المنبر الحسيني وخطاب الآخر
د. عبدالله الراشد
مع احترامي لتعليق بعض الخطباء حول ظاهرة مشاهير السوشل ميديا التي ابتُلي بها الجيل وهي فعلاً ملفتة للنظر وتحتاج إلى وقفة ومراجعة والتفاتة من أفراد المجتمع، ولكن برأيي أن الخطاب نفسه يحتاج إلى مراجعة في كيفية صياغة خطاب النقد للمجتمع أو حتى لثلة من أفراد المجتمع،
والتخلي عن أسلوب الهجوم والقذف بالأوصاف البذيئة فهو أسلوب غير منهجي، وغير تربوي في الطرح وإن كان الهدف الإصلاح والتغيير نحو الأفضل.
أما رمي الآخرين بأوصاف (حثالات، قاذورات، فاسدين، … ) صدوراً من المنبر الحسيني بالعلن، فهو لا يرتقي لخطاب منبري تنويري، لكون الرسالة منبرية. ومن يرتقيه لا يقوم بحماية مجموعة من المجتمع وحمايتها بسبب سوء تصرف مجموعة أخرى وسوء سلوكها، بل الرسالة المنبرية تهدف إلى استمالة من يقوم بتلك السلوكيات ونصحه وتوجيهه إلى الطريق الصحيح، وتبيان الخطأ وعواقبه. وهذا لا يكون بأسلوب قذفهم بأسوأ الأوصاف ورميهم إلى زوايا مظلمة نائية بالمجتمع. فعندها حتماً سيأخذهم العناد والتمرد والتمدد. وبالتالي سيعيش المجتمع في عراك بدل أن ينحى إلى الهدوء و الصلاح.
ولدينا شواهد مضيئة عديدة لخدام المنبر الحسيني في تعاطيهم الهاديء التربوي مع قضايا المجتمع وأصناف الناس خيرها وشرها دون التلفظ والمساس بما يجرح وينفر. بل كان أسلوبهم جاذباً غير طارد، فاستقطبوا أكبر عدد من الناس مستفيدين مما يطرح على أسلوب حياتهم، وهدايتهم للطرق الأنسب ومراجعة أفكارهم وسلوكياتهم.
وهذا ما يجب أن يكون عليه نوع وشكل الخطاب الموجه لعموم المجتمع مهما كان مصدره. وكون المنبر الحسيني أحد أبرز المنصات الإعلامية بمجتمعنا، وكونه يحمل اسماً ودلالة لمن هم عناوين للخلق الرفيع والتربية الهادئة الجاذبة، فمن الأنسب استغلاله في ذلك بما يتناسب وقتاً ومكاناً.