هل السيارات ذاتية القيادة آمنة؟
بشائر: الدمام
من المفترض أن تكون السيارات ذاتية القيادة، هي طوق النجاة بالنسبة إلينا، إذ تقلل أعداد الوفيات بسبب حوادث السيارات التي تقدر بـ 1.3 مليون حالة على مستوى العالم كل عام، باستبدال البشر بروبوتات تستطيع القيادة المنضبطة، وتفادي عدم تركيز السائق أو نعاسه أو سُكْره.
إذاً لماذا صدمت سيارة أوبر (متعدِّدة الأغراض) ذاتية القيادة التي اختُبرت في تيمبي، أريزونا، وقتلت امرأة في 18 مارس دون استخدام المكابح؟ هذا الحادث سيؤدي إلى زيادة القلق بشأن ذاتية القيادة، بما أنَّ 63% من الأمريكيين يؤكدون أنهم يخشون ركوب سيارة ذاتية القيادة، وفقاً لاستطلاع رأي.
ونظراً إلى أنَّ الخبراء والمحققين تمعَّنوا في فاجعة أريزونا لتحديد السبب، نستعرض ههنا نظرة على بعض العوامل التي قد تحدِّد مدى الأمان في السيارات ذاتية القيادة.
1- كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة؟
السيارات ذاتية القيادة “ترى” العالَم من حولها باستخدام بيانات من الكاميرات، وكذلك الرادار والليدار أو اللادار، أي تحديد المدى بالضوء أو الليزر، وهي تكنولوجيا استشعار عن بُعد، وهي مرئية باستخدام نبضات من الضوء، مثل أشعة ليزر بحسب ماجرت عليه العادة. وتُحسَب بها المسافات أو خصائص الأهداف المرصودة. وتحلِّل المعالجات عالية السرعة البيانات لإنشاء صورة بزاوية 360 درجة من الطرقات، وحركة المرور، والأماكن المخصصة للمشاة، وإشارات المرور، والتوقف، وأي شيء آخر في مسار السيارة. إذ من المفترض أنَّ هذا سيُمكٍّن السيارة مباشرة من معرفة إلى أين تذهب؟ ومتى تتوقف؟.
2- لماذا يعتقد المهندسون أنهم سيكونون أكثر أمانًا؟
يقول منظِِّمو السلامة في الولايات المتحدة، إنَّ 94% من الحوادث يمكن إلقاء اللوم فيها على خطأ بشريٍّ. ومع تشتيت الهواتف الذكية لتركيز عدد أكبر من السائقين، ارتفعت وَفَيَات الطرق في الولايات المتحدة بنسبة 14% في الفترة بين عامَي 2014 إلى 2016. وفي الوقت نفسه، فإنَّ الروبوتات تكون دائماً في حالة تأهُّب، وتركِّز على مهمة القيادة. ويمكن الجمع بين التقدم في الذكاء الاصطناعي مع الخبرة على الطرق لجعل السيارات ذاتية القيادة أكثر أمانًا بمرور الوقت.
3- لكنني سمعت عن حوادث أخرى.. فما المشكلة؟
السائق الآلي يتَّبع قواعد دقيقة وصارمة، وقد تسبب هذا في إبطاء عديد من السائقين البشر، حركة الطرف الخلفي، أو التوقف عن القيادة، التي تمثِّل معظم الحوادث. وكانت حالة الوفاة التي وقعت في ولاية أريزونا، تُعَدّ أول حالة وفاة تنطوي على سيارة ذاتية القيادة بشكل كامل.
في فلوريدا عام 2016، تُوُفّي سائق سيارة “تسلا موديل إس” الذي كان يشغل السيارة في وضع القيادة الذاتية، عندما اصطدمت سيارته بشاحنة غيَّرت اتجاهها. إذ يتطلَّب نظام مساعدة السائق أن يظلَّ السائق البشريُّ في حالة تأهُّب، ويشارك في عملية القيادة.
ووجد محققو الحوادث أنَّ تصميم القيادة الذاتية، قد أسهم في وقوع الحادث، وكذلك فعلت تصرفات كلا السائقين في الحادث. كما أجرى صانعو السيارات تعديلاتٍ، عندما يتطلب الأمر تدخُّل السائق بشكل أكبر.
4- ماذا حدث في ولاية أريزونا؟
تشير التقارير الشرطية ومقاطع الفيديو الخاصة بالحادث إلى أنَّ امرأة تبلغ من العمر 49 عاماً، كانت تدفع دراجة، وتعبر طريقاً في تيمبي خارج ممرٍّ المشاة نحو الساعة 10 مساءً. ولم تتمكٍّن أجهزة استشعار القيادة الذاتية، ولا سائق السلامة البشرية، من ملاحظة أنَّ السيارة تصطدم بها، وتدهسها بسرعة 38 ميلاً في الساعة دون لمس المكابح. ونُقِلَت المرأة إلى المستشفى، إذ تُوُفِّيت متأثرة بجراحها.
5- هل كان الأمر مصادفة؟
هذا ما يجري التحقيق فيه. يقول خبراء المركبات ذاتية القيادة، إنَّ أجهزة استشعار السيارة المتطوِّرة يجب أن تكتشفها، وإنَّ النظام يجب أن يستخدم المكابح. لكن تقنية القيادة الذاتية، لا تزال تجتهد لتمييز المشاة عن الأشياء غير الحيَّة، مثل الشجيرات، أو الأخشاب، أو الأكياس التي تتطاير على الطريق. وفي مقطع الفيديو الخاص بمقصورة القيادة، الذي كشفت عنه الشرطة، يبدو أيضاً أنَّ السائق، كان ينظر إلى أسفل قبل وقوع الحادث، وربما قد حال هذا دون رؤية المرأة التي كانت تقطع الشارع حتى فات الأوان.
6- إلى أيِّ مدى يكون الإخفاق؟
حتى الآن، يبدو أن “أوبر” تعاني من أكبر إخفاق. فقد علَّقت الشركة برنامجها للاختبارات ذاتية القيادة، الذي حقَّق بالفعل ملايين الأميال. ومنع حاكم أريزونا “أوبر” من تشغيل سيارات ذاتية القيادة في شوارع الولاية إلى أجل غير مسمى، مما جعل خطَّة الشركة الطموحة لتقديم خدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة للجمهور مع حلول نهاية العام في خطر. وقال رئيس وايمو، وهي شركة قيادة ذاتية تتبع شركة “غوغل” الأم “ألفا بت” المحدودة، إنَّ سياراتها ذاتية القيادة، يمكنها التعرف على المشاة والتوقف. وتتطلب اختبارات أوبر نفسها تدخُّّلًا أكبر من قِبل سائقي السلامة البشرية أكثر من الاختبارات التي أجرتها وايمو وآخرون، وفقاً لتقرير “نيويورك تايمز”.
ومع ذلك، سيكون هناك تبعات أوسع، فمن المرجح أن تزيد حادثة الوفاة الفاجعة من قلق صانعي السيارات ذاتية القيادة، مما يجعلهم يعملون على التغلب على هذا الأمر. فقد أوقفت مؤقتاً شركة “تويوتا موتور كورب”، والشركات العاملة في مدينة بوسطن اختبارات السيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة في أثناء التحقيق في حادث أوبر.
7- مَن الذي يقرر ما إذا كانت السيارات آمنة بما يكفي لتصبح ذاتية القيادة؟
في الوقت الحالي، أصبح لدى الولايات المتحدة لوائحها الخاصة عن كيفية اختبار السيارات ذاتية القيادة في شوارعها. ولم تضع الحكومة الفيدرالية بعدُ قواعدَ لطرق السيارات ذاتية القيادة. كما وافق مجلس النواب الأمريكي، في سبتمبر على إجراء يسمح لآلاف السيارات ذاتية القيادة بالوصول إلى الطرق، في حين تضع الجهات التنظيمية الفيدرالية معايير السلامة. وقد توقَّف مشروع قانون مماثل في مجلس الشيوخ، إذ يضغط الديمقراطيون من أجل مراقبة أشد، وحماية المستهلكين.
8- ماذا يحدث بعد ذلك؟
إلى أن يُحدَّد سبب “حادثة أريزونا”، طالب دعاة السلامة صناعة السيارات ذاتية القيادة باستخدام الفرامل لتسخير السيارات على الطرق العامة، لكنَّ خططاً عديدةً من الشركات لا تزال تتحرك إلى الأمام. وتقدِّم “وايمو” سيارات أجرة ذاتية القيادة داخل مدينة فينيكس الأمريكية، في حين تتوقَّع شركة “أودي” أن تبدأ قريباً في بيع نوع من سيارة “سيدان A8” ذاتية القيادة، وفي العام المقبل تعهدت شركة “جنرال موتورز” بوضع سيارات أجرة ذاتية القيادة في الخدمة، دون وجود أيِّ قائد بشريٍّّ.