زيارة البابا للمرجع الأعلى
الشيخ حيدر السندي
لا شك في أن لزيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية وسيد دولة الفاتيكان للمرجع الكبير السيد علي السيستاني ( حفظه الله) دلالات كبيرة ، و ينبغي أن تستثمر هذه الزيارة بالحد الأعلى ، وذلك :
١- لتدعيم المشتركات ، و أهمها قيمة الدين وفاعليته ، والقيم الإنسانيّة الفطريّة، في زمن التشكيك في القيم الروحيّة والأخلاقيّة.
٢- مواجهة الالحاد ، و أصول النظرة الماديّة ، و مناهج التشكيك في قيمة المعرفة.
٣- الدعوة إلى الحوار الأدياني البناء المبني على الأصول العلميّة ، و مواجهة دعاة التطرف و مثيري الفتن خصوصاً المسيئين إلى الرموز الدينية، كشخصية النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) ، و للأسف بعضهم من رجال الكنيسة ، وفي فضائيات تبث على البلاد الإسلامية ، فينبغي الوقوف في وجه هؤلاء ، وكشف زيف مباديء اليبرالية التي تشرعن ذلك تحت غطاء الحريات الشخصية.
كما إن من المهم جداً أن لا نغفل عن المشروع التبشيري الذي تصرف الكنيسة فيه مليارات الدولارات ، و تجيش فيه مئات الآلاف من المبشرين ، فمطامع المبشرين لا تزال قائمة ، و اجزم أنهم سوف يحاولون استثمار هذا الحدث لانجاح مشروعهم ، ولو بالحصول على القبول ، و حسن الظن عند بسطاء الناس ، و أصحاب الثقافة الدينية المحدودة ، ولا شك عندي في وعي مرجعيتنا العليا ، و التفاتها إلى هذا ، وإني متيقن بأنها ستجعل مثل هذا الحدث – مهما كانت دوافع الكنيسة -،في صالح مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
ونحن كباحثين في الشأن الديني مدعوون اليوم بعد اتصال الحضارات وتلاقي الثقافات ، و تطور وسائل التواصل، و تناقل المعلومات إلى دراسة جادة للديانات المختلفة بما فيها المسيحية ، كما إن علينا أن نطّلع على دراساتهم حول الإسلام والمسلمين لتصحيح المفاهيم الخاطئة، و دفع الشبهات ، و الدعوة إلى الدين الحق بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن.
لقد استطاعت المرجعية بعقلانيتها ، وحكمتها ، و اتزانها ، و واقعيتها أن تحتل موقع المركزيّة ، فتهوي إليها القلوب في عاصمة التشيع ، كما إن الدين الإلهي الفطري المتجسد في قيم مذهب أهل البيت( عليهم السلام) – والذي جسد روح التسامح والتعايش ، و صون حرمات وحقوق الآخر ما دام لا يعتدي انطلاقاً من قوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} – هو الذي كلَّلَ المرجعية بإكليل القيمة الإلهيّة العاليّة.
لقد حاول أعداء الإسلام تشويه صورته بتيارات التطرف ، و ممارسة الذبح على الهوية ، و التفجير بالتفخيخ أو الانتحار ، و توثيق ذلك لالصاق العنف بالإسلام ، و استطاعت المرجعية الدينية أن تكون جبل التسامح الذي تتكسر عنده جميع أمواج التهم و الافتراءات والدعوات المضللة.