أقلام

النهضة الحسينية والطفل

‏منال بوخمسين

كيف نوصل مفاهيم النهضة الحسينية إلى عقول وأذهان أطفالنا ؟

وكيف نغرسالقيم الحسينية البطولية في قلوبهم البريئة ؟

رسالة الإمام الحسين (ع) العظيمة هي أن نغرس في أبنائنا منذ الصغر قيم الشجاعة والبطولة والحمية والإيثار والإحساس بالآخر والمواساةومشاعر الأخوة والبر بالوالدين لنصنع جيلا بطوليا حسينيا بامتياز .

فكيف نستطيع أن نفهم أطفالنا قيم هذه الملحمة الحسينية ومفاهيمها الانسانية ؟

ما هو الأسلوب المناسب لهم وما هي طريقة العرض المثلى لتحقيق هذا الغرض ؟

هل الخطاب السردي المسموع التقليدي المتبع مع الكبار هو نفسه يصلح مع الصغار ؟

أم أن الطفل يتأثر بالنظر والمشهد المرئي أكثر من السمع ؟

وإذا كان كذلك فهل الأفلام العاشورائية المنتشرة التي تعرض المصيبة المؤلمة من قتل ودماء تناسب عمر الطفل ؟

نحن نقرأ كثيراً في روايات أهل البيت ونستنتج منها تركيز هم على مراعاة مشاعر الطفل..‏

وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة الكثيرة وكذلك عندما نتحدث مع متخصصين في التربية وعلم النفس وأدب الطفل ، فهي كلها تؤكدأن المشاهد العنيفة والقاسية تؤثر سلباً على شخصية الطفل، وأنها تبقى في ذاكرة الطفل ولاينساها أبداً ، بل وأكثر من ذلك فهي ربما تسببله اضطرابات نفسيه في الحاضر والمستقبل.

فحتى لو كان المقصد والرسالة من هذا الأسلوب هو إيصال الألم والحزن فقط في الملحمة الحسينية إلا أننا بذلك نكون قد ساهمنا في قتلأهداف النهضة الحسينيية الأساسية ونكون قد ارتكبنا جريمة في حق الطفل أيضاً.

لن أتحدث عن هذا عشوائياً وإنما من مواقف حية حصلت معي

من إحدى المواقف عندما كنت معلّمة في رياض الأطفال ،حيث كنّا نخصص الأسبوع الأول من شهر محرم (خبرة الطفل الحسيني ) فكنتأتحاور معهم

وبدأ الأطفال بالأسئله

من هو الحسين ؟لماذا قتل في كربلاء ؟لماذا لم يدافع عن الطفل الرضيع ؟لماذا ولماذا ولماذاكثرت الأسئلة الموجه إلىّ من أحبتي الصغار ..

وكانت هناك نبرة غضب من طفل هزّ كياني قائلاً :

أنا لاأحب الحسين أنا أحب يزيد لأن هو لم يُقتل في الحرب

وإذا بي أرى الاطفال هجموا عليه بألسنتهم، منهم من قال حرام لماذا يتفوه بمثل هذا الكلام المتجني والمؤلم أكثر

بل أشد عندماأطلق أحدهم عليه مسمى كافر !

تفاجئت من ردة فعل الأطفال العنيفة أكثر من الطفل نفسه.

عندما هدأ الأطفال توجهت بحديثي إليه بهدوء :

عزيزي الصغير. لماذا لاتحبه؟ أجاب : لأنه جبان وليس بطلاً .. فدار حوار طويل بيني وبينه .. وبعد ذلك قال لي الآن أحب الحسين وهو البطلالحقيقي .

فاكتشفت حقيقة مهمة جدا لنا جميعاً أن تركيزنا على الجانب المأساوي قد أنتج أفكارًا غير صحيحه عن الدين أو عن الأئمة المعصومين (ع)في ذهنية أطفالنا !

فالسؤال هو لماذا ظهر هذا الكلام عند هذا الطفل ؟

والجواب هو لأنه لم يعرف عنه إلا الدماء

هل تعرّف أطفالنا من على الحسين(ع) من غير واقعة الطف؟

هل قصصنا لهم مواقف الحسين منذ صغره ؟

هل غرسنا القيم البطولية والإنسانية في واقعة كربلاء وهي هدف النهضة الحسينية من غير هذه المشاهد العنيفة التي يشاهدونها في مثلهذه الأفلام ؟

إذا كان الجواب بالسلب فلا نستغرب حينها أن يصدر مثل هذا الكلام من قبل هذا الطفل !

الأسلوب السردي الأمثل

هل نجلس مع أطفالنا لمدد كافية من الوقت نحكي ونروي لهم قصة الحسين ع وقصص الأئمة ع جميعا بأسلوب قصصي مشوق يوصل لهمرسائل ملحمة الحسين وأهدافه وحياة الأئمة جميعا ، وهو الأسلوب الأمثل لهم .

هل أوجدنا ووفرنا قصصا وروايات مصورة كافيه تناسب وتحاكي أعمار الطفولة عن نهضة الحسين وعن أهل البيت (ع) عموماً؟

التجسيد الأهم

من جهة أخرى هل نجسّد في حياتنا اليومية الأسرية كوالدين الخلق الحسيني الرسالي الذي أراد الحسين منا تطبيقه في سلوكياتنا ؟

حتى نوصل هذه القيم في ونغرسها في عقول وقلوب أبنائنا من خلال مشاهدتهم الحية لسلوكياتنا في الصدق والوفاء والايثار وحب الآخروالشجاعة والفداء و و و

مصداقا للحديث الشريفكونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم

عودا على بدء

كلمة عبّر بها الطفل وقالها بشجاعة ، وربما بقية الأطفال لديهم نفس الأسئله وعندهم نفس الصراعات بداخلهم مشابهه لها ، لكن ليس لديهمالجرأه بالتحدّث عنها كي لا يتعرّضوا لردة فعل تؤذيهم كما حدث مع هذا الطفل ، أو لمعرفتهم المسبقة بعدم حصولهم على اجابات غير مقنعةلأسألتهم !.

نحن نريد أن نوجّه أطفالنا كي لا يحصل مثل ما حصل لطفلنا هذا ، وبالتالي لا نريد أن نكون سببا في تشويه نهضة الحسين ع والدينبرمته دون قصد منا بسبب عدم وعينا وادراكنا !.

لذلك في نظري أن لا يشاهد الطفل الأفلام العاشورائيه المتضمنة لمناظر الدماء لأن الأنسب لهذا العمر فقط هو مشاهدة ما يغرس فيهالجانب النوراني والقيمي

رسالة نداء وولاء حسيني:

لتكن عاشوراء هذه السنة تحيي قلوب أطفالنا من جديد وتزرع فيهم قيم المحبة والعزة والإباء بأفلام وقصص وحوارات فعّاله ومسرح حسيني نوراني

ومن هذا المنطلق دفعني لتأليف قصص الأطفال في غرس القيم المحمدية الحسينية، فشكراً لكل طفل كان سبباً لهذا العمل الجميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى