رسالة اشتياق
أمير الصالح
اشتقت إليك فعلمني أن لا أشتاق.
علمني كيف أقص جذور هواك من الأعماق
بيت شعر لمطلع قصيدة الراحل نزار قباني لقصيدته المسماة
“رسالة من تحت الماء” . و قد أنشد تلك القصيدة المغني المصري الراحل عبدالحليم عبدالحافظ ولم ينشد بعده أحد أي نوع من الرسائل من تحت الماء. وكانت الأغنية يومذاك مستحوذة على أسماع عدد كبير من شباب أبناء ذلك الجيل. في عهدنا الحاضر مفهوم سبك الرسائل بأسلوب القصيدة والديباجة القديم للتعبير عن الشوق للأحبة في اضمحلال أو قد يكون في تلاشي في أوساط اجتماعية عديدة لبروز بدائل عديدة من وسائط التواصل الاجتماعية وانتشار استخدام الإموجي. إلا إن أيام الحجر الإجباري الصحي الفائت وأيام التباعد الاجتماعي القائم، أوقدت في ذهني إعداد رسالة موجهة لبعض الأصدقاء بهدف إبقاء شعلة التواصل والإعراب عما يختلج في قلبي من المحبة والامتنان لهم والتعبير عن الوفاء والشوق نحوهم. فكتبت الرسالة التالية ووجهتها لبعض الأحبة:
” السلام والرحمة
العزيز/الأستاذ فلان بن فلان
أحببت أن أطمئن عليكم بعد طول انقطاع بسبب الجائحة فتم إرسال هذه الرسالة لكم بهدف الاطمئنان والإعراب عن كبير التحيات والحب لكم. من جهتي فأنا بخير ولله الحمد والمنة؛ وإيماناً مني بأهمية صلة الصداقة أو/ والأرحام وإبقاء جذوة التواصل معكم فقد تم إرسال هذه الرسالة. دعائي لكم بدوام الصحة والعافية والسعادة والسعة في الرزق والراحة في البال.
المُرسل: أمير “.
فكانت الردود والتفاعلات إجمالاً محل تخليد وتبجيل من طرفي . وأحببت أن أشارك تلكم الردود على شكل مقال لمشاركة الجميع بها والاقتباس من بعض نصوصها وأفكارها لما يستجلب به نثر بذور المحبة في ربوع المجتمع ويستزرع روح المودة.
– التجاوب الأول من أحد الأصدقاء من مدينتي الأم، الأحساء: ” وعَلَيْكُم السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. وسلام على روحك المحلقة بالوفاء والحب أيها العالي والغالي .. أبا عبدالله .. لك في الجوانح شوق يتجاوز الآفاق، ويحفر في الأعماق …سؤالك ورعايتك نسيم ينساب رقة فيلامس القلب. لله من أخوة أغبط نفسي عليها، وأكنزها لأتباهى بها أمام نفسي وأمام العالم ..سلمت وسلم أحبتك من كل مكروه، والحمد لله الذي جعلنا من عباده، وأكرمنا برعايته، وثبتنا على طاعته …الشكر لا يفي، والعبارة أقصر قامة من أن ترتقي لقامتك. سلم قلبك ودامت إشراقتك ياحبيبي”
– التجاوب الثاني من صديق يقطن قارة أمريكا الجنوبية:
“الأستاذ الفاضل والحاج العزيز أمير…عليكم السلام ورحمة الله..لا يسعني إلا أن أشكر الله على نعمة معرفتي بكم والإحساس بعطفكم ومحبتكم، والشعور بلطفكم الذي تحوطنني به دائماً…فبفضل الله تعالى وببركة دعاؤكم نحن بخير وإياكم إن شاء الله تعالى. ولله الحمد مدينتنا قليلة التلوث بهذا الوباء لأسباب الحماية والوقاية والمراقبة من المعنيين والناس…ولكن الأمور المعيشية التي ترتبت على إغلاق منافذ الأرزاق والمحلات والأعمال والمدارس وووو.. أثرت كثيراً…كبقية المناطق…والله المستعان وعليه الأعمال..دمتم في رعاية الله تعالى أيها الأخ الفاضل.*
– التجاوب الثالث من صديق في إحدى دول الجوار الخليجي: ” عليكم السلام بو عبدالله دائماً تسبقنا لاتساع المحبة في صدرك كنت أعد نفسي يومياً بالتواصل معك ثم أنشغل وينتهي اليوم، وها أنت قد سبقتني. فشكراً لك والحمد لله الذي بعث في صدورنا الاطمئنان عليك، وهذه غاية المنى ”
– التجاوب الرابع من صديق شغوف بالمطالعة والكتابة: ” عليكم السلام ورحمة الله وبركاته… أخي المهندس الأمير الصالح، هكذا هم الطيبون والأوفياء أمثال شخصك الكريم، يتفقدون إخوانهم وأحبتهم، ويسألون عنهم، ولا يسمحون للظرف أن تنسيها إياهم. الحمد لله أنك وعائلتك الكريمة بخير وصحة وعافية، وأسأل من الله لكم المزيد من الراحة والسعادة والتوفيق. أنا أيضاً بفضل الله وبركات دعواتك الطيبة بأحسن الأحوال، ولا ينقصنا شيء إلا رؤيتك واللقاء بك وبسائر الأحبة والإخوة الأعزاء. أسأل الله أن يكشف هذا الكرب ويرفع هذا البلاء، ويجمعنا وإياكم على الحب والخير إن شاء الله تعالى.”
وهناك ردود أخرى عديدة وجميلة ومعبرة من عدة مواطن حول المعمورة، إلا أنني أكتفي بالمقدار المذكور أعلاه. وأسأل الله أن يضيئ كل منا شمعة ولو بالكلم الطيب، ويرفع كل منا كفاه بالدعاء لرفع هذا البلاء. لقد اشتقنا إلى اللقاء بالجميع من الأرحام والاصدقاء والجيران. شخصياً أرى كل منا لديه القدرة على تجديد إيقاد مشعل العلاقات الطيبة مع كل الأصدقاء وتقليل آثار تسونامي الكوفيد -١٩، وأن لا يستحي أي منا من كتابة جميل مشاعره نحو أحبائه وإرسالها. طاب يومكم ودامت قلوبكم معمورة بالحب والوفاء.