الموت الصامت.. في رحيل العيثان
سيد موسى الشخص
إن ألم الفقد جعل الحروف تتساقط من قاموسي! فأنا لاأمتلك الكلمات التي تستطيع أن تعبر عن حزني على أخي وصديقي وحبيبي الأستاذ معتوق العيثان. لقد فقدت قبله بأيام اثنين من أبناء عمومتي. واليوم أفقد أعز أصدقائي، فأجدني عاجزاً عن التعبير عن جرحي الدامي، وكما قال الجواهري رحمه الله:
(قد يقتل الحزن من أحبابه بعدوا
عنه فكيف بمن أحبابه فُقِدوا؟)
واحزناه عليك يا أبا عبدالله! إن حزني عليك لسرمد، وليلي عليك لمُسَهَّد.
هذا الرجل يمتلك من الصفات الفريده ماتجعله حبيب الجميع، فهو المؤمن صاحب الأخلاق الدمثة الكريم المتواضع.
حين فقدناه فقدنا رمزاً للمثل والخلق. كان هادئاً في كل مسيرته، مما يجبرك على الالتزام بالهدوء حتى في موته! مات بكل هدوء، ولكننا لم نستطع أن نتحلى بهدوئه! فقد أشعل نار الحسرة في قلوبنا بعد رحيله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
كيف لمثلي أن يختزل بحراً من المناقب في كوز من الشعر والأدب؟ هو من اجتاز حدود المداد والورق وخلّف في قلوبنا الحزن والشوق.
يعز على قلبي أن أقف راثياً ومؤبناً لسيدين عزيزين على قلوبنا: أبي أحمد (سيدنبيه)، وأبي علي (سيد عبدالله) ورمز الأخلاق الصديق العزيز (معتوق العيثان) أبي عبدالله، ونطلب من الله عزوجل أن يلهم محبيهم الصبر والسلوان، وأن يقبلهم قبولاً حسناً مع محمد وآله الطاهرين.
الموت الصامت
1-حنانكَ أيُّها الأَجَلُ
فقَدْ ضاقتْ بنا السُّبُلُ
2- وقد أودتْ بنا الأحزانُ
والآلامُ والعِللُ
3- وقدْ ضاقتْ بنا الدُّنيا
وذابتْ بالأسى المُقَلُ
4- وكمْ قلبٍ غدا جمراً
لأحبابٍ قدْ ارتحلوا
5- مَضَوا منْ دونِ توديعٍ
وحبلُ الودِ مُتَّصِلُ
6- وماعهدي بهم خانَوا
فهمْ في الوصلِ مابخلوا
7- وماظني بهمْ عافوا
ديارَ الأهلِ وانتقلوا
8- ولكنَّ الردى ذئبٌ
ومنْ أطباعهِ الخَتَلُ
9- على أنيابهِ ارتسمتْ
وجوهٌ كُلُها مُثُلُ
10- وقدْ غالتْ يدُ الأيامِ
أحباباً لنا شُعَلُ
11- نبيهُ الخيرِ وا أسفي
عليهِ – غالهُ الأجلُ
12- وقدْ عاثتْ بهِ الأقدارُ
واستسقتْ بهِ النُصُلُ
13- كريمٌ فيْ عشيرتهِ
وللرحمنِ يبتهلُ
14- وعبُداللهِ قدْ نزلتْ
على أعتابهِ القُلَلُ
15- وقدْ حاطتْ بهِ الآلامُ
حتى خَيَّمَ الوجلُ
16- ولمْ ترحمْ لهُ قلباً
ولمْ يضحك لهُ الأمَلُ
17- وبالأهوالِ قدْ جاءتْ
سهامُ الموتِ تنتصلُ
18- سقتْ أحبابَهُ مُراً
بكأسٍ طعمُههُ جللُ
19- أتحسبُ أنكَ المحمولُ
فوقَ النعشِ مُذْ حَمَلوا؟
20- فكلُ مُشيعيكَ الأمسِ
في نعشِ الأسى حُمِلوا
21-ومعتوقُ الذيْ بالحبِ
بينَ الناسِ ينتقلُ
22-ويَرويْ مِنْ محبتهِ
قلوباً منهُ تَشتعلُ
23-وبالإيمانِ والأخلاقِ
للرحمنِ يتصلُ
24-قضى بالموتِ ليتَ الموتَ
يدريْ كيفَ ينتقلُ
25-رمى فيْ القلبِ أحزاناً
وغادرَ وَهْوَ يَحتفلُ
26-وصبريْ ليسَ يُسعِفُني
وجُرحي ليسَ يندَمِلُ
27-وصبريْ قَبلهُ جبلٌ
ودُكدِكَ ذلكَ الجبلُ
28-وقلبيْ صارَ مُنفطرًا
ودمعي فيكَ ينهملُ
29-وجئنا فيْ عزاءِ الأهلِ
لكنْ غصتْ الجملُ
30-فياربيْ تقبلْهُمْ
بإحسانٍ لِما عملوا
31-فهمْ عنْ هذهِ الدنيا
إلى لُقياكَ قدْ شُغِلوا