إلى متى أيها الزوجان تبقون في نجرة؟ (والله يسمع تحاوركما)
صالح الرستم
إن استمرار المشاكل بينكما أيها الزوجان الكريمان سيسرق عليكما السعادة نهارا جهارا، والأيام التي طواها الغروب لا يُعيدها الشروق، وفي حال انتبهتما متأخرين فمن يضمن لكما السارقيْن المرض والهرم، فإذن عليكما المسارعة بالتخلص حالا من كل ما يعكر صفو حياتكما، والأمر جد بسيط لو استطعتما رصد الأسباب، وسأتلوها عليكما واحدا واحدا وسترون في النهاية كم هي بسيطة .
أولا: اعلما علم اليقين بأن تكوين الأسرة المستقرة الآمنة من أشد ما يغضب الشيطان لأن بناء الأسرة تعني له بناء مجتمع وبناء أمة، لذا فلن يهدأ له بال حتى يعكر صفو هذا الاستقرار مبتدئا برنامجه من النقطة الأضعف من كلا الزوجين أو كلاهما، مستعينا بجنده من شياطين الإنس والجن، فيحرك هذا من جانب ويحرك ذاك من جانب آخر كي يكون الإصطدام أشد وأقوى، (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، بمعنى آخر أنتما بين أمرين إما أن تُدخلا السرور على الشيطان وهو يرقص على جراحكما أو تُدخلا السرور على قلب رسول الله وهو المتهلف على راحتكما، فإذا وضعتما رأسيكما على الوسادة وأنتما بين صراع العقل والهوى، فانظرا أيهما ينتصر، الهدم أم البناء، وإذا لم يتوقف الهدم فمتى يبدء البناء؟!
ثانيا: الأمنيات النرجسية التي كنتما تعيشانها قبل الزواج في عالم الأحلام والخيال يجب التخلص منها حالا ولا بد من النزول إلى الأمر الواقع والقبول به والتعايش معه، فالأحلام التي كنتي تعيشينها أيتها الزوجة مع ذلك الفارس في قصص ألف ليلة وليلة وتلك الحورية التي رسمتها أيها الزوج على رمال الصحراء، فلتتوقف قليلا لتيعشا سويا واقعكما كما هو، لأنه هو الأجمل والأروع لو أحسنتما التعامل معه بحكمة وذكاء .
ثالثا: إن العقد الذي تم بينكما بكلمة الله ومباركة من محمد وآل محمد صلوات عليهم أجمعين، حري بكما أن تقفا له اجلالا واكبارا وتقديرا لعظم المسؤولية وحجم هذا العقد، وفكرا ألف مرة قبل أن تخدشا هذا العقد بمشاكل هنا ومشاكل هناك وتعاملا معها بشيء من التعقل والروية .
أعتقد وكلي ثقة بعد قراءة هذه النقاط الثلاث ووضعها كخطوط عريضة في الصفحة الأولى من جريدة الحياة الزوجية، سيكون كل شيء جليا بسيطا يسهل معه بدء المرحلة الثانية من التفاهم وجميل الإصغاء بين الحبيبين، وهذه المرحلة تعتبر جسر الوصال الأوثق لحل كل المعضلات مهما كبرت وهي الجلوس على مائدة التفاهم أفصح لي أيها الزوج ماذا تريد؟ وأفصحك لك ماذا أريد؟ ويكفيكما فخرا واستبشارا بأن الله تبارك وتعالى هو الذي يسمع تحاوركما وهذا بحد ذاته كاف أن تلين بحضرته القلوب، وبعد هذا التفاهم اصنعا لكما سفينة نوح كي تبحرا بها عبر كل الأمواج العاتية مستقبلا مهما تعالت وعظمت، وبناء السفينة هو أداء الصلاة بتمامها وكمالها وفي وقتها ولا أقصد أداءها بالركوع والسجود فقط وإنما بحضور القلب ما أمكن في جميع حركاتها، فذلك هو إكسير الحياة، جربا ذلك شهراً وانتظرا النتيجة، ستبهركم حياة ما بعد هذه الصلاة وستكون الأيام غير الأيام والزمان غير الزمان .
ملأ الله أيامكما سعادة وساعاتكما حب وعبادة، ولتحيا كلمة الله فيكما وليخسأ مكر الشيطان عنكما.