التعاون بين الأكاديميين والحوزويين تكامل للمجتمع، الدكتور قاسم الجبر مثالاً
مهدي المبروك: الدمام
عُرف مجتمعنا المحلي بأصالة التدين بين أبنائه وشدة تمسكهم بالمعتقدات والشعائر الإسلامية. فلا تجد أحدا منا إلا وتأخذ القضايا والمسائل الدينية جزءا من اهتماماته وأنشطته اليومية بشكل أو بآخر، مما يؤدي إلى كثرة التواصل والنقاش بين أبناء المجتمع -لا سيما الأكاديميين- وطلبة العلوم الدينية (الحوزويين).
تميزت بعض القضايا الدينية بحساسية خاصة لتأثيرها المباشر على الحياة الاجتماعية مما يثير الجدل واللغط بسبب عدم فهمها بشكل واضح عند عامة أبناء المجتمع. ومن هذه القضايا مسألة دخول الشهر القمري ورؤية الهلال لا سيما أهلة شهر رمضان المبارك وشهر شوال وشهر ذي الحجة لارتباط الأول بفريضة الصوم والثاني بعيد الفطر السعيد والثالث بفريضة الحج.
لمع هذه السنة في أفق منطقتنا نجم الدكتور قاسم محمد الجبر -استشاري طب الأسرة وطب كبار السن- الذي وفّق بالاستفادة من خلفيته العلمية الأكاديمية في مساعدة المجتمع على هضم وتفهم حيثيات وضوابط دخول الشهر القمري وثبوت الهلال وفق المباني الفقهية للمرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله. حيث عانى الدكتور الجبر من شح المراكز الإسلامية خلال رحلته في دراسة الطب في الخارج مما شجعه على الاهتمام بالاستهلال وحيثياته الفقهية والفلكية.
قام الدكتور الجبر بمطالعة فتاوى السيد السيستاني حول دخول الشهر القمري ومن ثم مراجعة قيم الهلال لكل شهر منذ مطلع عام ١٤٣٦ هـ إلى شوال ١٤٤١ هـ ومقارنتها بما يصدر من مكتب السيد السيستاني بالنجف الأشرف حول ثبوت دخول الشهر من عدمه. وساعده في ذلك الاستاذ المهندس أحمد حسين الجبر بمراجعة قيم الهلال هذه على معياري يالوب وعودة الفلكيين. كما استفاد الدكتور الجبر أيضا من سماحة العلامة الشيخ علي الدهنين -حفظه الله- في فهم فتاوى السيد السيستاني في هذا المجال. وبعد جلسات مناقشة وورش عمل مكثفة ومراسلات مع مكتب المرجعية في النجف الأشرف خلص الدكتور الجبر إلى النتيجة التالية:
١- إذا اطمئن المكلف إلى وجود الهلال في أفقه واجتمعت كلمة الفلكيين على إمكانية رؤيته بالعين المجردة، يبني المكلف على دخول الشهر ولا يوجد دافع للاستهلال سوى الاستحباب والتدريب.
٢- إذا اطمئن المكلف بعدم وجود الهلال في أفقه أو اجتمعت كلمة الفلكيين على استحالة رؤيته بالعين المجردة، يبني المكلف على اتمام العدة ولا يوجد دافع للاستهلال سوى الاستحباب والتدريب.
٣- إذا اطمئن المكلف بوجود الهلال في الأفق ولكن اختلفت كلمة الفلكيين في إمكانية الرؤية بالعين المجردة، يجب الاستهلال ورؤية الهلال بالعين المجردة لاثبات دخول الشهر القمري الجديد.
وذكر الدكتور الجبر بأن الحالة الأولى تتحقق وفق معيار يالوب عندما نكون في منطقة (A) و (B) وقيمتها في معيار عودة ٤ فما فوق. والحالة الثانية تتحقق في منطقة (E) و (F) من معيار يالوب وقيمتها في معيار عودة أقل من ٣.٤. وفيما عدا ذلك، نكون في الحالة الثالثة التي لابد فيها من الخروج للاستهلال لكي نطمئن من امكانية الرؤية بالعين المجردة.
كما نبه الدكتور الجبر بعد شرحه لقيم الهلال الفلكية إلى خصوصية مسألة المعارضة الحكمية عند السيد السيستاني. واستطرد في تفصيل المعايير الدقيقة في تحديد المناطق التي تتحد معنا في الأفق وفق مباني السيدين السيستاني -دام ظله- والخوئي قدس سره.
ضرب الدكتور الجبر بهذه الدراسة الميدانية مثالا إيجابيا مشرقا ومثمرا لتعاون الأكاديميين مع الحوزووين في خدمة المجتمع. حيث شرح الدكتور الجبر دراسته الميدانية في محاضرة ألقاها العام الماضي في حسينية العمران بالهفوف وأكدها مرة أخرى ببيان سلس عبر لقائه المباشر خلال الانستجرام في شهر رمضان المبارك مع موكب الزهراء (ع) بالهفوف. وحظيت دراسة الدكتور الجبر قبولا واسعا وترحيبا وصل إلى أن أثنى سماحة الشيخ صالح البن سعد -استاذ الحوزة العلمية بالأحساء- عليها قائلا: “تبيانه للهلال، يجعل الصورة واضحة لكل فرد”.
الجدير بالذكر أن الدكتور الجبر بعد تعاونه مع لجنة يسألونك عن الأهلة، أصدر تقويما لأهلة الشهور لعام ١٤٤١ هـ وجميع توقعاته كانت متطابقة مع بيانات تثبيت الهلال الصادرة من مكتب المرجعية في النجف الأشرف.
لمشاهدة (الهلال بين الفتوى الفقهية والمعايير الفلكية للدكتور قاسم الجبر) اضغط هنا.