تحت شعار (كل بيتٍ حسينية) يحيي الشيعة ليالي محرم (بالصور)
فاطمة المحمد علي: الدمام
مع الظروف التي فرضتها (جائحة كورونا)، تخطت النَّاس هذا العام، العديد من المناسبات الاجتماعية والعبادية، فمنهم من لجأ إلى تأجيلها ومنهم من اختصرها، إلاَّ أنَّ (موسم عاشوراء) له طابع استثنائي في قلوب عشاق الإمام الحُسين عليه السَّلام، حيث غيَّب هذا الوباء الطقوس الحسينية والأجواء الروحانية التي اعتادوا عليها كل عام.
ويواجه شيعة أهل البيت عليهم السَّلام هذه الظروف بإصرار على إحياء الذكرى، متسلحين بالأفكار المتنوعة والإبداعات المبتكرة، مع المراعاة للشروط والاحترازات الصحيّة.
فتحْت شعار “كل بيت حسينية” اتشحت جدران بيوت الموالين بالسواد، مع تعليق لافتات وعبارات عاشورائية، جاعلين من بيوتهم حسينيات صغيرة، وعاشوا الأجواء بمشاركة البث المباشر لمجالس العزاء عبر يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، فتعددت سبل القراءة الحسينية في كل منزل، إذ قلما تخلو أسرة من ملاية أو رادود أو قارئ.
وفي مقابلة لصحيفة بشائر مع بعض المواليات اللاتي أحيين شعيرة العزاء على الحسين عليه السلام في منازلهن. الملاية فاطمة النمر عبّرت بقولها: “وجود المأتم في البيت يقلب كيان الإنسان، يجعله يشعر حقاً بالمسؤولية والطهارة والقداسة، ويشعره أن بيته يرتفع، يراه حقاً بنظرة مختلفة، فمجلس البيت الذي اعتدنا أن يكون للأكل والشرب والاجتماعات العائلية، بعد أن اتشح بالسواد، وتبارك بالقراءة الحسينية، أصبحنا إذا اجتمعنا فيه لا نجرؤ على ذكر غير أبي عبدالله الحسين عليه السلام، وبمجرد أن تنتهي القراءة يغلق باب المجلس إلى الليلة التالية”.
وتابعت: “لمست سعة، وأثرا على منزلي وروحي وعيالي، فبالرغم من أن الحضور لا يتعدى العشرة أشخاص، إلاَّ أنني أشعر ببركة وكأنهم آلاف. وختمت حديثها بقول الله تعالى”وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً”.
وعبَّرت أمل الخردة قائلة: “أتمنى إني أعبِّر بنظرة إيجابية، لكن هذا العام جعلني أشعر بغربة زينب عليها السلام ووحشتها، فعلى الرغم من استعدادي لعمل جو عاشورائي في بيتي، إلاَّ أن شعور الألم والحسرة في جوفي طاغ، فهذه الليالي جعلتني أسترجع سنوات محرم السابقة، حيث أنني نادمة على كل يوم مضى من ليالي محرم فاتني فيه تكرار حضور المجالس في الليلة الواحدة، وعلى البركة التي لم آخذها خوفاً من عدم أكلها، والآن فقط أتمنى أن تعود المآتم، لأقدم للحُسين أكثر”.
وتابعت: “افتقدت لطمنا الجماعي، ووقفتنا الواحدة، وصوتنا الواحد، في دعاء الفرج، أسأل الله أن يزيل هذه الغمة عن هذه الأمة، وأن يطيل في أعمارنا لنحظى بأحياء عاشوراء في السنة القادمة، بظروف أفضل، لنواسي سيدتنا ومولاتنا فاطمة عليها السلام بعزاء يليق بهذا المصاب”.
وتحدثت ميمونة السَّالم من أهالي الأحساء الساكنين بالرياض قائلة: “كل ما رزقني الله بطفل، أفكر كيف أغرس فيه حُب الحُسين عليه السَّلام، وحُب محمد وآلِّ محمَّد، فاعتدت الحضور برفقة أطفالي كل عام لمآتم الحُسين، حيث يكون هناك مخيم للشبل الحُسيني، بـ فعاليات عاشورائية بسيطة، من تلوين، ومشهد تمثيلي لأحداث مقتطفة من واقعة الطف، فحقيقة أفرح بوجود هذه المخيمات، وتفاعل أطفالي معها”.
وتابعت: لكن هذه السنة في ظل جائحة (كورونا) سنحت لي أفكار، واتسعت لي فرص كثيرة، ولم أتوقع تجاوب أطفالي معها.
فكنا نقرأ سورة الفجر، ونركز على قراءة قصص أهل البيت عليهم السَّلام من الجانب الأخلاقي، والقيم الرفيعة والبطولات السامية، بعيدا عن ذكر تفاصيل المقتل والدماء، ونقوم بتوزيع الأدوار وتمثيلها وتجسيدها بطريقة عفوية.
وبعد المشهد نختم مجلسنا بدعاء الحجة عجل الله فرجه الشريف، وتوزيع البركة الحسينية التي أعددناها معاً “.