الشيخ الأحمد يوجه ببدء التغيير من الداخل ويستعرض أسباب الفشل فيه
علي حسين الوطيان: الأحساء
قام الإمام الحسين “عليه السلام” بدور التغيير والإصلاح من خلال مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك حسب نظرته وعقديته وإيمانه، وتحمل مسؤوليته لهذا المبدأ حتى يغير الناس ما بأنفسهم، حتى و لو لم يقم الآخرون بهذا التكليف الشرعي، التزاماً بحديث جده رسول الله صلى الله عليه وآله: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”
بهذا استهل الخطيب الحسيني سماحة الشيخ أمجد الأحمد حديثة المعنون بـ(من الداخل نبدأ) في حسينية أهل البيت (المطر) ببلدة الفضول في الأحساء.
فتحدث سماحته عن إحدى السنن الإلهية وهي سنة التغيير المرتبطة بسلوك الإنسان وبحالاته النفسية والروحية، وأن على الإنسان المؤمن أن يتحمل مسؤوليته والقيام بدوره، بـ أن يبدأ بتغيير نفسه أولاً ثم يأتي العون من السماء لهذا التغيير.
وأشار سماحته أن الإنسان المؤمن يتعرض إلى زوال أو ضعف إحدى نعم الله عليه، فواجب العبد حينها أن لا يقطع علاقته بربه وأن تستمر هذه العلاقة، وأن لا يشك في عدل الله ولا يسئ الظن بخالقه. وعليه أن يرجع إلى نفسه وسلوكه وذنوبه ومعاصيه، ما الذي فعل وغيّر حتى زالت وتبدلت هذه النعمة؟! فاستشهد بقوله تعالى:{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }،
وقوله تعالى: { لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، واستشهد بما ورد في دعاء كميل: اللهم اغفر لي الذنوب لتي تهتك العصم.. تنزل النقم.. تغير النعم.. تحبس الدعاء.. تنزل البلاء.
ومن جانب آخر قال سماحته: قد يزيل الله النعمة أو يضعفها من عبده المؤمن ليس بسبب الذنوب فحسب، وإنّما من باب الابتلاء والامتحان ورفع الدرجات لهذا العبد، كما هو الحال مع الأنبياء والأولياء والصالحين، وفي ذلك ما ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله (عندما سئل أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمْثَلُ فالأمثل، يُبتلَى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زِيدَ صلابةً، وإن كان في دينه رقَّةٌ خُفِّف عنه، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ما له خطيئة”.
وألفت الشيخ الأحمد إلى أن المؤمن قد يسلبه الله النعمة بسبب اجتهاده الخاطئ مع مجريات الحياة وقوانين الكون والطبيعة، كإصابته بالمرض بسبب الإسراف في تناول الأطعمة المضرة بلا نظام صحي، وكذلك باقي المشاكل العالمية من الفايروسات والأوبئة، فقال: وعليه فإنّ حكمة الابتلاء وسلب النعمة من الله سبحانه هو إتاحة الفرصة للإنسان بمراجعة النفس والتفكير وتصحيح المسار.
وعن أسباب عدم التغيير قال الأحمد: عدم التغيير هو نتيجة عدة عوامل مؤثرة كالعامل الوراثي والأسرة والبيئة والمجتمع، ولكنها ليست عوامل قاهرة لايمكن تغييرها كالفقر والجهل مثلاً، حيث بالإمكان تحويل الفقر إلى غنى والجهل إلى العلم من خلال بذل الجهد المطلوب لذلك، والسر في ذلك هي الرغبة في التغيير والسعي للأهداف المطلوبة وعدم الاستسلام للجهل وطلب العمل منذ الصغر إلى الكبر.
وشدد سماحته على أن الإنسان المؤمن يبدأ ويحدد مسؤوليته أولاً ومن ثم يأتي التغيير من خلال دوره في بيته ومجتمعه والإقرار بخطئه إن كان مخطئاً في نفسه أو ذهنه أو تصرفاته، ومحاولة تقويم أفكاره وأن لا تُرمى المسؤوليات على الآخرين وذلك في كافة نواحي الحياة أسرية كانت أو اجتماعية.