الشيخ آل سيف: الحسين (ع) غيّر المفاهيم، ووصّل برسالاته الحق
بشائر: الدمام
أشار سماحة الشيخ فوزي آل سيف إلى الأمثال الخارجية المجسدة التي تثبت في النفوس، وهذه هي الطريقة التي استخدمها القرآن الكريم، ويكون بإتيان مثالاً مألوفاً عند الناس فيربط به فكرةً من الأفكار.
جاء ذلك في الليلة التاسعة من شهر محرم الحرام، في مجلس الحاج المرحوم حسن عبدالله البوحليقة، بسيهات.
ومثّل سماحته بالشجرة الطيبة التي يكون أصلها ثابت وجذورها ممتدةً في الأرض، وفرعها يصل إلى السماء، بل أغصانها إلى الفضاء، مشيراً إلى أغراضها حيث يستظل بها الناس ويأكلون من ثمارها في كل حين، لافتاً إلى بعض الأشجار التي تُعطي مره واحدة، وبعضها أقل أو أكثر، بينما هذه الشجرة مستمرة العطاء في كل حين، وفي كل موسم.
وذكر أن هذة الشجرة تكون متأصلة لاتهزها الرياح أو العواصف، بخلاف الإنسان الذي لايتحمل ذلك، موضحاً مثال الشجرة الذي ذكره القرآن، والكلمة الطيبة إحدى أغصانها.
ووضح سماحته قائلاً: “الكلمة الطيبة لها أصل ثابت، لأنها كلمة حق، فالكلمة لاتكون طيبةً إلا إذا كانت كلمة حق، لأن الحق راسخ، وهذه الكلمة الطيبة لها ثمار، فالله كما أعطى الشجرة قدرة العطاء في كل حين، كذلك الكلمة الطيبة لها قدرة التأثير في كل حين، بإذن ربها”، مبيناً ماهية الكلمة الطيبة عند المفسرين وهي ليست كلمة فحسب، بل تنطبق على كثير من الأشياء مثل: كلمة التوحيد (الشهادتين) التي أصلها ثابت، وتؤتي آثارها لمن يؤمن بها، في الدارين.
وأضاف أنه الكلمة الطيبة ليست تعني كلمةً واحدة فحسب، إنما تعني المجموع والنظام، مسترسلاً أن كل الدين الإسلامي تنطبق عليه المعطيات، مؤكداً أنها تنطبق أشد الانطباق على نهضة الحسين (ع).
وأشاد سماحته أن النهضة الحسينية من أوضح مصاديق الكلمة الطيبة، التي أصلها ثابت وفرعها في السماء وتؤتي أُكلها كل حين بأمر ربها، حيث (ع) ذكر كلمات كثيرة تنطوي فيها الحقيقة، وكانت ذات تأثير كبير، مسترسلاً: إن فيها قابلية العطاء المستمر إلى يومنا هذا بل إلى يوم القيام، مؤكداً أنها في كل عام تعطي ثماراً، وتتجدد ثمارها في الأمة.
وأشار إلى الثمرة الأولى من ثمار النهضة الحسينية، التي نفعت الأمة هي: أنها أسقطت النموذج الأموي في الأمة، محتملاً أن يكون النموذج الأموي هو الإسلام، فأسقط الإمام الحسين (ع) هذا النموذج وجعله منفراً، قبيحاً.
تطرق سماحته قائلاً: “لاحظوا .. بدل أن يكون عمل الأمويين مثال للانتصار، أصبح مثال جريمة يتنصل منها فاعلها”، مستشهداً بموقف (يحيى بن الحكم) أخ مروان بن الحكم حينما سمع عن السبايا ومجرياتهم وأجرى القصائد في حقهم حتى طُرد، وبِـ (هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز) -زوجة يزيد- كانت ممن تعاطف مع السيدة زينب (ع) ومع السبايا، وبكت وحزنت عليهم، مستحضراً أنه لا صحة فيما قيل إنها كانت خادمةً عند الزهراء.
كما علل سماحته أن هذه الحادثة وغيرها الكثير، أوضحت للناس الوجه القبيح لبني أمية، وأيقظت تيار الثورات على بني أمية، وما هدأت حتى سقطت الدولة الأموية، مقارناً بين الثورة التي حصلت للخليفة الثالث، وبين ماتلاها من حكم الإمام علي ع الذين كان حكم الهدوء.
وعدد سماحته الثورات التي نهضت بعد مقتل الإمام الحسين (ع) أولها ثورك التوابين بقيادة (سليمان بن صرد الخزاعي) وبشعار (يالثارات الحسين)، ويليه ثورة (المختار بن أبي عبيدة الثقفي)، وفي أثناء ثورة المختار نهضت ثورة (عبدالله بن حنظلة) -غسيل الملائكة- في المدينة، وثورة (عبدالله بن الزبير) رغم أنه غير متوافق مع منهج أهل البيت، ولكن ثورة الحسين أثرت فيه.
وأكمل سماحته حيث أشار إلى ثورة (عبدالله بن الجارود) في البصرة، ومن ثم (مُطرف بن المُغيره) و(عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث) وهو من أتباع الأمويين، إلى أن وصلت إلى الشهيد (زيد بن علي السجاد)، فاستغل العباسين هذه الثورات في إسقاط الدولة الأموية.
واسترسل: إن الثورات كانت تنهض كل سبع سنوات تقريباً، مشيداً بأنها لم تكن لولا حركة الحسين (ع)، التي (تؤتي أكلها كل حين)، مشيراً إلى الثمرة الثانية وهي أنه أعاد تعريف المفاهيم الإسلامية، من جديد، متمثلاً بذلك مع مفهوم (ولي الأمر)، حيث إنه (ع) بنهضته عارض، وفرض مفهوم جديد في معنى (ولي الأمر)، مفصلاً ذلك في الحكم الجائر.
وتطرق إلى كتاب ( الرد على المتعصب العنيد في الرد على المانع من لعن يزيد) لصاحبه ابن الجوزي، وكذلك ابن العربي الذين خطّؤوا الحسين ومنعوا من لعن يزيد، وخطّأتهم مدرسة الخلفاء الراشدين وتعدهم مخالفين وعنيدين.
وأضاف: إن فكرة الثورة ضد الظلم عند مدرسة الخلفاء لم توجد إلا بتأثير نهضة الحسين، ومنها أخذوا فكرة الخروج على النظام الجائر ، والعمل بالحق، موضحاً أن الحسين (ع) غير حزمة من المفاهيم، ووصل برسالاته الحق.