جزء من كل
حليمة بن عطاء
أعزائي القراء ! هل أخبرتكم بمشكلة سمير النجار ؟! الذي طلق زوجته الأولى من أجل أن يتزوج بالثانية! لاشتراط أبيها ذلك لقبوله زوجا لابنته ! هاهو الآن يواجه دعوى طلاق رفعتها عليه زوجته الثانية بعد أن ترك الأولى وكل عائلته من أجلها ! لقد بات حبيس داره وجسدًا بلا روح لعام كامل! وذلك لأنه لن تفارقه محبوبته فقط بل وأبناءه أيضا !
كيف ذلك ؟!
هل يعقل أن القدر أراد أن ينصف تلك الزوجة المظلومة ؟!
أتراها دعت الله في ليلة ظلماء وبثت ظلامتها إلى العزيز الجبار فيستجاب دعائها حتى بعد مضي عقد من زمن ارتباطهما معا ؟!
لا أخفيكم سرا بأنني سأشعر في كل يوم غصة لو أنني كنت في مكانها!
بل إن هناك من رسمت خطة محكمة الإتقان لتتطلق من زوجها تاركة صغارها عنده لتتزوج من فتى أحلامها وتربي أبناءه ليعيش أبنائها أيتاما منها وهي على قيد الحياة !
ومالي ومال هؤلاء !
ولم أهتم بمن أضروا بحياتهم بأنفسهم ؟!
دعوني أخبركم بنقيض هؤلاء ، الجانب السعيد والجميل من هذه الحياة ، هناك ذاك الشاب الوسيم الذي تقدم لخطبة ابنة خاله الأرملة وأما لطفين بل وتكبره عامان أيضا !
وهو الذي لم يسبق له الزواج من قبل !
بل وهناك تلك الفتاة الشابة التي تزوجت من رجل متزوج ويمر بمشكلات كثيرة مع زوجته وباتت هي البلسم لكليهما فأصبحت كالأخت لها والزوجة المحبة له بل وجعتلهما يسافران معا ليجددا شهر عسلهما وتبقى هي مع أبنائهما الذين أحبوها كثيرا جدا وكأنها هي أمهم لتختفي تلك المشكلات ويعم السلام في هذا البيت !
ترى كيف لهم أن يكونوا ناضجين إلى هذا الحد ؟!
فهم لا ينقصهم المال ولا الجمال ولا العائلة !
أنا حقا لا أفهم !
هل الأصالة والشهامة تتواجد لدى أشخاص وتغيب لدى البعض الآخر ؟!
وهم ليسوا الحالة الوحيدة التي مرت علي ، فهناك الكثير غيرهم ممن قاموا بذات الشئ!
ووجدتهم جميعا يعيشون وهم سعيدين بتصالحهم مع ذواتهم!
بل وعناصر فعالة في المجتمع !
ترى .. من يحدد رغباتنا وخياراتنا في هذه الحياة ؟!
ومن يوجهنا ويرشدنا إن كنا على صواب أو على خطأ !
وماذا تمثل لنا الحياة الزوجية ؟!
هل هي شهوات ورغبات وحياة أعيشها أنا وشريكي فقط ولا شأن لأحد فيها ؟!
أم أن حياتنا تؤثر على الآخرين ؟!
حسنا .. أنا أعلم أن الزواج مشروع مقدس !
وأننا حين نمعن قليلا في دين الله وسير أهل البيت نجدهم قد وضعوا لنا ضوابط كثيرة تخص الحياة عامة والعلاقة الزوجية بشكل خاص ، ومن يطبقها ويلتزم بها سيحفظ كرامته ويعيش سيدا على هذه الأرض !
ولكن مالا أفهمه كيف لشخصان أن يؤثرا فيّ وعلى مجتمع بأكمله بهذا الشكل ؟!
أجل الزواج بناء أسرة ، والأسرة أصغر وحدة في المجتمع ، وإذا اختل ميزان هذه الأسرة سيتأثر المجتمع بها !
فالأم تقلق والخالة تقلق والعمة والعم والخال والجد والأخت والأخ والجار والجارة !
بل وستتعطل حياة وأعمال هؤلاء ممن تخبطوا في حياتهم وعادوا فيها إلى نقطة الصفر !
لذا أنا وأنت جزء مهم وعناصر فعالة في هذه الحياة !!
فنحن لا نعيش لوحدنا فقط !
أنا وأنت شركاء في بناء هذا المجتمع وإعمار هذه الأرض !
فنحن نبني شركة بعد دخولنا لعش الزوجية ، فمن جعلت له حق القوامة سيكون مديرا والزوجة الشريكة والمساعدة والأبناء العاملين فيها ، والذين سيفتحون أفرعا جديدة وممتدة لهذه الشركة بعد تأسيسهم بأساس قويم!
إذا فتعلم كيفية إدارة الحياة الزوجية بذكاء والتخطيط لها منذ البداية ومراعاة تطبيق حدود الله فيها وعدم تجاوزها ، سيحفظ جهودنا ومساعينا في بناء هذا المجتمع وتعمير هذه المعمورة !
لذا يؤثر بي سماع اختلال أو توازن حياة أشخاص آخرين !
فصلاح بيتي من صلاح مجتمعي ، والعكس صحيح !
صدق أميري علي حين قال ” أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ” !