للعلاقة مذاق خاص على صفحات النت
زاهر العبدالله
عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم» إحياء علوم الدين ”“ 1/ 96″.
مقدمة:
لو تأملنا الحديث النبوي الشريف بعين القلب الذي في مقدمة المقال وجدنا تعاليم إسلامية كثيرة في كلامه الجامع – روحي فداه – وسنذكر جانباً مما تعلمناه من هذا الحديث الشريف في حياتنا اليوم.
الكل يعلم مدى تأثير الكلمات على النفس البشرية سواء كانت سلبية أو إيجابية، ويزداد خطرها لو كانت بين الذكر والأنثى من غير المحارم، فقد كان الحديث مع المرأة سابقاً يكاد يكون منعدماً بسبب العرف الاجتماعي السائد على أن مطلق الكلام عند الفقهاء لا إشكال فيه، ولكن إذا لم يترتب عليه مفسدة مثل الريبة والشهوة وغيرها من المحرمات، ولكن اليوم تطورت أساليب التواصل بين أفراد المجتمع، وأصبح لسان التخاطب بين أفرادها هي لوحة المفاتيح التي تتدفق فيها المعارف العامة عن أحوال الناس سواء كانت هذه المعارف في الثقافة العامة أو الأحداث التي يعيشها المجتمع أو العلاقات الشخصية من الحياة الخاصة، وكذلك تبادل الصور الشخصية في تلك الصفحات، فبدأ ناقوس الخطر يدق الأبواب، ويتعدى حدوده، فلا يمكن السكوت عنها، ومن حقكم علينا أن نبين لكم مقدار هذا الخطر. وحديثنا سينصب على الفيس بوك والماسنجر والوات ساب والمنتديات وكل المواقع التي يتواصل الناس من خلالها. ونقاط البحث ما يلي:
1 – تعريف مذاق العلاقة بين أفراد المجتمع.
2 – الجهل في استخدام العبارات بين الجنسين.
3 – التعاطي الصحيح مع نمط العلاقات في صفحات الإنترنت.
«1» – تعريف مذاق العلاقة بين أفراد المجتمع:
عند علماء اللغة يعرفون الذوق مصطلحات مختلفة حسب العنوان المرتبط به فمثلا «الذوق/ إدراك الطعم أن الذوق تقريب جسم المذوق إلى حاسة الذوق، والادراك للطعم هو وجدانه وإن لم يكن هناك إحساس». وتعددت تعريفات المذاق عند علماء اللغة وأقرب معنى هو التعاطي الوجداني مع من يخالطه بمعنى أخر.
المذاق: هو نوع العلاقة التي يشعر بها الإنسان في تعامله مع الآخر. ولنقرب الفكرة أكثر فعلاقة الإنسان مع أبيه تختلف عن علاقته مع أمه أو أخته أو صديقه أو أخيه، فلكل علاقة مذاقها الخاص لذا لا بد أن نعطي لكل طرف مذاقاً معيناً من العلاقة يتناسب مع طبيعة الشخص سواء كان ذكرا أم أنثى وفق الشريعة الإسلامية السمحة، وكذلك نراعي الظروف الزمانية والمكانية، ولا نخلط بين المذاقات في العلاقات، ونحن نشبه الكلمات على صفحات النت مثل الثياب التي يلبسها كل واحد منا، فليس من المعقول أن يلبس الرجل فستاناً أو تلبس المرأة ثوب رجل. وأتصور أن الفكرة وصلت للقارئ.
«2» – الجهل في استخدام العبارات بين الجنسين:
الجهل هو أساس كل خطأ في المجتمع، ولذا نحتاج أن نتعرف أكثر على نمط كل إنسان، فعلماء النفس يقسمون المجتمع عدة طبقات، ويضعون لكل مرحلة عمرية دارسة خاصة بها كما يفرقون بين طبيعة المرأة وطبيعة الرجل وما يتناسب مع كل طرف. ومن هنا نشير إلى نوع العبارات التي لو راعتها الأخت المؤمنة أعانت الرجل في عدم سقوطه في حبائل الشيطان وكذا العبارات التي لو راعها الرجل المؤمن أعان أخته على عدم سقوطها في حبائل الشيطان عليه لعنة الله.
أختي المؤمنة راعي مشاعر الرجل، واتقِ الله وأعينيه كي يتقي الله بهذا الأسلوب:
1 – عباراتك يجب أن تكون جادة ومباشرة حتى لو كانت عبارات ثناء تكون من واقع ملموس أي قريبة للواقع.
2 – أن لا تكون لها صور خيالية تجعله يعيش عالم أحلام اليقظة من قبيل الحب والغرام وغيرها.
3 – أن لا تبالغ في الوصف فيما يطرحه من موضوع، وتكون الكلمات موجزة ومختصرة.
4 – أن تكون العبارات تزيد من موضوعه ثقافة أو معلومة جديدة.
5 – أن تكون نقداً عقلائياً فيما يطرحه من فكرة واقتراح طرق جديدة تحاول أن تغير قناعته فيما كتبه.
