حين يلبس الباطل لباس الحق
الشيخ صالح آل إبراهيم
وقفة في الفكر والاجتماع (٨)
﴿وَلا تَلبِسُوا الحَقَّ بِالباطِلِ وَتَكتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾
معرفة الحق أمر صعب، والإقرار به وإتباعة أصعب، خاصة إذا ما أدركنا أن الباطل قد يلبس لباس الحق ويتزين به، فيصعب عندها التمييز بينهما .
و قد يقع الكثير في شراك ذلك، بسبب بريق الباطل، و خداع النفس و الشيطان، وتزيينهما .
لذا أصبح الكثير للأسف يتقن فن شرعنة المغالطات و تبريرها، بل و التباهي بها . حتى عادة المصداقية والمبدئية عملة صعبة في حياتنا.
فقد يعق والديه، ويبرر ذلك بسوء معاملتهما له.. وينسى وبالوالدين إحسانا . وقد يسيء معاملة زوجته، او العكس بدعوا التفريط في الحق .. متناسيًا من اتخذ منكم زوجة فليكرمها ، وجهاد المرأة حسن تبعلها .
وقد يسرق جهود الناس و إنجازاتهم و يتعدى على حقوقهم، أو يشرعن لمن يقوم بذلك… مبررًا ..أن هذا ما تقتضيه المصلحة وتقديم الأولويات، وإذا لم أتعاون أنا معه تعاون غيري، و يسوق المبررات .. متناسيًا أنه لا يطاع الله من حيث يعصى، ولا تعاونوا على الأثم والعدوان، وحقوق الناس مقدمة لحق الله، والصور كثيرة.
لذا أصبح واقعنا يشهد ضياع الحقوق العامة، والظلم الاجتماعي والاسري الذي نمارسه تجاه بعضنا، نتيجة سياسة شرعنة إلباس الباطل لباس الحق، وتبريره لإضفاء الشرعية على أفعالنا ومواقفنا، وتخدير ضمائرنا .
لقي الامام الصادق (ع) رجل يسرق ويتصدق فأنكر عليه، فقال : الرجل الحسنة بعشر والسيئة بواحدة، فأسرق وأتصدق فقال الأمام (ع) : لا يطاع الله من حيث يعصى .. أي لا لثقافة شرعنة و تبرير الباطل وإلباسه لباس الحق.
من هنا المرء بحاجة دائمة لمحاسبة أنفسه ومراجعتها كي يضمن سلامة مسيرته.