أقلام

السيد علي باقر الموسى: الباحث الجاد والعامل بصمت

علي محمد عساكر

الأخ العزيز الكريم، والصديق الرائع الجميل: السيد علي باقر الموسى من الباحثين الجادين الذين أولوا عناية خاصة بالتراث الأحسائي المخطوط لعلمائنا، حتى شدّ الرحال إلى أكثر من دولة ودولة كالهند وإيران والعراق وتركيا وغيرها، بحثا عن هذه المخطوطات، وجمعا لها، وتصوير المتاح منها، والعمل -برفقة جمع من الباحثين والكتّاب- على تحقيقها وطبعها ونشرها خدمة للعلم والعلماء، حتى تمّ طباعة الكثير من المؤلفات، وتحقيق الكثير من المخطوطات بفضل الله تعالى وبركة هذه الجهود المباركة.
وقد كتب هو عن بعض هذه الرحلات، ككتابته عن رحلته إلى الهند، وعن رحلته إلى شيراز في إيران، كما ييمر علينا اثماء عد بعض بحوثه.

@ من بحوثه ومقالاته:
كتب السيد علي عدة بحوث ومقالات ما بين مختصرات ومطولات، ونشر بعضها في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وأكثر ما نشر في (مجلة الساحل) ومن ذلك:
1- التيمية بلد الأربعين مسجدا ومسقط رأس العالم الكبير ابن أبي جمهور.
2- مسجد سليم التاريخي بالقارة.
3- كتاب مخطوط في الطب من القرن العاشر الهجري للشيخ أحمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي.
4- مخطوطة مهاجرة من القرن العاشر الهجري للشيخ إبراهيم بن الحسن الدراق الخطي.
5- بلدة ابن أبي جمهور الأحسائي حزينة لسقوط جيرانها الشهداء في الدالوة.
6- الشيخ عبد الكريم الممتن: إضاءة من سيرته.
7- الشيخ يوسف بن أبي القطيفي، من علماء القرن التاسع الهجري.
8- ابن أبي جمهور الأحسائي، في بلدة الدرعية بنجد.
9- ملاحظات منهجية بين الشيخ محمد تقي الأحسائي وأبيه الشيخ الأوحد.
10- الأخباريون الشيعة ومنهج الموادعة المتصالح مع الواقع.
11- السيد ماجد البحراني، الانتساب والنسب الهاشمي، جزء أول.
12- السيد ماجد البحراني، السيرة والمسيرة، جزء ثاني.
13- علماء الأحساء بالقرن الحادي عشر في دار العلم شيراز.
14- الرحلة الشيرازية، زيارة معرفية تاريخية.
15- الرحلة الهندية، زيارة معرفية تاريخية.
16- مسجد جواثا التاريخي بالأحساء.
17- تحقيق مخطوطة رسالة وقف.
كما عمل فهرسة لمخطوطات الشيخ أحمد الأحسائي من فهارس المخطوطات الموجودة في مكتبات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نشرت في العددين الأول والثاني من مجلة التراث، السنة الأولى، شوال 1418هـ ـ شباط 1998م، ص: 123.
ولديه كتاب لم يطبع باسم (المدونة) وهو عبارة عن (كتابات متفرقة في التراث والرحلات والحوارات)

@ السيد علي باقر والقيم أخلاقية:
يمتاز السيد علي باقر بالخلق العالي، والأدب السامي، المتجسد في أقواله وأفعاله على السواء، ومن قيمه الأخلاقية الرفيعة ما يلي:

أولا: احترام الآخرين، وتقديره لمشاعرهم، وحرصه على عدم إحراجهم حتى ولو بإظهار الخلاف الفكري معهم.
ومن أمثلة ذلك أنه في بعض تشريفاته لي بزيارتي في منزلي المتواضع، دار بيننا حديث واسع ومتشعب عن الحراك الفكري والثقافي في منطقتنا الغالية (الأحساء) وأثناء الحوار تطرقت أنا إلى بعض الشخصيات الثقافية الفاعلة في المجتمع، وأشدت ببعض جهودها في ذلك.
ولكنني لاحظت أن السيد علي كان يستمع إليّ بهدوء وابتسامة من دون أي تعليق بأي شيء على ما أقول، إلى أن سجلت ملحوظة أو وجهة نظر حول تلك الشخصية التي كنت أشيد بها، وأنا فعلا أحبها من كل قلبي، وأكن لها كل التقدير والاحترام.
وهنا داخل السيد ليوافقني في ملحوظتي، ثم يعلق بما مضمونه: كنت أريد أن أذكر هذه الملحوظة، لكنني تركت ذلك خشية إحراجك، أو جرح مشاعرك، لعلمي بما بينك وبين هذه الشخصية من علاقة.
وحقيقة: أكبرت له هذا الموقف، وإن كنت في الوقت ذاته وضحت له بأن تقديري لهذه الشخصية أو تلك لا يعني موافقتي لها في كل شيء، فالاختلاف طبيعي جدا، وهو سنة الحياة.

ثانيا: التعاون الكبير مع الكتّاب والباحثين في مشاريعهم الكتابية خصوصا فيما يتعلق بالأحساء ومعالمها وتراثها، سواء بدعوتهم إلى الكتابة عن شخصيات علمية، أو معالم أثرية أو دينية، أو تحقيق مخطوطات العلماء، وكذا توفيره لهم ما يستطيع توفيره من مصادر ومعلومات متعلقة بمواضيع تلك البحوث والتحقيقات.
ولقد كان من أهم وأكبر المتعاونين معي أثناء تأليف كتابي (السيد محمد حسن الشخص تاريخ مشرق وحياة حافلة)
فهو الذي تواصل معي ليخبرني عن تعاونه مع الأديب السيد هاشم بن عبد الرضا الشخص (أبو ياسر) في العمل على إحياء تراث الخطيب الشهير السيد محمد حسن الشخص من خلال تحقيق مؤلفاته وطبعها، وكذا تأليف كتاب يحكي سيرته ويقصّ حياته، وأنه والسيد الشخص يرشحانني لتولي مهمة تأليف الكتاب عن سيرته.
كما أنه عمل بجد واجتهاد في توفير كل ما يستطيع توفيره من مصادر ومراجع، كانت خير معين لي على إكمال الكتاب.
وأستطيع القول: إن هذا التعاون والعمل على توفير المصادر كان منه منذ انبثاق الفكرة والاتفاق عليها إلى أن فرغت من تأليف الكتاب، وهو كلما حصل على مصدر زودني به متفضلا مشكورا.
ومما أرسله إليّ:
1- رسائل السيد محمد حسن الشخص.
وهي مجموعة رسائل موجهة إلى السيد الشخص بعضها مباشرة من المرسل إلى السيد الشخص، وبعضها الآخر جوابية لرسائل من السيد نفسه، وقد أرسلها السيد علي إليّ منسوخة في ورد، وبعد ذلك حصلت عليها (بخط اليد) عن طريق السيد هاشم الشخص.
وقد استفدت من هذه الرسائل كثيرا، خصوصا أثناء حديثي عن علاقات السيد الشخص الواسعة وتوظيفه لها في خدمة الدين والمجتمع على أكثر من صعيد وصعيد.

2- تقديم السيد محمد حسن الشخص لكتاب (الدروع الداودية في معاجز العترة العلوية) لمؤلفه الخطيب الملا داود بن الشيخ سلمان الكعبي، المطبوع سنة 1371هـ في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
أيضا أرسله إليّ في ورد، ثم حصلت عليه بعد ذلك في الكتاب نفسه، واستفدت منه أثناء حديثي عن دور السيد الشخص في طباعة كتب الآخرين، والتقديم لها.

3- كتاب (ذكرى حجة الإسلام العلامة السيد ناصر الأحسائي) لمؤلفه السيد محمد حسن الشخص، وهو في ترجمة آية الله السيد ناصر بن السيد هاشم بن السيد أحمد بن الحسين بن سليمان المبرزي الأحسائي، المولود سنة 1291هـ المتوفى سنة 1358هـ.
وأثناء حديثي عن الحراك الثقافي للسيد الشخص، وتحديدا حين كنت بصدد عرض مؤلفاته رحمه الله، قدمت عرضا موسعا لهذا الكتاب في ص156-162، تكلمت فيه عن أهمية الكتاب، وشهرته، ومدى الاعتماد عليه، والرجوع إليه، ومنهج السيد الشخص في تأليفه له…

