقده، الضوضاء الصادرة من شاحنات القمامة ، تقول المرأة، سببت لها نوبات هلع.
دماغها قد شكل ربطًا عميقًا ودائمًا بين الصوت العالي والمنظر الذي شهدته من قبل، هذه القصة، التي نقلها الطبيب النفسي الاكلينيكي، والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة الطبيب محسن أحمد، دكتوراه.
هي مثال قوي على قدرة الدماغ القوية على تذكر وربط الأحداث الواقعة في أزمنة منفصلة.
والآن، في هذا الدراسة الجديدة على الفئران والتي نشرت في 8 مايو 2020 في مجلة نيرون Neuron سلط باحثون في معهد زوكرمان zuckerman التابع لجامعة كولومبيا، الضوء على كيف يمكن للدماغ أن يشكل هذه الروابط [بين الأحداث] الدائمة.
كشف الباحثون آلية مذهلة يستخدمها الحصين hippocampus، وهو منطقة في الدماغ حاسمة للذاكرة، ليبني جسورًا عبر الزمن.
بإطلاق ومضات من النشاط الذي يبدو عشوائيًا، ولكن في الواقع يشكل نمطًا معقدًا حيث، بمرور الزمن، يساعد الدماغ في تعلم الإرتباطات [بين الأشياء]، من خلال الكشف عن الدارات circuitry الأساسية التي وراء التعلم الترابطي (التعلم بالإرتباط / الاقتران)، فإن النتائج أرست أساس لفهم القلق، والإضطرابات المتعلقة بالصدمة وعوامل المسببة للإجهاد.
كاضطرابات الذعر واضطرابات الضغط النفسي المتصل بما بعد الصدمة، بشكل أفضل، والتي فيها يبدو أن ما يبدو أنه حدث محايد [الحدث الحيادي يثير الإنتباه ولكنه لا يستدعي استجابة ايجابية أو سلبية، يمكن أن يستثير استجابة (ردة فعل)سلبية.
قالت أتيلا لوسونزي Attila Losonczy، دكتوراه في الطب، وهي الباحثة الرئيسية في معهد مورتيمر بي زوكرمان لسلوك العقل والدماغ Mind Brain Behavior التابع لجامعة كولومبيا والمؤلف المشارك في الورقة : “نحن نعلم أن الحصين مهم في أشكال التعلم التي تنطوي على الربط بين حدثين حدثا حتى بفارق 10 إلى 30 ثانية”.
“إن هذه القدرة هي مفتاح للبقاء على قيد الحياة، ولكن الآليات التي تقف وراءها أثبتت أنها محيرة.
بهذه الدراسة على الفئران ، قمنا بربط mapping العمليات الحوسبية المعقدة التي يقوم بها الدماغ بالأحداث المميزة والمنفصلة زمانيًا “، الحصين – وهو منطقة صغيرة على شكل فرس البحر مطمورة عميقًا في الدماغ – يعتبر مقرًا مهمًا للتعلم والذاكرة.
أظهرت التجارب السابقة على الفئران أن اضطراب الحصين، يترك الحيوانات تواجه صعوبة في تعلم الربط بين حدثين تفصل بينهما عشرات الثواني.
قال الدكتور أحمد، أستاذ مساعد في الطب النفسي السريري في كلية فاغيلوس للأطباء، والجراحين في جامعة كولومبيا، والمؤلف الأول المشارك في هذه الدراسة: “الرأي السائد هو أن الخلايا في الحُصين تواصل الحفاظ على مستوى من النشاط المستمر لربط مثل هذه الأحداث”. وبالتالي فإن إيقاف نشاط هذه الخلايا سيعطل عملية التعلم ».
لاختبار هذه النظرة التقليدية، قام الباحثون بتصوير أجزاء من حصين الفئران حين تعريضها لمحفزين مختلفين: صوت محايد.
[الصوت المحايد هو الذي يلفت الانتباه لكنه لا يستدعي استجابة ايجابة أو سلبية] يليه نفخة صغيرة ولكن مزعجة من الهواء، بعد فاصل زمني مقداره خمسة عشر ثانية بين الحدثين. كرر الباحثون هذه التجربة عبر عدة محاولات، بمرور الزمن، تعلمت الفئران ربط النغمة بنفخة الهواء التي تعقبها بفاصل زمني قصير.
باستخدام الفحص المجهري الفوتوني المتقدم وتصوير الكالسيوم الوظيفي، قاموا بتسجيل نشاط آلاف الخلايا العصبية.
وهي نوع من أنواع خلايا الدماغ ، في حصين الفئران تزامنيًا على مدار كل محاولة من المحاولات لعدة أيام،
قالت الدكتورة لوسونزي Losonczy، وهي أيضًا أستاذة علم الأعصاب في كلية فاغيلوس للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا: “من خلال هذه المقاربة، يمكننا محاكاة، وإن كانت بطريقة أبسط، العملية التي تمر بها أدمغتنا عندما نتعلم الربط بين حدثين”.
لفهم المعلومات التي قاموا بجمعها بشكل واضح، تعاون الباحثون مع باحثي علوم الأعصاب الحوسبية الذين طوروا أدوات رياضية قوية، لتحليل كميات هائلة من بيانات التجارب.
وقال باحث الأعصاب الحوسبية ستيفانو فوسي Stefano Fusi، دكتوراه، وهو باحث رئيسي في معهد زوكرمان في جامعة كولومبيا والمشارك في تأليف ورقة الدراسة: “توقعنا أن نرى نشاطًا عصبيًا متكررًا ومتواصلًا والذي استمر خلال فترة فاصلة مدتها 15 ثانية، وهو قرينة على أن الحصين منهمك في ربط النغمة السمعية مع نفخة الهواء، ولكن عندما بدأنا في تحليل البيانات، لم نر مثل هذا النشاط.”
ولكن، كان النشاط العصبي المسجل خلال فجوة الخمسة عشر ثانية ضعيفًا جدًا، فقط عدد قليل من الخلايا العصبية ارسلت اشارات fire، ويبدو أنها فعلت ذلك بشكل عشوائي.
وبدا هذا النشاط المتفرق مختلفًا بشكل واضح عن النشاط المستمر الذي أظهره الدماغ أثناء مهام التعلم والذاكرة الأخرى ، كتذكر رقم هاتف، قال جيمس بريستلي Priestley، مرشح الدكتوراه الذي يشرف على بحثه الدكتوران لوسنزي Losonczy وفوسي Fusi في معهد زوكرمان بجامعة كولومبيا، والمؤلف المشارك الأول للورقة” “يبدو أن النشاط يظهر ويختفي (متقطع) في فترات زمنية متقطعة وعشوائية طوال المهمة”.
“لفهم النشاط، كان علينا تغيير طريقة تحليل البيانات، واستخدام الأدوات المصممة لفهم العمليات العشوائية بشكل واضح”.
في النهاية، اكتشف الباحثون نمطًا من العشوائية: نمطًا من الحوسبة العقلية التي تبدو طريقة فعالة بشكل ملحوظ تستخدمها الخلايا العصبية لتخزين المعلومات، وبدلاً من أن تتواصل الخلايا مع بعضها البعض باستمرار، تقوم الخلايا العصبية بتوفير الطاقة- ربما عن طريق تشفير المعلومات في الروابط بين الخلايا، التي تسمى بالمشابك العصبية، وليس من خلال النشاط الكهربائي للخلايا.
قال الدكتور فوسي Fusi، وهو أيضًا برفسور في علم الأعصاب في كلية فاغيلوس للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا: “كنا سعداء برؤية أن الدماغ لا يحافظ على نشاط مستمر طوال كل هذه الثواني.
لأنه، من الناحية الأيضية، ليست الطريقة الأكثر فعالية لتخزين المعلومات، يبدو أن الدماغ لديه طريقة أكثر كفاءة لبناء هذا الجسر ، والذي نعتقد أنه قد ينطوي على تغيير قوة المشابك”.
بالإضافة إلى المساعدة في ربط mapping الدارات circuitry المعنية بالتعلم الإرتباطي [بالأحداث المميزة والمنفصلة زمانيًا]، توفر هذه النتائج أيضًا نقطة بداية لاستكشاف الاضطرابات التي تنطوي على اختلالات الوظيفية في الذاكرة الترابطية، كاضطرابات الذعر والضغط النفسي المتصل بما بعد الصدمة.
قال الدكتور أحمد، وهو أيضًا عضو في مختبر لوسونزي Losonczy في معهد زوكرمان في جامعة كولومبيا: “في حين أن دراستنا لا تنمذج بشكل صريح.
المتلازمات syndromes الإكلينيكية لأي من هذه الاضطرابات، إلا أنها يمكن أن تكون غنية بالمعلومات للغاية” “على سبيل المثال، يمكن أن تساعدنا على نمذجة بعض جوانب ما يمكن أن يحدث في الدماغ عندما يعاني المرضى من هلع اقتراني بين حدثين ليس من شأنه أن يؤدي إلى إثارة الرعب أو الذعر لشخص آخر”.