6 – تأطير العبارات بعبارات علمية ثقافية تلامس فكره وتبتعد عن عواطفه.
هذا مختصر الكلمات التي تناسب الرجل، فأرجو من الأخوات أن تأخذ بعين الاعتبار في التعليق على أي موضوع يطرح أو مقال، وتبتعد عن التعليق على أية صورة شخصية للرجل، أو أي شيء يمس شخصيته بشكل مباشر.
أخي المؤمن راعِ مشاعر المرأة، واتق الله وأعنها كي تتقي الله بهذا الأسلوب:
1 – احذر العبارات التي يغلب عليها العواطف صادقة كانت أم كاذبة، وابتعد عن الكلمات ذات التأثير السحري على نفسها.
2 – لا تبالغ في التعبير عن الموضوع الذي تطرحه الأنثى.
3 – لا تذكر التفاصيل بأسلوب لين وعبارات لها وقع في قلوبهن.
4 – لا تعلق على صورة وضعتها ختاماً لمقالتها، وعليك أن لا تضع صوراً مخلة للأدب العام.
5 – لا تجرحها بشكل مباشر، فليس من حقك ذلك لأنها سريعة الانفعال مع الموضوع إذا كان يلامس حياتها وتتحدث دون حدود واضحة.
6 – لا تختر الألقاب التي لها وقع نفسي مريب على من يقرؤها وأحيانا تكون خادشة للحياء العام بحجة أنها حرية شخصية.
7 – لا تضع الصور المخلة للأدب العام في توقيها وتختار صور عادية ذات معانٍ مجردة
هذا مختصر من طبيعة المرأة.
ملاحظة: هناك مؤمنات يراعون كل كلمة يكتبونها لعظم المسؤولية عليهن على صفحات النت.
تعليق مهم جدا هنا:
إنما ذكرنا مختصر العبارات التي تناسب الرجل والمرأة كي نوضح أمر بالغ الأهمية توضحه الآية الكريمة ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾32الأحزاب. شاهِدنا في هذه الآية تحذيراً لجميع النساء وإن كان المخاطب فيه نساء النبي فتعاليم رسول الله ﷺ تخص جميع بنات حواء، ولأن القول اللين عند النساء له أثر بالغ في نفس الرجل، كان واجباً عليها أن تخاف الله وتراعي مشاعر الرجل، لأن ما تكتبه ليس محصوراً في دفتر عندها في منزلها، بل هو مفتوح للجميع على صفحات النت، فهذه العبارات والكنى والألقاب والأمثال التي ما إن يقع نظر القارئ عليها تحرك عنده غرائز مكبوتة، فتنزل لعنة الله على تلك المرأة التي حركت مشاعر اللذة أو الريبة أو الشهوة عند الرجل، وكذا العكس عند الرجل فكل ثناء أو تعليق يضعه الرجل على موضوع كتبته المرأة، وحرك فيها مكامن الريبة أو الشهوة عليه لعنات الله سبحانه.
خلاصة القول: إن الكلام والصور والتوقيعات والأمثال التي تحرك غرائز الشهوة للطرفين هو من المحرمات، فعلينا أن نخاف الله سبحانه في كل عباراتنا، فهو الرقيب علينا وقد قال الله عز وجل: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾18 ق.
أسأل من الله العلي القدير أن تكون الفكرة وصلت لكل القراء المحترمين.
«3» – التعاطي الصحيح مع نمط العلاقات في صفحات الإنترنت
إذا عرفنا مدى خطر الكلمات والعبارات بشكل واضح تسنى لنا التعاطي السليم، فكل كلمة نقولها على صفحات النت وسنذكر هنا عدة محطات مؤمنة للأخوة والأخوات كي لا يقعوا فريسة العبارات التي لها سحر على نفس الإنسان ذكراً كان أم أنثى من حيث يشعر أو لا يشعر، وهي:
1 – نتسلح بسلاح التقوى والخوف من الله وتذكر الآخرة في كل لحظة نريد الكتابة فيها.
2 – لا نترك العنان للمشاعر بكلها في التعبير عن ما يعجبني من مقال أو صورة أو تعليق معين لأن من تكتب له ليس هو الوحيد الذي سيقرأ.
3 – أن لا نضع الصور أو التوقيعات «نك نيم» الذي لها مفاهيم تثير مكامن الشهوة أو الريبة على نفسية القارئ.
4 – نتعاطى مع صفحات النت على أساس الحذر واحترام الذوق العام من التعاليم الإسلامية.
5 – وجود المرشد الحكيم سواء كان ذكرا أو أنثى وعرض ما يريد كتابته عليه قبل أن يضعه على صفحة النت.
6 – التفقه في الدين سلاح متين يربطنا بالدين وفكر أهل البيت.
7 – عدم وضع الصور التي تكون في السباحة مثلاً أو بها حركات مخلة بالأدب العام.
8 – وأخيراً اجعل الميزان في كل تعليق مؤسس على شكل رسالة تريد بها النفع للجميع وليس لذات الشخصية.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين.