التكلف وهم مصطنع
جواد المعراج
إن معنى التكلف بشكل عام هو التصنع والتظاهر بشخصية على غير الحقيقة، كأن يخرج الشخص عن المعتاد، ويبالغ في تحقيق ما يصعب الوصول إليه منطقيا.
التكلف يعتبر سبب في انعدام الاستقرار النفسي والاجتماعي لدى البشر، لأنه تتضارب فيه اتجاهات تؤدي إلى الخروج عن سيطرة العقل والمنطق، وهذا يجعل الإنسان يفقد القدرة على ضبط السلوك وحالة التوازن النفسي، وغالبا ما يسيطر عليه الخوف والقلق والغضب. هناك أمثلة على التكلف منها التكلف في الكرم والتضحية والعطاء زيادة عن اللزوم، والادعاء بالمحبة والطيبة على الفقراء والمحتاجين، ويوجد من يدعي امتلاك الصفات الحميدة والكماليات الإيمانية والدينية والثقافية والإنسانية والعلمية والعملية، وهو في الحقيقة أبعد ما يكون على ذلك غير التلون كالحرباء وارتداء الأقنعة المتعددة والتباهي أمام الناس.
التكلف من خلال عدم إظهار الشخصية على حقيقتها دليل على شعور الإنسان بالنقص والخوف من التعامل مع الناس والأحداث الصعبة التي مر بها في الحياة، ولهذا نرى المتكلفين يحاولون دائما أن يظهروا شخصياتهم محترمة عند الآخرين حتى يبعدوا عنهم مخاطر مواجهة الواقع وتبعاته.
إن الثمرة التي نجنيها من هذه الهمسات الإنسانية هي إن من سمات الشخصيات غير المتكلفة هي أنهم لا يدعون على أنفسهم بما ليس فيهم، وأن لا يقولوا ولا يفعلوا إلا إذا قاموا بتطبيق ما يقومون بقوله وفعله، وهذا ما يذكر في الفكر الإسلامي من ناحية الحث على الاتصاف بالصفات الإيجابية ولكن باعتدال وتوازن، ودون التكلف. عن الإمام علي (عليه السلام): ” لا تَشْتَغِلْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ وَلَا تَتَكَلَّفْ فَوْقَ مَا يَكْفِيكَ وَاجْعَلْ كُلَّ هَمِّكَ لِمَا يُنْجِيكَ “.