(شؤون أسرية) حرية شخصية أم غياب تربية؟
سهام الخليفة
ذات مرة، وعند موقف إشارة مرور، وكانت وقتئذٍ حمراء, وبينما أنا، وزوجي بالسيارة ننتظر، مستمعين لتلاوة آي من القرآن الكريم، توقفت بجانبنا سيارة، يقودها شاب يبدو من هيئته اللامبالاة، والطيش، إلى هنا لا غرابة بالأمر،
لكن ماحدث في تلك اللحظات القصيرة، هو ما استرعى انتباهي، وأثار استنكاري، فقد
كان مذياع سيارة الشاب يصدح بالموسيقى، والأغاني بصوت عالٍ جدًا، والشاب في حالة رقص، وغير مراعٍ للذوق العام.
أثناءها بادر زوجي بإطفاء المذياع، منهيًا صوت التلاوة القرآنية المباركة.
نظرتُ إليه مستغربة، معترضةً: “لماذا فعلت ذلك؟!
من عليه أن يخجل، ويستحي، نحن أم هو؟!
فردّ عليّ بهدوء:
“ليس خجلًا، ولا استحياءً بل تكريمًا، وإجلالاً لكلام الله أن يخالطه لغو الجاهلين، ولغط السخيفين”.
حينها استدركت ما حدث، واعتذرت لزوجي .
لأن الغضب أخذ مأخذه مني حينها، وكم وددتُ أن ننبه الشاب لفداحة تصرفه، ونردعه.
لكن زوجي لم يحبذ هذا الرأي، موضحاً:” لا. ليس من الحكمة فعل ذلك، لأن البعض في غمرة انغماسه، ولهوه لن يستمع للنصح، وربما ازداد عناداً، وغطرسة”.
تساءلتُ: “أمعقول ما يحدث؟!
أين الصحوة غابت عنه؟ ليتجاهل هذه الآية الشريفة، :
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَانصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” (204).
ليجيبني زوجي ببصيرة ثاقبة: “يا زوجتي العزيزة، للأسف هناك بون شاسع بين الأجيال في مواقفهم تجاه فهم، وتدبّر القرآن، واحترام قدسيته. وأيضاً هناك مواقف عدة تشابه هذا الموقف، وتُعدّ تصرفات غير مسئولة، تجانب الصواب، ويبررونها بحرية شخصية، لابد من التنبيه عليها، ومراعاتها، لكن بحكمة، وأسلوب محبب، غير منفر.
تمتمت:
” صدقت، لابد من الاهتمام بثقافة الحريات الشخصية، ومعرفة حدودها منذ الصغر.
إن التربية الدينية تبدأ من كنف الأسرة، ليت الآباء، والأمهات يهتمون بتوجيه أولادهم، ويكونون قدوة حسنة لهم، وتكمل مؤسسات المجتمع الأخرى المهمة.
إن دورها ضروري في ترسيخ هذه النواحي الحياتية، وجعلها من مظاهر السلوك القويم.
أردف زوجي بقوله:” لا تنسي يا عزيزتي، أن المحتمع بكل أطيافه، يبذل جهده، لكن هناك ثغرات، قد ينفذ منها الجهل، والتهاون، ندعو الله بالهداية للجميع.