علي جواد الطاهر .. وجهوده في التاريخ للأدب في المملكة العربية السعودية
عبدالله بن علي الرستم
عرض وتعريف:
سررتُ بصدور كتيّب يتحدث عن الدكتور/ علي جواد الطاهر (ت 1417هـ)، وسرّني أكثر أنه بقلم الدكتور/ عبدالله الحيدري، والذي يفاجئنا بين الفينة والأخرى ببعض الإصدارات التي تنم عن تتبع هادئ، وليس هذا غريباً على الحيدري وفقه الله لإصدارات أخرى. صدر الكتيّب عن دارة الملك عبدالعزيز – مشكورة – هذا العام 1442هـ في 106 صفحات.
وقد رصد الحيدري جهود الطاهر في كل ما يتعلق بكتابه (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية) من بدايات الكتابة فيه على شكل حلقات بمجلة العرب مروراً بمتابعة الطاهر لكل حلقة يكتبها في المجلة، وانتظاره ردود الفعل على تلك الحلقات المنشورة أو حينما صدرت الطبعة الأولى في مجلدين عام 1405هـ، وذلك بعد أن كوّن علاقات متينة بأدباء المملكة ومثقفيها وشعرائها وأساتذتها الجامعيين، والكتاب – معجم المطبوعات – يعد رائداً في مجاله، خصوصاً وأن الدكتور الطاهر صاحب قلمٍ ثريٍ مفعم بثقافة موسوعية وهمّة ونشاطٍ قلَّ نظيرهما، وهذا يلمسه من له عناية واهتمام ومتابعة لإصدارات الطاهر في مجال الأدب والنقد والتحقيق، وكما قال عنه الدكتور/ عبدالله الوهيبي: (لقد بذل في تحرير هذه الموسوعة جهداً كبيراً، ليس ذلك فحسب، بل وأخذ يتصل بمن يستطيع الوصول إليه ممن له صلة بما ورد في الموسوعة بغية إظهارها قليلة الأخطاء قدر الإمكان).
ويتميز الحيدري في هذه الدراسة برصد متأنٍ ومتابعة دقيقة لمصطلحات الطاهر في كتابه (معجم المطبوعات)، بدءاً من التعريف به وبكتابه المعجم، مروراً بآراء الدكتور الطاهر في الأدب السعودي تاريخه وشعره ونثره ووظيفته؛ ليأتي بعدها تسليط الحيدري الضوءَ على انطباعات الطاهر وتعليقاته ومنهجه النقدي الذي يرى – الحيدري – أن الطاهر يطرح رأيه بحيادية تامّة دون محاباة أحد، وذلك عبر استخدامه قدرته النقدية في وصف شعراء كبار بأنه مجرد ناظمين للشعر ولا يرتقي مستواهم إلى الفحولة الشعرية، ورفع شعراء مغمورين لم يُلتفت إليهم من قبل راصدي الحركة الأدبية في المملكة، بحيث يبني آراءه دون الاعتراف بنعوت الآخرين إزاء شعر ونثر فلان وفلان من الأدباء، خصوصاً وأن الطاهر يتميز بذائقة أدبية عالية، مع تخصص في هذا المجال.
وأحب الإشارة إلى كلمة مهمة ذكرها الدكتور الوهيبي حول الدكتور الطاهر، وهي: (إن علي جواد الطاهر كان زاهداً كل الزهد في أي عائدٍ مادّيٍ يأتيه من مجلة “العرب” لقاء ما نُشر فيها من مقالات كان القرّاء يتلهفون على متابعتها، وعندما أصرّ حمد الجاسر على مكافأته طلب منه ألا يُفسد ما بينه وبين “العرب” بإدخال موضوع المادة بينهما).
أما عن الخاتمة حول قيمة كتاب (معجم المطبوعات) وأثره وطريقته وإحصائية لما رصده الطاهر في معجمه، مع موازنة بين كتابه وكتب أخرى سابقة ولاحقة، مع تسميةٍ للحيدري ورصد بلغة الأرقام لتلك الإصدارات، مع قيام الحيدري بتصحيح بعض ما وقع في معجم الطاهر والتي لا تقلل من حجم هذا العمل، وهذه التفاتة جديرة بالعناية عند الحيدري، حيث لم ينبه على تلك الأخطاء الراحل حمد الجاسر – أو فاتته – والذي كان صديقاً للطاهر، ورغم التعديلات التي ذكرها الحيدري أحب الإشارة إلى أنه لم يوفق في معلومة، وهي: في ص31 قال: (حدد مكان ميلاد عبدالله آل عمير بمحلة (النعائل)، والصواب (النعاثل)، وهي قرية معروفة في الأحساء). اهـ. والصواب: أن النعاثل ليست بقرية؛ بل هو حيٌ من أحياء الهفوف ولا زال إلى يومنا هذا.
أجدد شكري وإعجابي باختيار الدكتور الحيدري شخصية الدكتور/ علي جواد الطاهر بدراسة معجمه وإصداره في كتيّب، مع أملي أن يواصل الحيدري في دراسة ما تبقى من تراث الطاهر، ومنهجه النقدي والتحقيقي والتعليمي في مؤلفاته الأخرى، فهي لا تقل شأناً عن (معجم المطبوعات)، وأعلم أن الحيدري له القدرة على هذه المهمّة، وأحب الإشارة أخيراً أن المعجم يقع في 4 مجلدات بواقع 1994 صفحة لكافة المجلدات.