4- دراسة السيد محمد حسن الشخص التاريخية عن آل ياسين، التي كتبها ونشرها السيد الشخص في (مجلة البيان) بمناسبة وفاة آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين، وفيها تحدث عن بعض أعلام هذه الأسرة المباركة. وهي دراسة ضافية ومهمة، ولها قيمتها العلمية والتاريخية الكبيرة.
وأيضا أثناء حديثي عن الحراك الثقافي للسيد الشخص، والذي كان منه نشره في الصحف والمجلات، وضعت هذه الدراسة كاملة بعد أن قدمت لها في ص146 بقولي: (المؤسف حقا أننا لم نتمكن من العثور على جميع ما نشره في تلك الصحف والمجلات شعرا ونثرا لعدم توفرها لدينا، وأيضا لعدم معرفتنا بجميع تلك الصحف والمجلات، وكذا الأعداد التي نشر فيها ما نشر من نثره وشعره، وكل ما حصلنا عليه هو هذه الدراسة التاريخية عن (آل ياسين) التي زوّدنا بها الأخ السيد علي باقر الموسى مشكورا، وبحسب إفادته أنها منشورة في بعض أعداد (مجلة البيان) التي تصدر عن دار البيان في النجف الأشرف، تحت عنوان: (دراسة تاريخية: آل ياسين) وقد كتبها ونشرها بمناسبة وفاة آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين، وفيها تحدث عن بعض أعلام هذه الأسرة المباركة)

إلى غير ذلك مما أرسله إليّ واستفدت منه في تأليف كتابي، إضافة إلى المراسلات الكثيرة التي دارت بيننا أثناء تأليف الكتاب، التي في بعضها أطلب منه العمل على توفير بعض المصادر، وفي بعضها أخبره عمّا تمّ إنجازه من الكتاب، وفي بعضها يخبرني هو عن معلومة معينة وقف عليها في مصدر معين لأبحث عنه عن طريقي.

ثالثا: التواضع، والعمل بصمت، وعدم حب الظهور:
فقد قام السيد علي بما قام به من جهود كبيرة في جمع تلك المخطوطات من مختلف الدول، وكتب ما كتب من بحوث ومواضيع ومقالات، وسعى في طبع وتحقيق الكثير من المخطوطات بالتنسيق مع الباحثين والتعاون معهم، بصمت مطبق، وبعيدا عن أي ضجيج إعلامي.
ومن تواضعه وعدم حبه للظهور أنني حين طلبت منه أن يكتب لي ترجمة لنفسه لأضعها في كتابي عن السيد الشخص تقديرا لجهوده الكبيرة، اعتذر عن ذلك، ولكنه تحت وطأة إصراري وإلحاحي كتب هذه الأسطر المضغوطة: (خلال سنوات مضت من سني عمري، خضت فيها عباب البحث والتقصي والكتابة تمثلت في مساهمات ثقافية، وكذلك مساهمة مع جمع من المهتمين بالتراث في مبادرات مباركة بإحياء التراث المخطوط المنسي لعلمائنا الأجلاء الذين كانت لهم عطاءات عظيمة في إثراء المكتبة الاسلامية المشيدة بمختلف العلوم والفنون منذ بداية القرن التاسع الهجري، والتي كان من ثمار هذه المبادرات ونتائجها الطيبة ولله الحمد، حركة تحقيق مخطوطات ثم طباعتها، ورحلات معرفية علمية، وكتابة بحوث ودراسات، وحفظ صور مخطوطات مهمة، ولقاءات بعلماء فكر)
ولسبب (ما) لا داعي لذكره الآن، لم أضع هذه الترجمة رغم اختصارها في الكتاب، وأرسلت إليه معتذرا وموضحا السبب في ذلك، فكتب إليّ نصا: (حياك الله شيخنا الجليل:
ما في أي مشكلة، لا يحتاج وضعها، أنا كتبتها تلبية لطلبك الكريم)

الخاتمة:
تربطني بالسيد علي باقر علاقة ممتازة، وتعاون ثقافي جميل، وجمعتني به لقاءات عدة، وشرفني بزيارته عدة مرات استفدت منها الكثير، ولا شك أنني سعيد جدا بهذه العلاقة والصداقة التي أغبط نفسي عليها، وأعتبرها مكسبا كبيرا لي.

والصور المرفقة كانت لتشريفه بزيارتي مساء يوم الأربعاء 7 ربيع الآخر 1441هـ 4 ديسمبر 2019م وكان المفترض أن يكون برفقته سماحة الشيخ حبيب الهديبي ليزوّدني ببعض المعلومات الشفهية عن السيد الشخص، ولكن الشيخ نسي الموعد فدار حديث مختصر عن السيد الشخص، ثم تحوّل لقاؤنا إلى جلسة عامة وأحاديث متنوعة، وقد حضر اللقاء الأخوان الكريمان والصديقان الحبيبان الأستاذ يوسف البراهيم بثوبه الأبيض، والمهندس عادل الجمعان بشماغه الأحمر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى