التكتم
جواد المعراج
عن الإمام الصادق (عليه السلام): “لا يخاصم إلا من قد ضاق بما في صدره”. ( ميزان الحكمة، التوحيد:461 / ح 35 ).
الأفكار والسلوكيات الإنسانية تختلف بين الشرائح الاجتماعية، فهناك شرائح تتبع الوسائل التي لها دور في احترام الاختلاف وتهدئة الأمور في المجتمع بشكل واعٍ، بينما هناك شرائح تلجأ إلى استخدام مختلف الطرق الهجومية التي تمهد الطريق لتوسيع فجوة المعركة في البيئة الاجتماعية من أجل خلق مشاكل أخرى.
التكتم بين فترة وأخرى من خلال الابتعاد عن المناطق التي يوجد بها الصراع والضجة الاجتماعية يمهد الطريق أمام احتواء الخلافات بشكل واعٍ بعيداً عن الدخول في مواجهة مباشرة مع الأطراف الأخرى، وخصوصاً أن الأطراف المتعاركة تريد إبقاء مبادرة الآخر التي تريد تخفيف حجم المشكلة في إطار ضيق، نظراً لشدة الموقف العدائي، فإن أصحاب الموقف العدائي يريدون اتخاذ قرار الخصومة.
العملية تحتاج للعمل والجهد، الأمر الذي يتطلب الصبر وسعة الصدر والهدوء وعدم الانسياق وراء الغضب أو اللجوء لاستخدام الانتقادات السلبية التي تهدف لإثارة النوازع الانتقامية في النفوس. معرفة ما سوف يحصل بالخطوات القادمة يعد عامل مساعد على استكمال المهمة دون الشعور بالخوف الشديد، وخاصة أن الأطراف المتخاصمة تريد حرق الطبخة الخاصة بالخصم (اتخاذ قرار الهجوم والخصومة) بهدف بث الخوف الشديد في نفسية الآخر.
قبل الإقدام على إطلاق المبادرة التي تريد احتواء الخلاف يجب إنضاج الطبخة على النار الهادئة، ولهذا يتطلب ذلك التكتم بين فترة وأخرى دون الدخول في المواجهة المباشرة.
إن الآخر لديه الأمل والقدرة على إزالة الحالة الانتقامية الخاصة به من العقل، ولكن الأحقاد ما تزال مندمجة في عقول فئة معينة من الأطراف المتخاصمة فهذا ما يجعلها تنتقم من الآخر نتيجة عدم السيطرة على الغضب، وبالتالي فإن السيطرة على النفس والخلافات بشكل واعٍ يؤدي إلى تحقيق الأهداف ذات الأثر الإيجابي التي لا تصب في تعطيل التفكير عن التعامل مع المشكلة.