أقلام

عظم الله لكم الأجر

رباب حسين النمر

مع الظروف الراهنة التي تحول معها التزاور والتجوال إلى الشكل الافتراضي عبر (الأبلكيشن) بمختلف برامجه التواصلية، لا يكاد المرء يتنقل بأصابعه- التي تحمل روحه – بين مجموعات الواتساب ، أو السناب، أو التويتر، أو الانستقرام حتى يصطدم نظره بعبارة(عظم الله لكم الأجر)، في فقيد قضى عليه غول العصر الذي تنوعت شرائح ضحاياه بين كبار السن، والأطفال، والمصابين بالأمراض المزمنة، والسليمين من أي شيء سواه، والمقاتلين في الصف الأمامي من الأطباء والطبيبات، والممارسين الصحيين والممارسات، وعوائلهم وذويهم.
لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تصفعنا عبارة( عظم الله لكم الأجر) وتفجعنا القروبات الواتسابية التي أنشئت بغرض تقديم التعازي، ومجالس التعزية التي تعذرت إقامتها واقعياً، فانتقلت إلى الحالة الافتراضية على ما بها من ألم أهل المصيبة، وصعوبة تواصلهم للعالم من حولهم، وردهم على ما يرد إليهم من اتصالات على مختلف أصعدة التواصل الافتراضي، وصعوبة وضعهم في ظل التباعد في مجتمع اعتاد الالتفاف وقت الشدة ، وشد الأزر بالحضور الجسدي أوقات الأزمات.

وفي المقابل لا يزال الاستهتار قائماً من قبل البعض، وإنكار المرض، أو التنصل عن تبعات الاحتراز واتباع الإجراءات الوقائية والتباعد بسبب الملل الناشيء عن طول فترة الحظر.

مهما كان سبب الاستهتار، وسبب الانفلات، وسبب البرود عن الالتزام بالأمور الاحترازية يجب علينا الآن أخذ الأمور بجدية أكثر من ذي قبل، فقد ازداد الفايروس شراسة وعنفاً، وباتت تصرفاته وتطوراته الجينية صادمة ومفاجئة.
ولا يغيب عن الذهن الواعي ما قدمه صفوف الأطباء من تضحيات بالأوقات والجهود، والأرواح والأنفس، والأقارب من الدرجة الأولى الذين يتعرضون مع ذويهم لخطر الإصابة بالعدوى، وحرمانهم من الالتقاء بذويهم المقربين من أجل القيام بواجب الدفاع المقدس في ساحات المستشفيات، وتحولهم إلى ضباط يدافعون عن ثغورنا الصحية، ويقفون عند أمن العافية، فيحاربون البلاء الشرس. يجب أن نضع هذه التضحيات أمام أعيننا، وهذه التحديات أمام تفكيرنا المنصف.
كيف نعترف بفضل جهودهم؟ ونرد لهم شيئاً من جمائلهم؟
هل ننصف تضحيات الدكتور أحمد البوعلي، أو الممرضة رضية الحمود والدة الفقيدة معصومة حبيب، باستهتارنا؟ وبقلة صبرنا؟
هل نعرض حياة من هم بركتنا في هذا الوجود إلى الخطر بسبب التهور والأنانية وإيثار شهوات النفس؟

ليس أقل من تأدية واجب الصبر والالتزام والتباعد أمام ما يقدمه هؤلاء النبلاء من تضحيات وما يواجهون من تحديات لعدو استطار شره، ولا يزالون على رأس المقاومة، وإيجاد أسلحة تساعد على تخفيف أعراضه أو القضاء عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى