وقفة في الفكر والاجتماع (٥)
الشيخ صالح آل إبراهيم
رويدك .. قصر الأمل
وجود الأمل في حياة الإنسان ضرورة لفاعليته وحركته لإعمار الأرض، وبناء الحضارة، والتمتع بطيبات الحياة .
فهو مدعو لتسخير ما في الوجود لصالحه، وهذا لا يتحقق إلا بأملٍ يحدوه ويحفزه .
وقد شجع الإسلام الإنسان على العمل والمثابرة، و تحصيل أسباب السعادة المادية المباحة، و مقت الكسل، والتثاقل، والتسويف، والأماني، و أن يحرِمَ الإنسان نفسه من كل طيب مباح، بدعو قصر الأمل والعزوف عن الحياة والزهد فيها.
ولكن كما أن وجود الأمل أمر حسن ومهم لتستمر عمارة الارض، فإن طول الأمل، والإغراق في متاع الحياة المؤدي للغفلة وحب الدنيا أمر مذموم، فهو مما ينسي الإنسان خاتمته، وآخرته، والاستعداد لذلك، لذا فالمطلوب الموازنة بين طول الامل وقصره.
فمهما طالت أعمارنا فلابد من نهاية وخاتمة، ولا ندري متى ؟ وأين ؟ وكيف ؟
فمهما كثرت متع الحياة، ولذاتها ولهوها ولعبها فإنها منقضية وزائلة .
فهذه الدنيا غرور، فكم تقطع آمالنا، وتبدد أحلامنا، ولنا فيمن مضى عظة وعبرة، فكم من الأحبة رحلوا عنا، وكم من أناس فاجأنا الموت بفقدهم، فقد أصبحنا في زمن لا تفارقنا راحة الموت لكثرة مفاجآته وغدره .
فرويدك .. قصر الأمل، فإن الرحيل وشيك، والسفر طويل، والمورد عظيم، فلنحسن التفكير، والتدبير، ولنعرف الطريق، ولنعجل التوبة، ونصلح النفس، ونسارع في الخيرات، ولنؤدي حقوق الله والناس، ولنتخفف من مظالم العباد، ولنحرص على استثمار ما تبقى من أعمارنا ..قبل توقف قطار الزمن .
عن النبي (ص): ” من أحسن فيما بقي، غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أُخِذَ بما مضى وما بقي”