أقلام

التنقيب عن مواطن الامتنان والتقدير

د. علي القضيب

لطالما ألقت الظروف أحمالها على ظهورنا، فمسؤولية أن تكون شبه متكامل مشبِعاً لأوجه الحياة المختلفة بتوازن ومتعة يعد من أكبر التحديات لدى الفرد. فمرة تسأل نفسك: هل أنا أبٌ رحيم؟ أو هل أنا أمٌ تستحق التقدير؟ هل أنا ابنٌ بار؟ وهل أنا موظفٌ مخلص أو هل أنا طالبٌ نجيب؟
كي يتحقق هذا لابد أن تكون رحيماً بنفسك أولاً وأن تخفف من الحمل الذي على كاهلك حتى تكون أكثر خفة ورشاقة. فالحياة تحتاج إلى جسم رشيق وعقل حصيف، وهذا لا يتأتى إلا من خلال التخلص من المديونية التي فوق ظهورنا.
أنا لا أقصد الديون المادية، ولكن الديون المعنوية التي تحتاج منا لفته بسيطة ورد حزمة الجميل والامتنان لأصحابها كي تصبح عقولنا أكثر تركيزاً
وقلوبنا أكثر بهجة ونقاء.
فيا ترى ما هي مواطن التقدير والامتنان ورد الجميل التي نسيناها مع ازدحام الحياة؟
أود أن أسرد لكم خمسة ميادين يجب الوقوف عندها واستشعارها بوعي كامل:
1- الامتنان والتقدير للوالدين، فهما من كانا سبباً في وجودك ووجودي. هذا الأب وهذه الأم اللذان أخذت من قوتهما لأقوى علي أن أرد الجميل لهما بالكلمة الطيبة وبالمعاملة الحسنة، فرضاهما رضاً للرب سبحانه. والأبواب كثيرة ولا مجال لسردها هنا، ولكن كن على يقين بأن أبواب التوفيق والفلاح لا تصل إليها إلا من خلال بوابة الوالدين.

2- رد الجميل لكل إنسان أسدى إليك معروفاً كبيراً كان أوصغيراً، ومن ذلك رد السلام والابتسام. ابحث عن الطريقة التي ترد بها الجميل لأصحابه، وتذكر أن رد الجميل مغلفاً بالمشاعر والأحاسيس الصادقة لهو جميل آخر.

3- الامتنان والتقدير للمجتمع الذي احتواك وأعطاك، فمن خلاله استطعت أن تصقل مهاراتك وأن تجمع ثروثك فما عندك اليوم لم يكن ليكن لو كنت وحيداً في الصحراء. آن الأوان أن تقدم لمجتمعك شد مئزرك وتبحث عن الإمكانات والفرص المتاحة، ومن ذلك أن توظف جزءاً من ثروتك لهذا المجتمع وأن تكون مخلصاً في عطائك.

4- كل التقدير والامتنان للوطن الغالي المظلة الكبرى التي ينمو
ويترعرع المجتمع تحت ظلها، فليس هناك مجتمع دون وطن، فكيف ترد الجميل للوطن؟
هذه البوابة واسعة فمن ردك الجميل في الشرائح الثلاث آنفة الذكر تكون قد حققت الامتنان للوطن، ومن ذلك شعورك دوماً بنعمة الأمن والأمان والعيش الرغيد في هذا الوطن.

5- الشريحة الخامسة تعد شريحة محورية ورئيسة حيث الشرائح الأخرى تدور حولها، وهو الامتنان والشكر والتقدير لله سبحانه وتعالى فهو الذي أعطى وهو الذي رزق وهو الذي أمات وهو الذي يحيي. ياترى كيف ترد الجميل للخالق سبحانه؟
تستطيع أن تشكر الله وترد الجميل من خلال ثلاثة محاور:

المحور الأول– هو أن تكون ممتناً ومفعلاً للشرائح الأربعة: الوالدين والأشخاص والمجتمع والوطن، ففي الحديث: من لايشكر المخلوق لا يشكر الخالق.
المحور الثاني- هو طاعته وعبادته لأنها سبب من أسباب التوفيق والتخفيف من أوزارنا التي على ظهورنا
المحور الثالث– استشعار نعم الله علينا ولطفه وعنايته بنا، ومن ذلك الهواء ونعمة الحياة فكيف نرد الجميل أمام النعم التي لاتعد ولا تحصى؟ هو أن لا نستخدم نعمه في معصيته وكلنا نعم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى