الهفوفي يستعرض أبرز مسببات الطلاق ويدعو لإفشاء الإصلاح الاجتماعي
مالك هادي: الأحساء
“الشارع الحكيم شرع الطلاق وقننه كحالة استثنائية، ولهذا ورد في الروايات أنه أبغض الحلال إلى الله ويهتز منه العرش باعتبار أن الترابط الاسري هو العنصر الرئيس لقوة المجتمع، وهو الذي يبني كيان الإنسان ويقرب الإنسان إلى الله، فالدين يركز على محورة الأسرة كحماية للمجتمع” بهذا انطلق سماحة الشيخ إسماعيل الهفوفي في حديث الجمعة بمسجد الإمام الحسين في حي الفيصل (الخرس) بالأحساء.
فأكد سماحته أن الدين شدد في أمر الطلاق وصعّب مراحله، فمن يقارن بين الزواج والطلاق، يجد أن الزواج سهل في الطريقة بعكس الطلاق، وذلك بغاية أن يكون هو الخيار الأخير بعد أن تستعصي الأمور.
وذكر الهفوفي أن الدين حرص على تأمين العلاقة الزوجية وتوثيقها على أساس أن يتقي من الوصول إلى الطلاق، وهذه الوقاية تعتمد على بناء الأجيال وتكوينها من خلال التوازن النفسي وإشباع النضج الاجتماعي فيهم، وأن يتحلى العقل بالرشد الديني، فيكون هذا الجيل محسناً للتصرف.
وأرجع الشيخ الهفوفي أسباب الطلاق إلى التالي: أول الأسباب المدنية، فقال: أصبحت شبحاً يؤرق المجتمعات، وبدأ يدك العش الزوجي في بداية تكوينه فيبادرون في طلاق مبكر وهو لا يزال غصناً، وقد توسع الطلاق إلى أن يراكم الأزمات في علاقة زوجية ممتدة حتى يهد أركان الميثاق الغليظ في طلاق متأخر مؤجل ولو كانوا في سن متأخرة وبعد تجربة طويلة، فيسقطون في هذا الوحل.
وتعرض لظاهرة متفشية هي الطلاق العاطفي لمن هم تحت سقف واحد، من طرف أو من طرفين، يسيطر عليها التصحر في الحياة، والهجران في أطراف البيت الواحد، فقال : والدين يدعو بكل صراحة لترتيل نغمات الحب في الحياة بين الزوجين، هذه النغمة هي التي تحفظ الاستقرار، وتبني السعادة في الدنيا والآخرة.
كما انتقد ظاهرة السفهية وهي الطلاق التافه الذي يعود لأتفه الأسباب، أو يعود إلى تجديد الفراش، وهي حالة رفضها الدين وحذر منها فهي لا تكشف عن عقل في صاحبها، وقد عبرت عنه الروايات بأن طالب الطلاق دون سبب لا يشم رائحة الجنة.
ومن جانب آخر أكد سماحته أن حسن الاختيار هو أحد أسباب النجاح في الأسرة، وأن سبب سرعة الطلاق هو العجلة في الاختيار وعدم دراسة من يقع عليه الاختيار من الزوجين ومدى التوافق بينهما.
وذكر أن من أسباب الطلاق تدخلات الأقارب في حياة الزوجين فيتحول الأقارب إلى عقارب، فيسمم هؤلاء الأفكار ويزيدون الخصومة، فيغش هؤلاء الناس بالانفصال، ففي الروايات: من مشى في قطيعة بين اثنين كان في وزر ولعنه الله وأدخله بذلك العذاب الشديد في نار جهنم.
وذكر من أسباب الطلاق التوقعات الزائفة فوق الحدود، فيتوقع المثالية مما يقلل من قيمة نفسه وشريكه، والعلاقة الحقيقية هي التوقعات المنطقية العقلية التي تعني التناغم مع عناصر القوة في الشريك فتتكيف مع عناصر الضعف فترتقي بها لتصلح ما يمكن إصلاحه.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الأزمات المالية، فقال: هي تدمر المعاني الجميلة في الإنسان، وهي تئد المشاعر النبيلة التي تحكم العلاقة الحقيقية، فقد تصدر من الرجل المقتدر البخيل وهو عار في الرجولة، فهو نقيض الإيمان وهو سوء ظن بالله، وقد يصل الأمر به إلى أن يطمع فيستولي على مال المرأة ظلما وعدواناً.
ومنها جرثومة العنف الجسدي والنفسي فهي تعبر عن حيوانية طاغية على المعنف، فحياة النفس قائمة على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.
وآخر الأسباب هي الحرب الناعمة وتعمد العبث بالمفاهيم، فقال: فاستعاضة المفاهيم النبيلة بثقافة التبرج والسفور والاختلاط المحرم هي التي تربط الرباط المقدس بين أفراد الأسرة، وغطيت هذه المفاهيم القبيحة بعنوان المساواة بين الرجل والمرأة.
وفي ختام حديثه دعا سماحته إلى إفشاء حالة إصلاح ذات البين فتكون ثقافة في كل شخصية ومشروع، وهو الاستماع لهدي ذوي الخبرة من أهل الصلاح قبل التهافت على أروقة المحاكم، فهي شعبة من شعب النبوة كما في الروايات.