أقلام

ورطة سفر!..الثانية عشر

صادق العليو

عدنا اليكم والعود أحمد لنكمل لكم ماتبقى من ورطتنا في اقصى جنوب ارخبيل الفلبين وقد ذكرنا لكم كيف تدخلت الشرطة في القرية لتوقف مجريات المقابلات العمالية التي اجريناها لفحص واختيار مايناسب منهم للعمل معنا ، وكان السبب الرئيسي بالطبع التكدس والطوابير الكبيرة التي فاقت مانتوقعه او تستطيع التعامل معه مركز شرطة القرية مما اعتبرته تهديدا محتملا فتدخلت عنوة وسرحت الطوابير وطالبت وفد اللجنة المراجعة لمركز الشرطة وهو مالم يكن في الحسبان ولكن أمر مزعج ان يتأخر برنامجنا ونتأخر في البقاء اطول في هذه المنطقة المفقودة من التطور والحضارة وفي هذا الفندق الكئيب حتى اللوعة.

في اليوم الثاني لتوقفنا عن العمل راجعنا مركز الشرطة كلجنه يصاحبنا وكيل الإستقدام الفلبيني وكنا مترددين من الذهاب لشكنا في حسن التعامل معنا في ظروفهم الأمنية ومنازعاتهم في هذه المناطق إذ إنها تفقد الأستقرار ، وقد كنا مخطأين نوعا ما فما أن وصلنا وأستقبلنا قائد شرطة المنطقة والذي حضر من قرية أخرى تبدوا اكبر من قريتنا هذه يرافقه بعض الضباط وعقدنا اجتماعا مطولا لشرح الوضع والأسباب لحضورنا ولما قمنا به من تجربة غير مألوفة لهم البته وأيضا تعريفا بطبيعة عملنا والوظائف التي نستقطبها والأهم من ذلك ماعرضناه من تسهيلات مالية كريمة لغرض التخفيف على العمالة المنتقاة للعمل معنا في تذليل صعوبات سفرهم وتأمين احتياجاتهم وعوائلهم والقروض الميسرة التي سيصرفها الوكيل لهم مقابل إستقطاعها لاحقا بأقساط مرنه عند وصولهم المملكة ، لقد كان كل هذه الأسباب مضافا الى ماعانته اللجنة من صعوبة السفر والسكن والتنقل لأجل الحضور شخصيا للعمالة وزيارتهم في أماكن عملهم لتوصيل الفكرة والدعوة لهم لحضور المقابلات ، ان ماقمنا به وقدمناه اعتبرته اللجنة الأمنية التي قابلتنا لتقييم موضوعنا بأنه عملا ملائكيا قلما يسمع به في الحاضر ولايعرف عنه إلا في كتب الروايات.

نعم تم الترحيب بنا كثيرا وشكرنا قائد الشرطة ولجنته المرافقة وأكثر من ذلك تم توجية دعوة لنا لحضور احتفالهم السنوي بيوم الأمن الذي يحتفلون به حيث يشارك فيه اغلب القطاعات بمسيرات وفرق عزف واستعراضات بالملابس الرسمية والآليات والألعاب الرياضية وغيرها ، وتم ابلاغنا بإنا سنكون ضيوف شرف في المنصة الرئيسية في هذا الأحتفال ، ورغم حفاوة الدعوة والعواطف المصاحبه لها إلا أن جدول سفرنا يضيق والمهمة تزداد صعوبة إذا لم ننجزها بالوقت المناسب ، ولكن قائد الشرطة في المنطقة أصر بإن ترافقنا بعد ذلك دورية تكون معنا خلال فترة عملنا لتسهل تنظيم طوابير المقابلات ومنع التزاحم وتجنب أي مضايقات ولحمايتنا ان استدعى الأمر ، كما طلب منا أن نترك فندقنا الحالي لننتقل الى فندق آخر حديث ( حسب تقييمه) يتوفر فيه الكثير من الرفاهية على ان نبقى المقابلات في قاعة الفندق السابق لحجم الصالة ، وايضا كان تدخله في تيسير الحجز في الفندق وسهولة الأنتقال بدون اي اشكالات مالية مع الفندق القديم وهو ماشجعنا على القبول فورا وايضا قبول دعوة الحضور للمهرجان والحفل السنوي ونحن مضطرين بالطبع ولكن مابيد حيلة  .

وعند عودتنا للفندق لتجهيز انتقالنا للفندق الثاني تم معاملتنا بطريقة مختلفة بل ومتميزة جدا وكأننا مهراجات من بلاد الواق واق مع كامل التبجيل والأحترام ، ونقلت حقائبنا بدون اي تأخير الى الفندق الثاني والذي لم يكن بعيدا إلا أنه يقع على الشاطي ولدية حديقة خاصة به ومسبح كبير خارجي والفندق لم يكن كبيرا من ناحية الحجم ولكن غرفة حديثه مع تكييف مستقل وحمامات تحوي كل التجهيزات وبانيو ( نعم بانيو متوسط الحجم ولكنه رائع مقارنة بستارة النمل في الفندق السابق) احسسنا اننا في نعمه ورفاهية لاتقاس مقارنة بما كنا عليه من قبل ، فأخذنا كل راحتنا من التمقط على الأسرة والوسائد والتسردح بالنوم وبعد التسبح والتروش نزلنا للعشاء في الحديقة الخاصة فكان سيفوود مشوي ،،،، وقد اخترنا ربيان حجم عملاق إذ يكفي ان تمسك واحدة بكفك والطبق يحوي اثنان فقط ولديهم اسماك من جميع الأنواع ، وفهمنا بأن هذا الفندق يخص شخصية ثرية من خارج المنطقة ولايسمح لأي سائح او دخيل النزول فيه إلا لمرتادين مخصصين وبتوصية خاصة لما فيه من رفاهية غير معلن عنها للخصوصية ، وطبعا هناك وسائل ترفيه كثيرة موجودة في الفندق تصل لحد الممنوعات للآخرين والمحرمات للمسلمين ، ولكنا التزمنا بالمقبول وتركنا لباقي اعضاء لجنتنا أن يسرحوا فلسنا عليهم بوكيل ، والمهم الكل كان مرتاح ومبسوط فبعد ثلاث ليالي عجاف كان لنا هذا الفرج ولو متأخر قليلا واستمتعنا بالإقامة والأكل والخدمة وصار الواحد يشوف ناس يرتاح يكلمهم وله نفس ياكل وياهم .

وبقي الترتيب للمقابلات في الفندق السابق ولكن كان اكثر تنظيما وأسرع وتيره فتمكنا من اختيار مجموعة اكبر من توقعاتنا لأننا غالبا ماسنفقد بعضهم بسبب الفحص الطبي وعدم التصريح بالسفر وسجل السوابق ومشاكل اصدار الجواز وتصاريح العمل بالخارج وايضا ربما ممانعة السفارة لشروط خاصة بالعمل ،،،الخ ، ووجود اعداد إضافية يسهل على الوكيل استبدال كل من يسقط اثناء عملية التجهيز والتفييز ، وهنا قاربت مهمتنا على النهاية إلا من القليل ولكنا لانستطيع الرحيل وفي عنقنا وعد قطعناه لحضور الأحتفال السنوي كأعضاء شرف ، وكان الحفل بعد يومين ، وهذا يستدعي إعادة تنظيم حجوزات الطيران للعودة فليس هناك مقاعد سفر جاهزة يوميا وعلينا ان نحجز من مدة ان رغبنا التغيير ، ولكن تدخل الواسطة هنا ايضا ينفع إذا بمكالمة من وكيل الإستقدام مع قائد المنطقة وبعد عدة مكالمات تم ترتيب اعادة الحجوزات وتأخير سفرنا ليومين أحدهما نقضية في الحفل السنوي بهذه القرية وماجاورها من القرى ، والآخر سنقضية بمدينة اليجان والتي يقع فيها مطار المغادرة وهي اكبر مدن تلك المنطقة وتعتبر مدينة متحضرة نوعا ما يرتادها العديد من السياح للسياحة والرفاهية وماتوصي حريص ، وقلنا على بركة الله والله يعينا على شرح ذلك لمجلس الأدارة عند عودتنا بالسلامة.

وفي يوم الأحتفال وبعد ان صحونا مبكرين وكلنا نشاط مترقبين كيف سيكون الحفل وكيف سيتم تعاملنا ونحن ضيوف شرف نقبع في المنصة الرئيسية ، وصارت أنفسنا تراودنا بالكثير من الأحساسيس والأفكار الحماسية ، وبعد فطورنا الرائع والذي اكلنا فيه فطور وغدا ، جائنا مدير الفندق ليخبرنا بوجود سيارة رسمية بإنتظارنا لتأخذنا لمكان الحفل وهو مالم نعمل حسابه ، الظاهر بيزفونا بالونانات ،،،، ولكن انتهت المساحة وصار لازم نكمل في حلقة جديدة وحتى ذلك الوقت نستودعم الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى