أبحث عن شمس النهار
زكي الشعلة
كانت تتكلم بصوت حزين وبدموع منهمرة على خدها كالعين الجارية، وقلبها مجروح وبنبرات صوت حزينة لمن يسمعها تقطع أحشائه، وبكلمات متقطعة مصحوبة برعشات الخوف والخجل والحياء وتبحث عن الأمل والسعادة، وكيف تنالها وهي لم تر شمس النهار ولا قمر الليل. تعيش في غرفتها وحيدة وأمها مطلقة وزوجة أبيها مسؤولة عنها وأبوها ساهٍ في أعماله وتجارته. وغرفتها وسط البيت وهي مأوى أمانها ومملكتها الصغيرة وثم إلى المطبخ والصالة لخدمة ذلك البيت في النهار، وبعد الانتهاء من خدمة البيت يتم قفل الباب عليها ليلاً ويفتح صباحاً للخدمة والعمل والطعام. فلا أحد يسأل عن الفتاة وهي في عمر الزهور وكانت تبكي على سوء حالها عندما تضع رأسها على الوسادة، وعندما تسألها ماذا تريدين ؟، فتجيبك بأني أريد أن أرى شمس النهار ولو مرة في حياتي حتى أشعر أني على قيد الحياة وأن باب الأمل سيفتح في يوم من الأيام.
فما أقسى قلب الأب عندما يترك أبناءه ولا يقدم لهم أي عطاء معنوي وعاطفي ويضمهم إلى قلبه الدافئ ويلبي احتياجهم، وما أقسى قلب الأم التي أنجبت عيالها وتركتهم يصارعون الحياة بدون رعايتها ولا اهتمامها، الأولاد والبنات يحتاجون إلى رعاية نفسية وليس الاقتصار على الطعام والشراب والملبس والمأوى، الجانب النفسي والعاطفي مهم في بناء الإنسان وزرع الثقة فيه واكتساب المهارات الحياتية التي يحتاجها لمواجهة الصعاب وتعامله مع الآخرين، وإهمال هذا الجانب يسبب لهم النقصان المعنوي مما يخلق فيهم الانطواء على حياتهم والعصبية مع الآخرين وكرهون الحياة لأنهم لم يتغذوا من حب الوالدين ولم ينالوا الرعاية والاهتمام والاحترام.
تربية البنت لها خصوصية تختلف عن تربية الولد، فالبنت عاطفية تحتاج إلى التعامل معها بعاطفة أبوية وأمومية جياشة حتى تستقيم أمورها وأهم شيء هو أن يفهمها أحد من أفراد الأسرة ويكون معها في بعض آرائها، تحتاج البنت إلى الحنان والمحبة والاهتمام والرعاية والثقة والسؤال عنها وتلبية طلباتها الأساسية ومعرفة خصائصها السيكولوجية والنفسية وإشباعها ليمتلئ قلبها بالعطف والمودة والحنان، وكلما ملئت قلبها بالحب استقامت أمورها ونلت منها الإخلاص والوفاء والثقة وبهجة الحياة، فهي زهرة البيت وشمعته، وضحكتها بهجة للقلب وانتعاشه، غيابها عن البيت جفاف وحزنها الدائم حرمان السعادة، فتحتاج إلى دلع الأبوين لتزهو وتنير.
تربية الولد تختلف عن تربية البنت من الناحية النفسية، فالولد يحتاج إلى فهم واحترام وتقدير الوالدين مع تعزيزه المحبة والقبول للأعمال التي ينجزها، وفي بعض المهام لا بد أن تشد عليه بالعمل وكسب المهارات الاجتماعية حتى يكون رجلاً تعتمد عليها مستقبلاً، لا تتهاون بكسله وتملصه من الأعمال المنزلية أو الطلبات الخارجية، علمه كيف يتكلم مع الرجال؟ علمه كيف يحترم الكبير ويوقر الصغير؟ علمه كيف يحترم والديه ويطعهما؟ لا تتهاون أبدا في السلوكيات الخاطئة التي تصدر منه، فإنه يختبر والديه وإذا سكتا عنه طالت يده إلى ما هو أكثر، فكن بين الحزم واللين حتى تستقيم أموره وهذه الأمور لأجل حياته المستقبلية.
لربما أقسو على ولدي وأكون جافاً معه في بعض الحالات مع الحب والرحمة وذلك لأجل بناء الرجولة، وأكون عطوفاً رؤوفا على بنتي لأجل بناء العاطفة والحب في قلبها، وإذا فقدت حنان الأبوة فلا يعوضها شيء إلا الزوج الحبيب الحنون الذي يفهمها، فالعيال نعمة ورحمة في بيوتنا فلنعطف عليهم ونجلس ونتحدث معهم بكل حرية وأمان، وكما ورد في الأثر: ” البناتُ حسناتٌ، والبنون نعمٌ، فالحسناتُ مثابُ عليها، والنعم مسئولٌ عنها “.
سؤال التحدي الأسبوعي: عدد لا يقع بين 7 و10، وأكبر من 8، فما هو؟
أ) 7 ب) 8
ج) 9 د) 11
جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي: 2