لقاء نادر جميل
مهدي جواد القضيب
تعرفت على الحاج أبي سمير الرمضان (رحمة الله عليه)، في إحدى الفواتح لعشيرته الكريمة، عرفني عليه ابنا أخيه أبو كميل (الأستاذ محمد الرمضان) ، وأبو علي (الأستاذ حسين جواد الرمضان).
وحقيقة شدني اللقاء من النظرة الأولى، وزاد تعلقي بهذه الشخصية المباركة قوة الحفظ والذاكرة، وبساطة الكلام، واحترام المتكلم وتقديره.
ومما زادني فيه حباً حسن التعامل، وسمو الخلق.
شخصية الرجل العلمية وثقافته الواسعة في التاريخ والأدب والتراث فريدة وفذة، فلا تسطيع إلا أن تقف مذهولاً، كيف لايكون هو بهذا الانطباع وهو من سلالة كريمة؟؟
فهو من سلالة الطائر المهاجر الشيخ علي الرمضان” رحمه الله “، وأخيه الحاج المرحوم جواد الرمضان، ومن عشيرة اكتظت بالمثقفين والأدباء والشعراء.
جالسته فما وجدته إلا مازجاً التاريخ بالأدب بالجغرافيا.
هذا المزج الغريب أعطاني من المعلومات عن عائلتي وعن المحيطين بها أكثر مما قرأت وتعلمت!!
أُغلِقت أبواب المأتم، فلم يغلق الحاج أبوسمير كلامه، بل راح يواصل عما حوته السنون من تجارب وفنون، وكأنما عزف بلسانه الأنيق صوت البلابل، وأناشيد المرح، وكنا وقوفاً ولم نشعر بأي ألم وفتور.
حتى أذن المسجد، فاعتذر إلي بشدة، ووعدني بلقاءٍقريبٍ.
ولكن كان اللقاء الثاني في افتتاح بيت أبي كميل بحي المنار، وكان الحاج (رحمه الله )حينها في آخر العمر وأقاربه ومحبيه حوله يتحلقون كالمعصم، فلم أستطع أن أنهل من فيض علمه، فكان جلوسي خسارة وحسرة وندماً، يملؤه الخجل، فقلت في نفسي: لعل الله يكتب ما فيه الصالح!
ثم تفرقنا ولم نلتقِ بعدها.
حتى كان هذا اليوم فوجئنا بخبر وفاته، فكانت وفاته خسارة كبيرة، رحم الله أديبنا ومؤرخنا أبا سمير وألهم أهله الصبر والسلوان، وأن يغفر الله تعالى ذنبه ما تقدم وما تأخر.